تلقى البرامج الخدمية اهتماماً إعلامياً خاصاً يتم عبرها تسليط الضوء على القضايا والهموم الخدمية التي تؤرق المجتمع بكافة شرائحه، وذلك بهدف السعي لإيجاد نقاط تقاطع ومقاربة بين المسؤول والمواطن من جهة وبين التاجر أو المستورد والحكومة من جهة ثانية، عندها تتحقق الغاية الرئيسية التي تمكن خلالها هذا المواطن الحصول على بعض حقوقه التي تضيع لأسباب كثيرة، على رأسها الروتين وتعقيد المعاملات، ووجود البعض من ضعاف النفوس الذين يستغلون حاجاته أحياناً.
برنامج حديث البلد الذي يعرض على الفضائية السورية وتقدمه الزميلة ليزا ديوب أحد هذه البرامج الذي يحظى بنسبة مشاهدة لا بأس بها نظراً للموضوعات التي يناقشها ويضعها على بساط الحوار ويستضيف خلاله عدداً من المسؤولين لتوضيح بعض القضايا والمشكلات ووضع المواطن في صورة الأمر.
إحدى حلقات البرنامج الأخيرة حملت في الجزء الأول من الحلقة عنواناً حول الآليات الجديدة لتسعير السيارات، وفيما إذا كانت تلك الآليات ستعيد التوازن إلى السوق بعد صدور اللائحة التنفيذية الخاصة بهذا الأمر.
ومن المعلوم أن للسيارة أهمية كبيرة في حياتنا ولاسيما بعد أن خرجت عن إطار الرفاهية ودخلت مع الضروريات نتيجة الراحة التي تقدمها لمقتنيها وتجنيبها إياه حاجة الآخرين، وخاصة بعد المعاناة التي بدأ يعانيها قطاع النقل، حتى بات اختراع السيارة لا يضاهيه أي تقدم تقني آخر، وترك آثاراً كبيرة في المجتمع رغم وجود آلاف الاختراعات.
الزميلة ديوب استهلت البرنامج بعد الترحيب بالضيف بريبورتاج عن أهمية السيارة، وعدد السيارات في سورية ونسبة السيارات الخاصة بالمقارنة بالدول المجاورة، ومعاناة قطاع النقل والطرق وما يتعلق بموضوع السيارات، وقام الضيف بالتعليق على ما تضمنه الريبورتاج من نقاط، وأعقبت مقدمة البرنامج التعليق بأسئلة كثيرة عن الموضوع كانت دقيقة وتفصيلية وتصب بخدمة المواطن فعلاً.
وتحدث الضيف عن آلية الاستيراد وشجع المواطن على ذلك في ظل إلغاء الوكالة الحصرية من أجل التوفير على المواطن وذهاب الأرباح إلى جيبه بدلاً من جيب التاجر، كما تحدث عن دور الدولة وضرورة تفعيل الرقابة، في هذا الموضوع حتى يحصل صاحب الحاجة على حاجته بأقل التكاليف.
كما تحدث عن المواصفات وكيفية حصول المواطن على المعلومات التي تقوده لعملية الشراء، ثم قدمت الزميلة استطلاعاً التقت خلاله عدداً من الناس الذين توحدوا على فكرة غلاء السيارات مقارنة بالدول المجاورة بسبب ارتفاع ضريبة الرفاهية وغلاء الجمارك، ولم يتم تسليط الضوء على فراغ السيارات والرسوم المرتفعة ولاسيما التي دخلت منها على البلد بأسعار عالية، ولا تزال رسوم الفراغ على ما كانت عليه رغم قدمها فيما تدخل سيارات حديثة ولا تتقاضى المواصلات الرسوم التي يمكن أن يدفعها مقتن لسيارة أقدم.
كما لم يتحدث البرنامج عن الآلية الحقيقية لضبط حركة السوق وتحكّم أصحاب المكاتب التي تبيع وتشتري السيارات المستعملة، حيث نجد التاجر يسعّر سيارة لشخص أراد البيع أقل بكثير لمن يريد الشراء، ما يعني أنه هو- أي صاحب المكتب - من يمسك بزمام الأمور وتكون رقبة المستهلك سواء كان بائعاً أم مشترياً بيد ذلك التاجر أو صاحب المكتب.
كما اقتصرت مقدمة البرنامج على الضيف في الحوار، علماً أن موضوع السيارات وهمومها والمشكلات التي تتصل بهذا الأمر كبيرة ومتعددة، ويحتمل الحوار في هذا الموضوع جهات عديدة من مختلف القطاعات ليبدي كل شخص رأيه ويقدم الحلول المناسبة لذلك إذا كان فعلاً يمتلك هذه الحلول.
في الجزء الثاني من البرنامج استضافت الزميلة ديوب ضيفاً آخر عن أسعار السلع والسوق وتحدثت عن دور الرقابة وارتفاع الأسعار وكان لها دور واضح في إيصال الفكرة للضيف عن غياب الرقابة الحقيقية ، فيما أصر الضيف أنه لولا الرقابة على الأسعار والمنتجات لما وصلت السلع الجيدة للمستهلك بأسعار مناسبة، وأصر أيضاً رغم الغلاء الموجود في الأسواق على الحديث عن رخص وتوفر المواد، وإن عزا في بعض الأحيان الارتفاع لتأثر الأسعار بالدول التي نستورد منها وأسباب أخرى، لكن دون أن يرد عن سبب احتكار البعض من ضعاف النفوس لبعض السلع رغم استيرادهم لها قبل الغلاء.
أيضاً هذا الجزء من الحلقة كان من الممكن أن يحتمل عدداً آخر من المعنيين ليطمئن المواطن أكثر على السوق ويعلم أن ما يحدث ليس إلا جزءاً من الأزمة الكبيرة المفتعلة والتي تعاني منها سورية.
حديث البلد برنامج متميز ويحمل في ثناياه قضايا كثير جديرة بالبحث والاهتمام، ومن الأفضل أن يفتح القائمون على البرنامج الباب على مصراعيه لمزيد من الحوار والمعلومات واستضافة أكبر عدد ممكن خلال الحلقة الواحدة، ويمكن للبعض أن يشارك برأيه عبر الهاتف أو أي وسيلة اتصال أخرى، حيث تبقى البرامج الخدمية تلك الجهود الإيجابية التي تقوم عن طريق شخص أو أكثر بغرض المساهمة في نمو المجتمع وحمايته دون أي مقابل.