وذلك انطلاقاً من قراءتها الصحيحة للأحداث المفتعلة، وإدراكها الكامل بأن حرباً ضروساً أعدت لسورية منذ سنوات لإدخالها في خانة الدول الذليلة والخانعة التي تتحرك بإمرة المخابرات الأميركية والصهيونية.
فالموقف الروسي الحكيم الذي تصطدم به النيات المبيتة والخبيثة لبعض الأنظمة العربية التي باعت نفسها قبل نفطها بأرخص الأثمان واستوردت الحروب لأشقائها، لا ينبع من رغبة المسؤولين الروس بحماية فصيل أو فريق أو نظام ضد آخر، بل يأتي إيماناً من الدولة العظمى بامتياز بأن الأزمة في سورية ليست عادية بل مركبة، وأن الجهات التي ساهمت بتعقيدها عديدة ولها غاياتها ومراميها، ولذلك لا بد من اعتماد الحوار ركيزة أساسية للحل، لأن التدخل الخارجي ليس له إلا معنى واحداً هو تنفيذ نفس السيناريوهات التي استخدمت في دول عربية أخرى والحصول على نفس النتائج وجر البلاد إلى الفوضى والفتن ثم الخراب.
ما يجعل الروس مصرين على هذه المواقف هو نظرتهم للسوريين بأنهم شعب واع ومنفتح وجدير بالحرية والديمقراطية الحقيقيتين لا التي يستوردها الإرهابيون والمرتزقة والخارجون عن القانون والأمثلة عليها حية في كل شارع وحي دنسه هؤلاء، كما يعلم الروس أن ثمة مصالح مشتركة تجمعهم مع سورية، فضلاً عن أن أبرز مهام روسيا في مجلس الأمن هي حماية الأمن الدولي، بالطبع الحماية البعيدة عن النهج الأميركي والبريطاني والفرنسي والتركي والقطري والإسرائيلي والقائمة تطول.
لا خوف من الموقف الروسي لا اليوم ولا في الغد، لأن روسيا حريصة على أن يسود السلام والأمن في العالم، وواثقة من تجاوز سورية للأزمة مهما تعددت الأقطاب التي تحاربها، وما زيارة وزير خارجيتها ورئيس استخباراته إلا تأكيد على الآلية التي أرادت موسكو التعامل عبرها والتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.