وكرمت الشعوب الأم والأمومة لدورها النبيل الإنساني والتربوي والاجتماعي فارتفع شأنها فوق كل مرتبة وفي الحديث الكريم الجنة تحت أقدام الأمهات ومنحت صفة المدرسة لكونها المعلم الأول هذا فضلا عن دورها كشريك في تطور وتقدم المجتمع في دروب الحياة بشتى ميادينها ومن هنا كان الاحتفال بعيد الام ومنحها يوماً من أيام السنة تقديراً لما تبذله من جهد في تربية أجيال الحاضر والمستقبل وتكريساً لقيم الأسرة والمحافظة على وحدة المجتمع.
وتبرز الأم كرمز للعطاء في كل الفنون والتفاصيل الحياتية انعكس بصور عدة لهذا الكائن الذي يحمل سر الحياة وتجددها حتى غدت الأم بفيض مشاعرها وتفانيها في تربية أبنائها مادة مستحبة وثرية للشعر والأدب إذ يحفل الأرث الثقافي بالتغني بالام والعلاقة الروحية بها.
إعداد أجيال من الشباب
ويقول الدكتور عز الدين محمد اختصاص علم نفس من محافظة اللاذقية ان دور المرأة بشكل عام والأم بشكل خاص لايقل أهمية عن دور الرجل الذي يعيل الأسرة ويشارك في بناء المجتمع فالأم تقوم بتربية وإعداد أجيال من الشباب وبناة المستقبل ليكونوا عناصر فعالة ومنتجة في المجتمع.
ودور الأم تجاه ابنائها حلقة في سلسلة من حلقات العمل المتكاملة لتشمل كل ميادين العمل وترى المدرسة الهام سليمان أن الأم تقوم بأدوار كثيرة في جميع مناحي الحياة فقد لعبت على مر العصور أدوارا متعددة فكانت القائدة والمناضلة والمربية فهي تربي أطفالها دون أن تتخلى عن طموحاتها بالمستقبل فهي المسؤولة بالدرجة الاولى عن تربية الناشئة بحكم ارتباطها العضوي والنفسي بهم لذلك يجب الاهتمام بها من أجل الحفاظ على المجتمع ككل.
من جانبها تقول المدرسة منال القاسم إن المرأة ركن مهم من أركان المجتمع بتطورها يتطور المجتمع وبتخلفها يتخلف لذلك يجب الالتزام والتأكيد على تعليمها وتربيتها بشكل سليم لكي تملك القدرة على حل المشكلات التي تواجهها والتفاعل مع الآخرين بطرق صحيحة.
بدورها قالت أم أمجد ربة منزل من اللاذقية.. لقد جهدت لتربية أولادي ولكي يكونوا أفضل حالاً مني فأنا لم احظ بفرصة لاكمال دراستي لذلك ركزت كل اهتمامي على تربية اولادي وتعليمهم مع إصراري اكثر على إكمال الفتاة تعليمها.
مشروع أسروي متكامل
وتتفرد الأم بنبل المشاعر وحب العطاء فاستمدت منها رموز الخصوبة والحياة والتجدد عدا عن كونها ملاذاً للطمأنينة والسلام وتقول نوال علامو رئيس فرع الاتحاد النسائي بحلب إن كل امرأة هي أم بداخلها لأنها تشكل مشروعاً أسروياً متكاملاً ونستطيع من خلالها توجيه دفة المجتمع إلى الأهداف النبيلة والسامية التي ترنو اليها كل أمة حية لافتة إلى أن المرأة العربية كان لها تأثير مميز على كل فرد من افراد الاسرة عبر التاريخ لتحقيق الرسالة الجليلة التي تتبناها.
فيما أشارت الدكتورة شهلا العجيلي مدرسة الأدب الحديث والفكر الجمالي القديم بجامعة حلب الى ان الدراسات اثبتت تفوق ابناء الام العاملة على اقرانهم في ادارة الذات حيث تنتقل الخبرات المكتسبة من الحياة العملية لدى الأم إلى أبنائها بالممارسة سواء كانت هذه الخبرات تتعلق بالعمل بالمنزل وشؤون الاسرة عموما او العمل خارج المنزل في القطاعات المختلفة.
