هب الغرب مدججا ببعض مصالحه النفطية والاستعمارية لضرب ليبيا، بعد أن وفرت له الجامعة الغطاء اللازم والضوء الأخضر لوضع اليد على الأجواء والثروات، كان الغرب ينتظر هذه الفرصة وهاهم العرب قد منحوه إياها.. فمن يلومه بعد ذلك..؟!
منذ شهر وليبيا في أزمة كبيرة من شرقها إلى غربها والعرب حائرون منقسمون على أنفسهم، لم يطرحوا مبادرة واحدة للحل، ولا حركوا ساكنا لوقف نزف الدم هناك، لكنهم ادعوا أنهم يرفضون التدخل الخارجي وإذ بهم يستدرجونه مرتين مرة بعجزهم عن مواجهته ومرة بجهلهم بتداعياته، وتناسوا أنهم سلموا ليبيا كما سلم العراق من قبل لنفس المصير عندما جاء نفس الغرب بديمقراطيته وحريته المزعومتين على ظهور دباباته وحاملات طائراته لتحرير العراقيين فإذا به يرتكب المجازر المروعة بحق مئات آلاف العراقيين، فلم نتأكد مما جاء به إلا بقدر ما تيسر له أن يخرج من دهاليز أبو غريب وفظائعه، أو مما روته مجازر الفلوجة وحديثة وبغداد والنجف وكربلاء وغيرها من الشواهد العراقية المتلاحقة!!
أكثر من ستين عاما والعرب يستنجدون ويطالبون ما يسمى المجتمع الدولي ويستصرخون ضميره الإنساني لإنقاذ فلسطين وشعبها من المحرقة الإسرائيلية المستمرة، ولكن لا حياة لمن تنادي، فأمن إسرائيل وحياة مجرميها وترف مستوطنيها أهم بكثير من العرب وصرخاتهم وأغلى بكثير من حقوقهم ودمائهم وبقائهم..
يقال إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ولكن على ما يبدو أن بعض العرب مستعدون لأن يلدغوا من الجحر ذاته كل مرة، فثمة شيء ما يشبه الحريق ينتقل من بلد عربي إلى آخر تحركه يد واحدة تأخذ على عاتقها مسؤولية إشعال الجبهات واحدة تلو الأخرى، وبعضهم غير آبه بما يجري حوله من فوضى، ولتنعم إسرائيل بالراحة والأمن والأمان والاستقرار.
لقد بدأ الغرب تدخله في ليبيا ولا أحد يعلم متى ينتهي هذا التدخل، أو يستطيع أن يتكهن بحجم الفاتورة المترتبة على هذا التدخل سواء من دم الليبيين أم من ثرواتهم، وكما بكينا فلسطين والعراق كثيرا، يبدو أننا مرشحون اليوم لمزيد من التفجع والبكاء على بلد عربي آخر ستنال منه مخالب الذئاب وسكاكين الجزارين فهل يستفيقون؟.من يدري؟!