فإن علاقته بالمطربة الكبيرة وردة كانت مميزة، كونه هو الذي صنع مجدها الغنائي،واعطاها العدد الاكبر من الحانه الخالدة، وبالتالي حقق معها أحد اشهر الثنائيات الفنية العربية في القرن العشرين.
ولقد التقى بليغ بوردة منذ مطلع الستينات عندما جاءت من موطنها الجزائر، وكان عازف الكمان الشهير انور منسي قد عرفه عليها خلال زيارتها لمصر، لتصوير فيلم (المظ وعبده الحامولي) الذي مثلته مع المطرب عادل مأمون. ولقد سجلت من تلحينه في تلك الفترة اغنيتها الشهيرة «يانخلتين في العلالي»، كما لحن لها في بداياتها أغنية شهيرة اخرى هي «احبك فوق ماتتصور» وبعد تعاونهما المثمرهذا، سرعان ماانسحبت وردة من عالم الغناء، وعادت الى الجزائر، بعد الاستقلال،حيث تزوجت واعتزلت الحياة الفنية تماما، مدة عشر سنوات انجبت خلالها ابنا وابنة.
وبعد مضي عقد من الزمن ارسلت وزارة الاعلام الجزائرية، لبليغ حمدي قصيدة خاصة بعيد الاستقلال، لكي يلحنها، دون ان تحدد له من سيغنيها، وبعد ذهابه الى الجزائر لإجراء البروفات، كانت المفاجأة أن وردة هي التي ستطلقها في احتفالات العيد العاشر لاستقلال الجزائر. وكان زوجها لايزال يعارض فكرة عودتها للفن، هي التي لم تنقطع عن الغناء في منزلها بفترة غيابه، على أمل العودة مجددا الى عشقها وولعها المتجدد بالموسيقا والغناء.
وحين أدت وردة لحن بليغ على المسرح،استقبلت بحفاوة جماهيرية لم تكن تتوقعها، وشعرت بقيمتها الكبيرة كفنانة، الشيء الذي عجل في طلاقها، وحصول التقارب العاطفي بينها وبين بليغ، الذي طلب منها العودة الى مصر، لإستئناف نشاطها الفني،ولقد توجت علاقة حبهما بزواج استمر من عام 1973 الى 1979، أصبحت وردة خلالها محورأعماله، حيث غنت مجموعة واسعة من أجمل واعذب واشهرالحانه مثل: حكايتي مع الزمان والعيون السود واشتروني وبلاش تفارق وباودعك وطب وأنا مالي ووحشتوني وخليك هنا وقاعدين في بيتنا وغيرها. ولا يمكن ان ننسى لحن الموسيقار الخالد فريد الأطرش كلمة عتاب، الذي قام بليغ حمدي بتوزيعه وإضافة بعض اللمسات الفنية عليه، وذلك بإدخال مقاطع من اشهر الحان فريد، في مقدمته الموسيقية، ولقد أدته وردة في حفل حي مع الجماهير. وايضا لاتنسى الجماهير العربية العريضة،الحوارية الغنائية التلفزيونية بين بليغ ووردة «دندنة» والتي عبرت عن صدق ورقة وعمق حساسيتهما العاطفية المشتركة والمتبادلة.
وكان بليغ حمدي قد حل قبل رحيله بأيام معدودة، ضيفا على برنامج اذاعي حمل عنوان «ورد وشوك» تم بثه من اذاعة البرنامج العام في القاهرة، وفيه أكد بأن المطربة وردة شكلت بفنها وبصوتها وبجمالها أكبرواصدق حب في حياته، وبالمقابل قالت وردة بأن بليغ هوحبها الأول والأخير، وكان يحلم ويتمنى ان ينجب، ولكن تجربته لم تنجح، ووردة لا تزال والى اليوم تتحدث عن عبقريته كملحن وفشله كزوج، وكانت حتى اواخر حياته ترحب بألحانه وترفض تماما فكرة العودة إليه، في وقت كان فيه يتوق ويتألم للعودة اليها، وذلك لعلمها أن طبيعته كانت تدفعه دائما للبحث عن حب جديد، ولهذا حدث الإنفصال، فقبلها وربما بعدها، كانت صومعته مكان ولادة الحانه ونومه وحياته، وكانت تعج دائما بالزوار، ولا سيما الصديقات. ورغم ذلك تقول وردة: صادفت الحب الحقيقي في حياتي مرتين، الأولى مع أولادي، والثانية مع بليغ حمدي.
وتضيف: خرجنا من فشلنا الزوجي هذا بصداقة وود دائمين ورائعين. ويقال بأنه عاش مرحلة من القلق والحزن بعد افتراقه عنها،، ولقد ظل يذكر اسمها حتى اللحظات الأخيرة في حياته. ولاشك بأن الجماهير العربية حزنت كثيرا لانفصالهما، ولو استمرت شريكة لحياته فترة أطول، كان تعاونهما قد اغنى المكتبة الموسيقية العربية، هو الذي له بصمته الموسيقية الخاصة والمتفردة، والحاملة ايقاعات الحداثة والتجديد والأصالة، مع اشارة الى انهما التقيا في اغنية «من بين الوف» وكانت وردة قد اطلقتها في ليلة شم النسيم في القاهرة، بعد ان طال الفراق بينهما اكثر من ست سنوات. كما ان وردة عبرت عن مشاعرها الصادقة نحو بليغ بحضورها حفل تكريمه في القاهرة الذي اقيم قبل رحيله بفترة قصيرة.
facebook.com/adib.makhzoum