تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فرانسيس فورد كوبولا.. أسلوب ملون لصالح صورة واحدة

كتب
الأربعاء 18-4-2012
لاشك اننا نتغاضى دائماًَ عن بعض الصور المرتبطة بمهنة مشاهير السينما المحببين الى قلوبنا، ومن بين هذه الصور تلك التي ارتبطت بفرانسيس فورد كوبولا عندما بلغ الثانية والثلاثين

‏‏

خلال تصوير فيلم (العراب) في عام 1971 . فقد ساد موقع تصوير الفيلم ذات يوم نوع من الفوضى، فما كان من كوبولا الا انه انسحب بهدوء واختبأ في دورة المياه ، لكنه شعر بالخوف عندما تنامى الى مسامعه حديث يدور بين عدد من صغار الفنيين يتهكمون على عدم كفاءته ويتوقعون استبداله بمخرج آخر كي يتابع تصوير فيلم (العراب) ولابد أنه تساءل في قرارة نفسه عن السبب الذي جعله يوافق على اقتباس رواية لم يجد فيها اصلاً مايثير اهتمامه، لكن كوبولا آثر تصوير سيناريوهات من تأليفه شخصياً مثل مخرجي الموجة الجديدة في السينما الفرنسية الذين بثوا الحياة في سينما (الحرس القديم) لم يبدو هذا الخيار بعيد‏‏

‏‏

الاحتمال في هوليوود منذ أن قام (آرسون ويلز) بتصوير فيلمه (المواطن كين) في عام 1941 ومع ذلك تغلب الشاب كوبولا على جميع الصعوبات التي اعترضت طريقه، وحل المشكلات التي واجهته خلال عملية التصوير ، وربط بذلك اسمه بفيلم لم يبث حياة جديدة في سينما هوليود فحسب، بل سيظل خالداً في تاريخ السينما كتحفة فنية استثنائية في روعتها كما فتح فيلم العراب الباب على مصراعيه امام جميع الفنانين الشباب، امثال (سكورسيزي) و(دي يالما وسبيليرغ ولوكاس ) وغيرهم الذين مازالوا الى الآن يحتلون الصدارة في صنع أفضل الافلام الاميركية.‏‏

استمر تألق كوبولا في افلام اخرى تصدرت مع غيرها شباك التذاكر خلال ازدهار السينما في السبعينات وخلال ركود سوقها ايضاً في الثمانينات، لقد أثبتت نجاح كوبولا المتواصل ابداعه الفني الاستثنائي ورسخ اسمه كواحد من عمالقة الفن السابع ففي كل فيلم يحاول كوبولا استطلاع واستكشاف مدى التقدم الذي يحرزه على صعيد الأسلوب كي يتسنى له تلبية متطلبات افلامه الجديدة.‏‏

وعلى سبيل المثال ، نجد ان فيلم الغرباء الذي يصور حياة المراهقين في المناطق الريفية خلال ستينيات القرن العشرين يوازي في اهميته فيلم (القيامة الآن) الذي صوره كوبولا في أدغال الفيلبين بطريقة تعكس حماسه الجامح وحسه بجنون العظمة، ان هذا المزيج من الكبرياء والتواضع ليس الجانب الوحيد الموحي بالتناقض في كل أفلامه التي تنطوي على جملة من الاستحواذات المتناغمة الفرد والعائلة والسلطة والعلاقات والشباب والدافع نحو الوصول الى درجة الألوهية كما هو الحال في (دراكولا وجاك) ومايشترك به الفيلمان من توق الى تحقيق الخلود.‏‏

وفي فيلميه (شباب بلاشباب عام 2007 و تيترو 2009 يلملم نفسه ويقدم آخر ابداعاته)‏‏

يقول كوبولا في أحد حواراته عام 1991 :(كي تفهم شخصيتي لابد أن تعرف ماكنت عليه كطفل في الخامسة يملؤني الحماس والحيوية ولاسيما ولعي بإعداد المسرحيات لاصدقائي وحثهم على اداء الادوار التمثيلية فيها وأعتقد انني مازلت على هذا الحال الى الآن ومن المؤكد ان فرانسيس والطفل هو أفضل صورة على الاطلاق عن فرانسيس الحالي ومازال ذلك الطفل موجودا داخلي الى الآن.)‏‏

ولد فرانسيس كوبولا في 7 نيسان عام 1939 في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان الامريكية لأبوين هما (ايتاليا وكارمين. وكان فرانسيس مفتونا بشخصية شقيقه الأكبر (اوغست) ومقرباً من شقيقته الصغيرة تاليا التي لعبت لاحقاً دور الأخت في فيلم العراب،‏‏

