تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فارس زرزور حضر وكتب وأبدع ثم رحل

كتب
الأربعاء 18-4-2012
تميز المبدع الراحل فارس زرزور برؤاه القومية والإنسانية ضمن تداوليات قصصه ورواياته وأبحاثه الفكرية ودلالاتها عن التحولات المجتمعية والوطنية في سورية ترسيخاً لوعي الذات، فارس زرزور قاص

‏‏

وروائي مبدع ممن عنوا بقضايا حرية الوطن واستقلاله على أن هذه الموضوعات القومية لها الصدارة في التعبير الفني والفكري للقصة والرواية فقد أفنى هذا المبدع الكبير عمره في الكتابة بحثاً وقصة ورواية وحواريات.‏‏

تضمن هذا الكتاب وقائع الندوة التكريمية للمبدع الراحل فارس زرزور حيث ألقيت خلالها كلمات خيري الذهبي، ياسين رفاعية، فاروق المغربي، وجيه فانوس، ماجدة حمود، رشاد أبو شاور، هالة بدري، زهير جبور، عادل أبو شنب، حسن عليان، يوسف الأطرش، عبد الستار ناصر.‏‏

فنقرأ في مساهمة المبدع ياسين رفاعية: (كانت علاقتي بفارس زرزور متقاربة متباعدة وكنت مؤمناً بموهبته الكبيرة إن في القصة أو في الرواية كان يسارياً بالممارسة والكتابة وفي فترات التضارب بيني وبينه نشأت بيننا صداقة جميلة حميمة خصوصاً عندما كان يزور بيروت ويبقى فيها أياماً ضيفاً علي فاكتشفت خلال هذه الزيارات معدنه الأصيل وصدق رؤياه والناقد الفلسطيني رشاد أبو شاور عقد مقارنة بين رواية صنع الله إبراهيم (غيمة أغسطس) التي كتبها عن السد العالي ورواية (آن له أن ينصاع) فموضوع الروايتين متشابه ولكنهما كتبتا بأسلوبين ورؤيتين مختلفتين وتكلم عن الصدى الكبير الذي خلفته روايته (حسن جبل) لدى صدورها في الأوساط الأدبية وعن أعماله القصصية حققت مجموعته القصصية (اثنان وأربعون راكباً ونصف) صدى طيباً لدى النقاد والقراء وذكر رشاد أبو شاور ماسمعه مرة من الروائي هاني الراهب وهو يصف فارس زرزور هو في جيده أفضل من جيدنا وفي رديئه أفضل من رديئنا وسمعه مرة وهو يقول أيضاً عن فارس زرزور إنه رهيب ومخيف.‏‏

عادل أبو شنب فقد أكد في مشاركته أن (فارس زرزور كان فيه شذوذ العبقرية التي من الصعب أن تدركها أو تفهم خفاياها وأسرارها قد كان إنساناً طيب القلب صافي السريرة).‏‏

والأستاذ عبد الستار ناصر تكلم عن روايته (اللااجتماعيون) لفارس زرزور حيث أكد أنها رواية عن المهمشين في الأرض ذلك النمط الذي يبدو غريباً على لحمة المجتمع هم النوع الذي نستغني عنه في أول فرصة كما لو أنهم الشوك الجارح في حديقة البيت مع أنهم برغم كثرتهم يتمتعون بقلوب نظيفة بريئة اللاجتماعيون رواية الغوص في التفاصيل مهما كان الفعل هامشياً أو صغيراً ثمة تفاصيل ستأتي لشرح ذلك فيما بعد رؤية ظل تحت الشمس مثلاً أو خلف مصباح في الطريق سيأخذ من السطور مايزيد على أربعين سطراً كذلك -الحال مع تدخين سيجارة أو رؤية حلم أو نهر أو شراء كأس من الشاي ستقرأ عشرات السطور عن سر صغير بين سميرة وليلى أو بين خالد أو فؤاد.‏‏

رواية مزحومة بالمناجاة والخواطر والابتهالات فيها رسائل حب وآيات قرآنية وأغنيات وأدعية وتراتيل وتهويمات فيها عودة إلى الوراء وإحساس بالقادم.‏‏

