ليبقى يصارع الظلام ايام طويلة و حضورها المفاجئ الذي يستمر لايام اخرى من ناحية ما خلق عند مواطننا اشارات استفهام وتعجب كثيرة.. وما بين الحلول المقترحة لتأمين الكهرباء خلال فترات منتظمة يستطيعون على اساسها تنظيم برامج عملهم راضين بفترات التقنين من ناحية اخرى.
زيادة حمولة المخارج
حسب تعبير عمال الكهرباء فان مناطق عديدة من ريف دمشق تتعرض لانقطاعات متكررة في التيار، ولفترات غير محددة لاسباب بات يعرفها المواطن متعلقة بمسألة الهجرة، او قلة الوعي لمسألة التقنين، او الحالة الأمنيّة المتباينة. ولعل خير مثال على ذلك مدينة «جرمانا» التي تعاني من أزمة حادة في انقطاع الكهرباء، بعدما أصبح عدد القاطنين فيها أضعاف مضاعفة لما كان عليه سابقاً، الأمر الذي أدى إلى زيادة استخدام التيار الكهربائي، مما أثر سلباً على الشبكة من حيث ارتفاع حمولة مراكز التحويل القائمة وارتفاع حمولات مخارج التوتر المتوسط بالإضافة للاستجرار غير المشروع، بالتالي الاصطدام بنتيجة مفادها سلسلة أعطال في مراكز التحويل والشبكات ما يتطلب وقتا طويلا لاصلاحها واعادتها الى الخدمة.
القاطع بين أيديهم
المواطن سليمان منصور قال: تفاءلنا عندما انتظمت ساعات التقنين، فبتنا ننظم نشاطاتنا بناء على هذه الساعات واكتفينا بها إلى حدٍّ ما، لكن سرعان ما تبخر التفاؤل وعدنا للمعاناة مجدداً، فالانقطاعات المفاجئة خلال ساعات التقنين ضربت بحياتنا ونشاطاتنا عرض الحائط، لدرجة أنّنا لم نعدّ قادرين على احتمال المسألة، فبتنا فريسة سهلة للظلام في أيّ لحظة لا سيّما وأنّ شكاوينا المتلاحقة تكررت ودون استجابة مرجوّة»، والغريب بالامر انه في الحارات الملاصقة لنا تماما الكهرباء مستقرة كليا واخرى لا تنقطع فيها الكهرباء اطلاقا منذ ساعات المساء علما اننا على خطوط التماس اكثر من تلك الحارات والاحياء ما يفسر ازدواجية في التعامل من ناحية وتوفر الطاقة بما يكفي لتزويد المنطقة ان اراد القائمون عليها ذلك.
إمكانيات متواضعة
يؤكد احد عمال مركز طوارئ اليونسية الحرص الدائم على تقديم أفضل الخدمات للمشترك رغم ضغط العمل اليومي الذي يتناسب طردا مع ازدياد الكثافة السكانية في جرمانا والاحياء المحيطة التي يخدمها القسم والتي ان اردنا مقارنة امكانياته مع المساحة الواسعة التي يغطيها او عدد المشتركين والوافدين الجدد الذين تجاوز عددهم 1,5 مليون نسمة، قياسا بعدد العمال ومكاتب الطوارئ التي تخدم هذه المناطق لوجدناها امكانيات متواضعة ومع ذلك نجد واقع كهرباء جرمانا افضل بكثير من باقي مناطق الريف ما يؤكد جهوزية القسم ومكاتبه لتلبية نداء المواطنين سواء كان بالحضور الى المركز ام عبر الاتصال الهاتفي اذ وضع القسم هاتفا خاصا مباشراً لمراجعات المواطنين واستفساراتهم خاصة حول الفواتير والاعطال اضافة إلى هاتف الطوارئ الذي يعمل على مدار 24 ساعة، ولكن هناك اعطال كبيرة يستغرق اصلاحها وقتا طويلا ما يفسره المواطن الذي لايعرف بالامور الفنية اهمالا او تطنيشا او ازدواجية في المعاييير.
