وفي نفس السياق -وفقا لنفس الإحصائية- وخلال السنة الاخيرة قبل الازمة فقد وصل عدد المنشآت الصناعية النسيجية إلى نحو 24 ألف منشاة من جميع الأحجام، إضافة إلى عدد غير معروف من الشركات المصنعة غير المسجلة، وأيضاً 27 شركة نسيج تابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية، كل منها يختص بإنتاج نوع معين، كصناعة الخيوط بأنواعها ،
إضافة إلى صناعة الأقمشة القطنية والحريرية والصوفية والسجاد، والألبسة الجاهزة والجوارب، يضاف إليها منشآت القطاع الخاص، التي تتنوع بحجمها بين المنشأة الحرفية الصغيرة، والشركات الكبيرة، وبالنتيجة فقد شكلت هذه الصناعة محوراً هاماً في القطاع الصناعي العام والخاص، ورافداً هاماً لخزينة الدولة من القطع الأجنبي.
وبحسب رأي المستوردين فقد انعكس الاستيراد على صناعة الألبسة السورية بشكل ايجابي للغاية حيث بات المصنعون المحليون يهتمون بجودة منتجهم بشكل كبير ناهيك عن التأثير الكبير للبضائع المستوردة في رفع سوية إنتاج وجودة السلعة المنتجة محليا»، إذ بات المصنع يهتم بأدق تفاصيل منتجه كي ينافس المنتج المستورد، مما انعكس إيجابا» على المصدرين وباتت الألبسة السورية مطلوبة في كل الدول العربية والأجنبية و أرقام المعارض المحلية تقول ذلك بوضوح شديد حتى إن الفترة الممتدة بين 2006 -2011 سميت العصر الذهبي للصناعة والتجارة في سورية حيث افتتحت العديد من المولات و الأسواق.
أما الآن فان المشكلة التي برزت على السطح هي الالبسة المستوردة والتي شكلت العمود الفقري لاستهلاك المواطن السوري في الفترة الواقعة بين منتصف عام 2011 ونهايات العام الماضي 2014 بالنظر الى اتجاه الحكومة صوب دعم الصناعات المحلية الشبيهة حتى لا يكون المستورد منها منافسا شرسا قادرا على افشال صناعتنا قبل ان تبدا من جديد.
وبحسب احصائيات الصناعة يمكن تلخيص أهم آثار الأزمة على الصناعة السورية بخروج منشآت صناعية كثيرة من الإنتاج لأسباب عديدة منفردة أو مجتمعة، يبرز منها تدمير وحرق الأبنية والآلات والمواد الأولية وسرقتها على يد المجموعات الارهابية المسلحة، اضافة الى صعوبة الوصول إلى المعامل ونقل الإنتاج ومستلزماته سواء المحلية أو المستوردة بالتوازي مع صعوبة توفير حوامل الطاقة اللازمة من كهرباء ومازوت وفيول وغاز بالكميات والأسعار المناسبة نتيجة تدمير العديد من البنى التحتية والمرافق الخدمية من طرق وشبكات كهرباء والسكك الحديدية والمياه، يضاف الى الاسباب ايضا تجزئة أعداد كبيرة من المنشآت الصناعية ونقلها إلى المناطق والأحياء الآمنة وفقدان عدد كبير من الصناعيين والعمال والخبراء نتيجة خروجهم من البلاد، مع توقف العمل في المنشآت الصناعية التي كانت قيد الإنشاء والتجهيز , وكذلك توقف الإنفاق الاستثماري في شركات القطاع العام الصناعي، وتمويل القطاع الخاص بالتوازي مع صعوبة تحصيل ديون الشركات الصناعية من الزبائن وتسديد التزاماتها للموردين وخسارة بعض الأسواق المحلية بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع الأسعار.
وبحسب نفس الاحصائية فان من اثار الازمة على الصناعة السورية خسارة بعض الأسواق الخارجية بسبب توقف الإنتاج وارتفاع تكاليفه وصعوبة نقله وإلغاء عقود التصدير من قبل عدد من الشركات الأجنبية بسبب الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على الشعب السوري وتسريح أعداد من العمال وتوقف العديد من المنشآت والمشاغل المتناهية الصغر التي كانت تزود المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة ببعض الخدمات الإنتاجية، مع تراجع إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية التي تشكل مدخلات للصناعات النسيجية والغذائية، إضافة إلى انخفاض إنتاج القطن المستلم رسمياً في عام 2013 إلى نحو 40 ألف طن تعادل نحو 6% من إنتاج ما قبل الأزمة.
الاحصائية اشارت الى ما اعلنته وزارة الصناعة سابقا من عدم الانتهاء حتى الآن من حصر الخسائر النهائية للقطاع الصناعي بسبب استمرار الأزمة واستمرار تخريب واجرام المجموعات الارهابية المسلحة، وبالتالي عدم تمكّن الجهات المعنية العامة والخاصة من الوصول إلى عدد غير قليل من المنشآت الصناعية وحصر الأضرار التي لحقت بها، ولذلك فإن خسائر القطاع الصناعي المعلنة حالياً نتيجة هذه الأزمة هي أرقام أولية.
وخلصت الاحصائية الى انه وبعد خمس سنوات على الأزمة في سورية تعرض فيها قطاع النسيج بمختلف جوانبه للتخريب والتدمير وتوقفت العديد من مصانع النسيج السورية الحكومية والخاصة بشكل كلي أو جزئي يجب أن تكون هناك استراتيجيات عقلانية ومدروسة للخروج من هذا النفق المظلم, وعلى رأسها ان لا يتجاوز السعر الاسترشادي 20 دولار على الألبسة المستوردة والذي من شأنه حماية خزينة الدولة وتأمين استمرارية تدفق السيولة إليها والحد من التهريب الذي يستهلك من القطع ويؤدي لنتائج كارثية على سوق البضائع وسوق العمالة في سورية لتي لها حق كبير في العمل للخروج من هذه الأزمة التي يتطلب الخروج منها عملاً مضنياً وجهوداً مخلصة شريفة .