ينتمي فارس زرزور إلى جيل التأسيس الذي تربى على مواقف قومية وإنسانية صحيحة وفي الوقت نفسه فهو من جيل تعلم فن الرواية من العمالقة أمثال ديستويفسكي وتولستوي وشولوخوف وأنطون تشيخوف والسرد يأتي لديه على غرار ما كانوا يكتبونه في ذلك العصر المسبوك من التأمل والتوحد مع الذات والذي يصل حد التصوف والتماهي مع أبطال رواياتهم، شخصيات شاردة مرعوبة من شيء ما، اللااجتماعيون شخصيات معذبة إن لم تجد من يعذبها تستعين بالمخيلة على تعذيب نفسها كما هو الحال مع شخصية (سميرة غنمة) التي رأت في السجن ملاذاً يرحمها من شرور الناس خلف حيطانه المعتمة والسجائر تطفو على الرواية والدخان يملأ الصفحات في إشارة محسوبة إلى نفوس منهكة لاتدري ما ستفعله غداً.‏‏

إذا كانت مهمة الأديب رصد الواقع والعمل على تغييره وإن استطاع الكاتب الوصول إلى التفاصيل الصغيرة لأبناء مجتمعه وجعلهم أبطاله ودخل سراديب معاناتهم وعمل على تشريح حياتهم وانصهر فيهم فسيكون الراحل فارس زرزور من الفرسان الذين امتطوا صهوة الفكرة وانتزعوا من القهر نشوة مميزة لاتحققها إلا النفس الأبية التي أدركت بوقت مبكر ماذا تعني الحياة.‏‏

وكيف تصوب سهامها والخاسر فيها هو من لايواجهها وينتصر بعزيمته عليها فارس زرزور عاش كما هم أبطاله البؤس والألم والمعاناة بصورة الكاتب.‏‏

والمحلل والراغب والرافض للانتكاس ومات ولم يبتعد عنهم.‏‏

وعبد الرحمن الحلبي اعتبر أن فارس زرزور وهو ابن مدينة المدن السورية أي ابن العاصمة اختار لأدبه هجرة معاكسة وانطلق بها من المدينة إلى الريف فلم يضق به ولم يعلن العداء له وقد تعامل معه دون كشف ودون عقد تقليدية بين المدينة والريف.‏‏

ثم دخل إليه بانحياز واضح للفلاح في القرية وكتب فارس زرزور أكثر من نصف سردي يتماهى في فضاءات الأرياف بإنسانها وحيوانها ونباتها وطيرها وجمادها وقد كان منها خاصة رواية (المذنبون) التي ستجعلنا نسجل لهذا الأديب الكبير مدى حبه وصدقه وانحيازه لإنسان القرية بالرغم من كونه ابن دمشق الفيحاء.‏‏

جل الروائيين الكبار وإن لم نقل كلهم يضطرون إلى إبقاء حيز غير مأهول في نصوصهم الروائية يحدث هذا خاصة غداة متابعتهم الشخصية المحورية في أعمالهم.‏‏

فإذا ما وصلوا مع هذه الشخصية إلى نقطة بعينها حاروا كيف يصرفون الأنظار عنها بغية التحول الفني منها إلى حال مغايرة لها دون أن يتركوا مساحة بيضاء خالية من الفعل الروائي لهذا نجدهم يلجؤون إلى أسلوب (القطع السينمائي) هذه المساحة كما يرى عبد الرحمن الحلبي ويسميها اصطلاحياً باللحظة الروائية الهاربة أو الحيز الروائي غير المأهول، فارس زرزور واحد من روائيين قلائل استطاع الامساك بهذه اللحظة أو إشغال هذا الحيز بفنية عالية دونما لجوء إلى أسلوب القطع..‏‏

اختتمت الندوة أعمالها بتكريم المشاركين والكاتب الراحل وبإقرار التوصيات التي جاء ضمنها: (طباعة أعمال الكاتب الراحل فارس زرزور بما فيها الأعمال التي لم يسبق نشرها..) ومؤخراً صدرت عن وزارة الثقافة الأعمال الكاملة مطبوعة لكل ما كتبه المبدع الراحل فارس زرزور.‏‏

الكتاب صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب. - إعداد وتوثيق: نزيه خوري - قطع متوسط في 248 صفحة‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية