بينما بدأ المرشحون الذين يسعون إلى نيل ترشيح الحزب الجمهوري تقديم أفكارهم حول السياسة الخارجية التي تختلف عن السياسات التي يتبعها أوباما. وثمة خمسة مرشحين لديهم حظوظ للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، واحد منهم يمكن أن يهزم أوباما ويحل محله كرئيس للولايات المتحدة.
والسؤال المطروح هنا، كيف ستتغير السياسة الخارجية الأميركية في حال خسر أوباما ؟ لدينا اليوم بعض المؤشرات في هذا الصدد.
- فيما يخص السياسية الخارجية، هناك ثلاثة من بين المرشحين الخمسة لديهم الأهداف نفسها ، وهم الحاكم السابق لولاية ماساتشوسيتس ميت رومني، والرئيس السابق لمجلس النواب نيوت غينغريتش، وسيناتور ولاية بنسلفانيا السابق ريك سانتروم. أما مواقف الاثنين الآخرين، وهما عضوا الكونغرس رون بول والحاكم السابق جون هانتسمان، فهي مختلفة جوهريا عن آراء هؤلاء.
واذا استعرضنا جميع هذه المواقف ببعض التفصيل، فيمكن أن نلاحظ انه بشأن النزاع العربي- الإسرائيلي، يعد رومني وجينجريتش وسانتروم من أشد المؤيدين لإسرائيل، وجميعهم ينتقدون أوباما لعدم دعمه حكومة نتنياهو بشكل أكبر. وسانتروم، مثلاً، يقول إنه ما دامت التغييرات في المنطقة العربية تؤدي إلى عزل إسرائيل فينبغي على الولايات المتحدة زيادة الدعم لها. ويدعو غينغريتش إلى تعزيز الانحياز الاميركي لإسرائيل والكف عن انتقاد النشاط الاستيطاني مطلقا تصريحه الشهير بأن الفلسطينيين هم شعب مخترَع. واللافت أن هؤلاء الثلاثة لم يعلقوا كثيراً على الشؤون الداخلية العربية.
وحول العلاقة مع إيران، يعتبر هؤلاء إنها تشكل التهديد الرئيسي للولايات المتحدة، وهم يدعون إلى سياسة أكثر حزما حيال طهران قياسا لتلك التي يتبعها أوباما حاليا. وفي هذا الإطار، يدعو رومني إلى فرض عقوبات أشد، وبحث إمكانية استعمال «حصار وقصف وضربات دقيقة» ضد المنشآت النووية الإيرانية. ومن جانبه، يعتقد غينغريتش ان على الولايات المتحدة أن تدفع إلى حدوث تغيير في نظام طهران، باستعمال العمليات السرية، ويدعو كلاهما إلى استعمال القوة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.
وفيما يخص قضايا الأمن القومي عموما، يدعو المرشحون الثلاثة إلى موقف أكثر قوة وحضوراً في العالم. ويطلب رومني زيادة ميزانية وزارة الدفاع بـمقدار 30 مليار دولار وزيادة حجم القوات المسلحة الأميركية بـ100 ألف جندي، منتقدا أوباما بشدة لسيره في الاتجاه المعاكس. ويوافق سانتروم وغينغريتش كلاهما على ضرورة زيادة جاهزية القوات العسكرية الاميركية، حيث يقول غينغريتش إنه سيعمل على زيادة العمليات السرية ضد أعداء الولايات المتحدة في حال أصبح رئيساً. ويقول رومني إنه سيوسع استعمال معتقل غوانتانامو وسوف يزيد من استخدام تقنيات الاستنطاق، وهما سياستان يعارضهما أوباما. كما يجادل رومني بأنه يتعين على الولايات المتحدة أن تكون أكثر صرامة تجاه الصين مقارنة بالسياسة التي يتبعها أوباما حاليا، كما يدعو إلى الحزم حيال المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين، ويقول انه سيبني سياجا عاليا على الحدود المكسيكية لمنعهم من الدخول.
واللافت هو أن المرشحين الثلاثة يبدون أقل حدة حيال موضوع أفغانستان، وذلك تناغما مع الرأي العام الأميركي حاليا، حيث ترغب الأغلبية في إنهاء الوجود الأميركي هناك. وفي هذا السياق، يقول غينغريتش إنه سيقوم بسحب القوات الأميركية من أفغانستان على نحو أسرع مما تنص عليه خطط اوباما . أما رومني، وسعيا منه إلى إرضاء كل الأطراف في النقاش العام، فيدعو إلى ضرورة عودة القوات الأميركية إلى الوطن «في أسرع وقت ممكن»، لكن «فقط بالسرعة التي يريدها جنرالات الجيش»، معتبرا أن الجنرالات الأميركيين يعارضون الانسحاب المتسرع لأوباما.
بيد أن المرشحين الجمهوريين الآخرين يتبنيان مواقف مختلفة بشكل جذري فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. وقد حلا في المركزين الثاني والثالث في الانتخابات التمهيدية الجمهورية بولاية نيوهامبشاير في العاشر من كانون الثاني الجاري . فعضو الكونغرس رون بول، وهو سياسي في الخامسة والسبعين ويتميز بنزعة انعزالية، يقول انه في حال أصبح رئيساً، فإن سياسة الولايات المتحدة ستتغير بشكل دراماتيكي ويدعو بول إلى سحب معظم القوات الأميركية في الخارج، وخفض الميزانية العسكرية بشكل كبير، وإنهاء كل المساعدات الأميركية للخارج أيضا. ويعتقد أن على الولايات المتحدة ألا «تقوم بدور الشرطي» في العالم، وألا تحاول القيام بـبناء الدول في الخارج، بل عليها أن تهتم أولا بشؤونها الداخلية. وفي هذا السياق، يقول إن على الولايات المتحدة ألا تورط نفسها في نزاعات الشرق الأوسط، وألا تستعمل القوة إلا عندما تكون المصالح الأميركية مهددة بشكل مباشر. ويرى أن تقديم مثال جيد يمثل طريقة أفضل بكثير لنشر القيم والمثل من قوة السلاح.
والمرشح الآخر هو الحاكم السابق جون هانتسمان الذي يؤيد انسحاباً سريعا من أفغانستان على غرار بول، إذ يجادل بأن الدافع لذهابنا إلى هناك هو محاربة تنظيم القاعدة، وأنه لا ينبغي أن ننفق الموارد الأميركية على بناء الدول. كما يوافق هانتسمان على ضرورة تقليص الوجود الاميركي العسكري في الخارج، وسحب القوات الأميركية من ألمانيا لأن الحرب الباردة التي كانت تبرر وجودها هناك انتهت. وكان هانتسامن شغل مؤخراً منصب سفير الولايات المتحدة في الصين، وهو لا يتفق مع رومني بشأن السياسة التي ينبغي اتباعها تجاه الصين، إذ يرى أن على الولايات المتحدة أن تبذل جهداً أكبر لفتح قنوات دبلوماسية مع الصينيين بدلاً من مواجهتهم. وهو لا يتفق مع رومني حول موضوع الحدود، ويرى أن الاقتصاد الأميركي يحتاج إلى العمالة الأجنبية وينبغي تشجيع الهجرة.
وفي الوقت الراهن، يمكن القول إن الفائز المرجح بالترشيح الجمهوري هو رومني. ولكن مهما كان الفائز، فالمؤكد أنه سيخصص معظم العام الجاري لمهاجمة أوباما وسياساته، الداخلية والخارجية. وخلال الأشهر المقبلة، سنعرف المزيد عما قد يحدث في حال خسر أوباما في الانتخابات.
بقلم: ويليام رو