على تقرير بشأن انشاء بؤرة استيطانية جديدة، وتسمع وزيرة الخارجية بتوسيع حي جبل أبو غنيم وتطلب إلى المتحدث أن ينشر الخبر التقليدي المتعلق بخطة غيلو وجبل سليمان وفندق شبرد ورأس العامود. «وماذا نقول لصحفي طلب التعليق على ذلك وماذا يسمى ذلك؟ « أجل، مسيرة السلام»، تذكر المتحدث في طريقه نحو الباب، قال شيئا ما عن أن الموعد الأخير الذي حددته الرباعية الدولية لعرض مواقف الطرفين من الحدود والأمن قد انقضى الاسبوع الماضي. وتذكر الوثيقة الاسرائيلية بقائمة حانوت أكثر مما تُذكر بمواقف سياسية. وتتنهد الوزيرة وتقول: «قُل لمن يلح عليك من الصحفيين انه لا يوجد الآن من يمكن الحديث معه، وسوف نرى ما يمكن فعله بعد انقضاء العيد».
هل هذا حقا ما تفعله إدارة امريكية تريد الخير لاسرائيل؟ ألا يعلم باراك أوباما أن حل الدولتين وتوسيع المستوطنات في قلب المناطق المحتلة هما نقيضان ؟ ألا يفهم أن الزحف الدائم لجبل أبو غنيم نحو بيت لحم ودخول اليمين المتطرف إلى الشيخ جراح يستهدفان محو ما بقي من احتمال تسوية مقبولة في القدس؟ هل يؤمن بأنه يوجد زعيم فلسطيني مستعد لاجراء مفاوضات مع اسرائيل في الوقت الذي يحرق فيه بلطجية يهود ( اذا لم يكونوا مشغولين بطرد الفلسطينيين عن أرضهم ) المساجد أو يقطعون اشجار الزيتون؟ هل غفل زعيم العالم الحر أنه حينما يتحدث بنيامين نتنياهو عن دولتين فانه يقصد ان اسرائيل تضم غور الاردن وغوش عتصيون وغوش اريئيل وغوش معاليه ادوميم، ومن دون شبر واحد من ارض شعفاط المقدسة إلى الأبد؟.
طبعا، ليس اوباما أعمى ولا أخرس ولا أحمق، بل انه مجرد سياسي آخر أدار ظهره للقيم التي نشأ عليها والناس الذين آمنوا به من أجل البقاء في الحكم. وفي كتاب البروفيسور بيتر باينرت «ازمة الصهيونية» يبسط قصة الرئيس الاسود الذي ترعرع داخل جماعة يهودية وخان أبطاله الأخلاقيين، فيقول: ابراهام هيشل وستيفن فايس وهما حاخامان صهيونيان ليبراليان تجرأا على التنديد بسياسة الاستيطان وتمت تنحيتهما الى الهامش. ويصف باينرت كيف نحى اوباما مستشارين ذوي مواهب مثل دان كيرتسر وروف مالي لم يُخفوا خوفهم من جعل اسرائيل دولة ثنائية القومية أو ذات نظام فصل عنصري. ويرسم الكتاب الخط اليميني الذي رسمه زعماء يهود لم يتم ترشيحهم ابدا للانتخاب في الجماعة اليهودية، للرئيس الذي فاز في الانتخابات بتأييد 78 في المائة من أصوات اليهود.
اذا كان جون مارشهايمر وستيفن وولت قد اتهما جماعة الضغط اليهودية بالاضرار بالمصالح الاميركية، فان كتاب باينرت الشجاع يتهمها بإفساد المصالح الصهيونية. ويتحدث الليبرالي الصهيوني من نيويورك كيف صارع ناشطون حزبيون باحثون عن الكرامة تجميد المستوطنات وكيف جند متبرعون مُنتشون بالقوة أعضاء في مجلس النواب الاميركي لمواجهة البيت الابيض الذي تجرأ على انتقاد نتنياهو. ويحذر باينرت ايضا من الابتعاد السريع لأبناء الجيل الشاب في الجماعة اليهودية عن اسرائيل المحتلة التي هي دولة لا تحمل قيمهم . وهو يقترح على اليهود الذين تخفق في صدورهم قلوب صهيونية حقيقية أن يقاطعوا منتجات المستوطنات (وان يُجهدوا أنفسهم في شراء منتجات اسرائيل)، وأن يعملوا على مواجهة صناديق امريكية تمولها وان يستبدلوا بتعبيري «يهودا والسامرة» و»الضفة الغربية» تعبيري اسرائيل غير الديمقراطية».
في مطلع تشرين الاول 1973 أرسل ضابط استخبارات في القيادة الجنوبية هو النقيب سمان طوف بنيامين تقارير حذرت من أن ثمة استعدادات داخل الجيش المصري لشن حرب. وكانت كارثة يوم الغفران فقط هي التي منعت دخول الضابط الشاب السجن بسبب «سلوك غير مناسب تحت النار». ويتجرأ باينرت على أن يغسل على رؤوس الأشهاد الغسيل الاسرائيلي الوسخ ويندد بالرئيس الذي يمنح اسرائيل مادة التنظيف. وبسبب هذا السلوك يصلب ناشطون سياسيون يمينيون وآخرون من أنصار ما بعد الصهيونية سمان طوف من نيويورك وهو الرسول الذي يحذر من الكارثة الكبيرة التي تكاد تحدق بأرض الميعاد.