وتقول بهيجة مصري إدلبي عضو فرع اتحاد الكتاب العرب بحلب أن المرأة التي تكون ذاتها تنتج جيلاً يعي ذاته ويثبت وجوده لذلك يجب التركيز على دور المرأة والأم في الخلية الصغرى أو الأسرة لكي نصل إلى حضارة أرقى.. بالمقابل تدعو ميادة عجان الحديد نائب رئيس لجنة سيدات الأعمال بغرفة تجارة حلب إلى النظر بوعي لدور الأم في تعزيز العلاقة بين أفراد الأسرة وكسر الحواجز وتعميق المعاملة الشفافة لتصبح الأم صديقة لأولادها وأختا لهم ما يتيح جواً من الألفة والمحبة المتبادلة رافضة أن تكون الفرحة بعيد الأم مقتصرة على هذا اليوم لأننا نعيشها في كل لحظة ومع ذلك فهو يشعرها بالبهجة والسرور ويدفعها للعمل من أجل تحقيق الأهداف المرجوة التي تعود بالفائدة على الاسرة والمجتمع.
وترى مريم مصطفى من بلدة بصرى بدرعا أن عيد الأم يشكل مناسبة للقاء الغائبين في حين يشكل عيد الأم بالنسبة لـ فاطمة محمود فرصة لاستضافة أبنائها وإعداد الأكلات المفضلة لهم عبر وجبة الغداء الممثلة بالمليحي حيث تجتمع العائلة في البيت إضافة لأطباق من أصناف الحلويات مثل المعمول بالعجوة والجوز بالإضافة إلى الراحة والفستق الحلبي.
تفاعل مع المناسبة
ويطغى عيد الأم على الأسواق وتسبق مناسبة الاحتفال به حركة بيع كثيفة ويصبح حديث الشارع حول نوع الهدية بما يطرح أفكاراً مبتكرة تزاوج بين إرضاء «ست الحبايب» وعدم تجاوز الميزانية وتأخذ الهدايا أشكالاً عدة ما بين تقديم مبلغ من المال أو أشياء رمزية.
ويستثمر اصحاب الفعاليات الاقتصادية موسم العيد عبر تشكيلة سلعية متنوعة تبدأ من الديباجات والأواني المنزلية والأدوات الكهربائية والجوالات والألبسة التي تركز على هذه المناسبات الاجتماعية فيما تبرز الإعلانات مجموعة من التبريكات والتهاني وتشير إلى تنزيلات وفرص ثمينة للشراء وتعلن المطاعم والفعاليات السياحية والترفيهية عن عروضها الخاصة بهذه المناسبة.
ويرى المهندس قاسم المسالمة رئيس غرفة صناعة وتجارة درعا أن المناسبات عموماً تلعب دوراً في ترويج السلع نظراً للعلاقة الشرائية التي تربط بين المستهلك من جانب والمناسبة من جانب آخر مبيناً أن حركة المبيع بحسب التجار تحسنت خصوصا في مجال الألبسة والهدايا والورود الطبيعية والاصطناعية والمطبوعات والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية.
كما استعدت مؤسسات ودوائر حكومية وأهلية للتفاعل مع مناسبة عيد الأم فأشارت ربيعة بجبوج رئيسة المكتب الإداري لفرع الاتحاد النسائي إلى أن برنامج الفرع هذا العام يركز على تكريم عدد من الأمهات والمعلمات ومتقاعدات من العمل الإداري في الفرع والروابط ليصل عددهن إلى 15 معلمة وأماً سيتم تكريمهن بمدينة بصرى لافتة إلى أن برنامج التكريم يؤكد رسالة التواصل والتقدير بين الأجيال فيما بينها واشارة عرفان بالدور الذي أنيط بهن وقدمنه على أكمل وجه.
وكانت سورية من أوائل الدول التي أعلنت عيد الأم عطلة رسمية وفقاً للمرسوم التشريعي 104 عام 1988 باعتبار 21 آذار من كل عام عيداً رسمياً في الدولة تعطل فيه الجهات الرسمية والعامة للاحتفال بهذا العيد تكريماً للأم والمرأة وتقديرا لعطاءاتها وما تقدمه من أجل بناء وتنشئة الأجيال.