إن طبيعة عمل والد فرانسيس كعازف ناي وقائد فرقة موسيقية فرضت عليه تبديل مكان اقامته بصورة متكررة ومازال فرانسيس يذكر الى الآن الخوف الذي كان يعتريه كلما اضطر للالتحقاق بمدرسة جديدة في منتصف العام الدراسي) حتى استقر اخر الأمر في حي كوينز بنيويورك ، عندما بلغ فرانسيس التاسعة أصيب بشلل الاطفال فظل أسير الفراش في الحجر الصحي سنة كاملة،، وجد فرانسيس لنفسه تسلية خلال تلك الفترة في جهاز عرض أفلام 8ملم وبعض الدمى وجهاز تلفزيون كما اتقن فن التكلم من البطن وتعلم المونتاج من خلال توصيل وحذف مقاطع افلام الفيديو المنزلي ثم بدأ يضيف اليها الصوت بوساطة آلة تسجيل صوتي، وعندما خرج من عزلته في نهاية المطاف ، عرض هذه التحف الفنية - البسيطة على اطفال الحي وتقاضى منهم المال لقاء مشاهدة العروض التي صممها بنفسه . مسجلا بذلك ولادة المخرج السينمائي ورجل الاعمال (فرانسيس كوبولا) كانت عواطف كوبولا في البداية مجزأة بين المسرح والسينما ففي عام 1960 تخرج في الدراسات المسرحية بجامعة هوفسترا بنيويورك حيث نجح في كتابة واخراج بعض المسرحيات ثم توجه الى غرب البلاد والتحق بمعهد سينمائي صغير في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس . وعلى عكس معظم زملائه الطلاب الطموحين في الظاهر ، فكان كوبولا قد عقد النية مسبقاً على دخول عالم هوليوود.. ولكن لم يتوافر في ذلك الزمن معهد سينمائي مؤهل تماماً لإعداد المخرجين..‏‏

اغتنم كوبولا اول فرصة سنحت له لتصوير فيلم (تعري) تمشياً مع سوق السينما الرائجة آنذاك حمل هذا الفيلم القصير عنوانه (المتلصص) وفي عام 1961 أخرج فيلم (هذه الليلة بالتأكيد) وفي عام 1962 اخرج فيلم (خادم الفندق والفتيات اللعوبات) الى أن وقع اختيار شركة بارامونت على مخرج طيع وسهل الانقياد من اجل تصوير الفيلم بسرعة تتزامن مع رواج الرواية من جهة واقتران الفيلم باسم مخرج أميركي من أصل ايطالي لابد ان يمنح المشروع ضمانة اضافية تكفل نجاحه وأن يتم كل ذلك بكلفة لاتتجاوز 2.5 مليون دولار وكانت النتيجة بمقاييس اسطورية جعلت كوبولا من أسياد هوليود.‏‏

ماهي مقومات فيلم كوبولا‏‏

الموضوع يشير كوبولا في التعليق المضاف إلى إصدار فيديو فيلم( قوس قزح فتييان) إلى أن الأفلام تشبه جزالة الشعر الياباني ، لأنها تعبر عن فكرة أو عاطفة معينة بكلمات قليلة جداً .‏‏

الغاية والمقصود بها إلى من يوجه الفيلم ؟ عندما يكون الفيلم مكرساً للمخرج نفسه فقط وليس للآخرين ، فلا بد أن يكون مصيره الفشل وإذا كان مخصصاً للمخرج ذاته فإنه ينطوي ضمناً على نزعة جنون العظمة ، مثل ( واحد من القلب) أو على التحدي مثل فيلم ( نادي القطن) وفي كلتا الحالتين سيتمتع المخرج بالتجريب الذي يمارسه في أفلامه.‏‏

الأسلوب‏‏

يختار كوبولا أسلوبه وفقاً للموضوع وليس العكس. وهي صفة مناقضة لأسلوب (سكورسيزي) الذي يأتي الأسلوب بالنسبة له في المقام الأول .‏‏

كوبولا تميز بتلون أسلوبه لأن كوبولا يختار أسلوبه وفقا للغاية.‏‏

وأخيراً هناك عنصر البراعة الفنية ، فالأسلوب لم يعد يشكل امتيازاً لخصوصية الفرد بما أنه أصبح حصيلة البراعة الفنية السينمائية، وهنالك عنصر الصورة التي يتقن كوبولا استخدامها،‏‏

الكتاب . فرانسيس فورد كوبولا تأليف ستيفان ديلورم ترجمة: محمد علام خضر- صادر عن سلسلة الفن السابع العدد 216 قطع متوسط في 167.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية