كي لا يموت..
كتب الأربعاء 18-4-2012 لؤي ماجد سلمان أثار انتباهي بعثرة مكتبتي الصغيرة, الشعر موزع يسرق من رف الرواية مكاناً, ومن القصص العالمية زماناً, من المُترجَم حيز صغير, كتب الفلسفة مختبئة خلف ألف ليلة وليلة, تطل عناوينها بخجل, الغبار يعفر وجه الشيخ الرئيس, يتمدد بكل طمأنينة على المنطق,
أما مجموعة الأغاني للأصفهاني, والعقد الفريد, بدت كأشرطة كاسيت ممغنطة لم يعد لها لزوم في زمن الحداثة, لم يلفت انتباهي بالتأكيد بعثرة أجزاء ابن خلدون, أو لزوميات المعري, ولا صمت جرير من محاذاة الفرزدق إليه. حتى الكتب التي اقتنيتها لأهميتها ولم أقرأها بعد, لم يؤنبني ضميري على تجاهلها, ما أثار فضولي في الحقيقة ديوان الشاعر ابراهيم المصري « الشعر كائن بلا عمل» إن كان الشعر كائناً بلا عمل, لماذا نكتبه إذاً؟ ومن قلع عيون الشعر؟ القارئ من جعله يتقاعد, أو أنهم «كومسينجية» الكتاب, تجار البضاعة الرائجة, الذين حولوا مكتباتهم إلى «بسطات» هم من سرحوه من عمله, بعد أن رفضوا وضع كتاب شعر على رفوف مكتباتهم, حتى على سبيل الأمانة, بينما تمتلئ واجهاتهم بكتب التنجيم والتبصير, والأبراج الصينية والعربية, كتب عن «ليلة الدخلة» و«أربعون يوم عسل» كتب المطبخ التي تتحدث عن الوصفات السحرية من جميع الدول العربية, المصرية, المغربية, السعودية, حتى «الكبسات» الخليجية المليئة بالزفرة, كلها تتصدر الواجهة, باستثناء المطبخ الفلسطيني, لم يكن حاضراً, وكأنه يعتمد في غذائه على ما تعده الدول غير الشقيقة, أو الوجبات الجاهزة , كل أنواع الكتب حاضرة ينضح منها دسم السمن, وتدني المستوى التي وصلت إليها المكتبة العربية هذا العصر.
تذكرت أبا حيان التوحيدي كيف أحرق كتبه, والداراني الذي ألقى بمؤلفاته في التنور, الحسن البصري أيضاً, هل يقبلون اعتذاري, بعد لومي لهم على ما حرقوه من مؤلفات؟! ورفضوا أن يتوارثها بعدهم قوم أقرأ, أو أعتذر من القارئ الذي نسي أن الشعر هو ديوان العرب, وليس كتاب «الشيف رمزي» ومجموعة الفتافيت, الشاعر محمود درويش أيضاً يستحق أن أقدم له اعتذاراً, لرفضه الرباط الأسري حتى لا يستهلك نفسه بالكلام, ربما كان علينا أن نعتذر من الوراق الذي ضيعته الحداثة وموضة «النيفوتيهات » نعتذر من الشعر المكدس في أقبية دمشق, كوجبات ثقافية للجرذان حتى تقرض الشعر بشكل رومانسي .
Loay-100@hotmail.com
|