العطل الفني
ياسر من سكان حي الكشكول منزله في «حارة الجورة» و محاله في شارع التوتر واذا قررت البحث عنه تجده دائما عند مركز طوارئ اليونسية يقدم شكواه ومعه عشرات التواقيع من سكان الحي يلخصها بالقول: شهر كامل من الظلام عشناه اثر عطل فني من ناحية وتباطؤ واهمال المعنيين عن اصلاحه من ناحية اخرى.
وكانت النتيجة ان كل منزل تزود «بمدخرة او لدّات اومولدات» وما الى ذلك ولكن رغم المبالغ التي انفقناها على تلك الامور لم نجن اي نتيجة لاسباب عدة اولها ان المدخرات تحتاج الى الشحن بالكهرباء اما ثانيها فهي تكفي للانارة فماذا عن اعمالنا ومهننا التي تعتمد على الكهرباء؟, وماذا عن دراسة اطفالنا، والان رغم اصلاح العطل الفني الذي ما كان ان ينجز لولا ابناء الحي الذين تولوا كامل الاعمال فإنّ المعاناة تزداد في منطقتنا ويوجد حارات وأحياء تبقى دون كهرباء لأيّام عددة، كما يوجد أبنية لا تصلها الكهرباء مطلقاً، فيما تصل لأبنية مجاورة تماماً لها، وهذه الأمور والتجاوزات لم يعدّ من الممكن قبولها، خاصة وان ذريعة العطل الفني باتت من الماضي وتحسنت الكهرباء في احياء بعيدة عن المخرج الذي يمر بحارتنا، وهذه ناحية أما الأخرى فإنّ صبر الأهالي ضاق كثيراً من ممارسات إدارة مركز الطوارئ لاتباعهم سياسة التعامي وإهمال الشكاوى وعدم معالجتها».
خيار وفقوس
رضي أبناء الاحياء المنكوبة كهربائيا ومنهم محمد وتميم وعيسى والياس وجورج ويوسف واحمد وجون وغيرهم الكثير أن يكون التقنين بالتساوي أسوة بالأحياء الأخرى فهم يعرفون ويقدّرون حجم الأزمة، إلا أن الأمر تعدّى الرضا، بعد تكرار ظاهرة المزاجية في توزيع تقنين التيار ففي هذا الاحياء يأتي التيار لمدة خمس عشرة دقيقة فقط في كل ساعة قبيل موعد انتهاء فترة التقنين المقررة ثلاث ساعات، لكنه وللانصاف ملتزم اذ يعيرها عمال الكهرباء على ان تأتي في الوقت المخصص من الساعة 6,5 مثلا وتنقطع في الوقت المحدد الساعة 9,5 لكن بينهما تنقطع ثلاث او اربع مرات.. وهذا يبرر لعمال الكهرباء بان يقول وبالصوت العالي بان الكهرباء تأتي في موعدها وتقطع في موعدها ليس هذا فحسب فالتيار ومعه من يمسك القاطع ملتزم بدقة ايضا فيقطع فترة التقنين كاملة دون تسيب اي دقيقة، اما الاحياء السعيدة كهربائياً، فالتيار لا يمسه التقنين من قريب أو بعيد.. رغم انها احياء مليئة بالمخالفات الكهربائية والاستجرارات غير المشروعة.
ولدى مراجعة المسؤولين في قسم كهرباء جرمانا فان الجواب جاهز دائما: الكهرباء لا تتحمل، فيصاب الأهالي بداء العجب.. اذ كيف تتحمل الخطوط في احياء تعاني من الاكتظاظ السكاني ما يفوق احياء الكشكول والكباس والدخانية مجتمعة باضعاف؟، وترسخت قناعة الاهالي بوجود خيار وفقوس في توزيع تقنين التيار وليس بينهم من يعمل في الكهرباء!..
33 مركزاً جديداً
بدوره أوضح رئيس قسم كهرباء جرمانا أنّ وضع الكهرباء استقر وفق التقنين من خلال العمل على نظام تقنيني تتمّ محاولة تطبيقه بصورة جيّدة على جهات المدينة وأحيائها، إلا أنّ للانقطاعات المفاجئة حضورها المستمر خلال ساعات التقنين لأنّ مخارج المدينة محمّلة بحمولات عالية بسبب الوافدين اليها، ويتم تأمين التغذية لمعظم الأحياء مع العمل لإعادة باقي المخارج للخدمة اضافة لتركيب ما يقارب 33 مركز تحويل في معظم ارجاء المدينة ما ساهم كثيرا باستقرار وضع الكهرباء فيها.
وعن ظاهرة الاستجرار غير المشروع، خاصة في مناطق الكبّاس واليونسية والدخانية فقد تكررت هذه الظاهرة مؤخراً مما سبب ضغطاً على مسألة التقنين الخاصّة بالمنطقة.
واوضح المهندس اياد خوري رئيس القسم ان هذه المناطق ونتيجة تعرضها لاعمال ارهابية اعتمد بعض الاهالي حلولا غير مشروعة على حساب الشبكة، غير مدركين للمشاكل والأضرار كنتيجة لهذه التعديات، وكقسم كهرباء وبعد عملية التطهير واعادة الامان اوجدنا حلولا مناسبة، منها تنظيم الشبكة، وإزالة كافة التعديات في تلك الأحياء» واضافة لبرنامج عملنا المتضمن تركيب خمس محوّلات جديدة، وبالتوازي مع اعادة تاهيل الشبكة من خطوط وكابلات وعدادات وغيرها في الاحياء التي طالها التخريب والارهاب دون تركيب أي من مراكز التحويل التي اقتصرت على جرمانا المدينة، مما جعل اهالي احياء الدخانية والكبّاس والكشكول يغمزون الى ان قسم الكهرباء يعمد لدعم احياء جرمانا على حسابهم معبرين عن ذلك بالقول نحن حي نسيه الزمن وتعامت الانظار عن انصافه.
استعداد تام
يقول رئيس قسم كهرباء جرمانا نحن مستعدون لتركيب عدد من مراكز التحويل في حال تأمين الارض المناسبة في ثلاثة اماكن مختلفة من شأنها ان تغطي المنطقة برمتها بدءا من شارع التوتر في الكبّاس وشارعي الكشكول والدير الرئيسيين.
وعن الارض الملائمة قال المهندس خوري يمكن ان تكون مساحة مناسبة لاشادة بناء يوضع فيه مركز التحويل او قطعة صغيرة بطول ثلاثة امتار وعرض مترين على الاقل وفي هذه الحالة يوضع المركز بشكل برجي وكلا الحالين يضمن استقرار الكهرباء في تلك الاحياء.
بانتظار التنفيذ
أهالي المنطقة وفعالياتها واصحاب العقارات وفور سماع المقترح المقدم من قبل قسم الكهرباء وخلال اجتماع مع لجنة الحي ورئيسها المختار مفيد حواط اعلنوا الاستعداد الفوري لتأمين الارض اللازمة لوضع المراكز وجاهزيتهم لافراغ قطعة العقار المطلوبة لصالح قسم كهرباء جرمانا. معبرين عن ذلك بالقول: الارض لنا والوطن لنا والكهرباء لنا ولا شيء يعلى على مصلحة الوطن التي هي مصلحتنا جميعا واننا مستعدون للتنازل فورا شريطة ان لا يشكل وجود البرج او المركز بالمستقبل عائقا يحد من التصرف ببقية العقار.
وعلى هذا تكون الفعاليات المجتمعية قد اعطت وعدها بناء على وعد قسم الكهرباء على انتظار ان يباشر الطرفان اجراءات التنفيذ بما هو خير للمنطقة برمتها.