لا أدري إن كان بإمكان قلمي أن يرسم الصورة.. لكن وجوهكم الغضة التي سافرت فجأة إلى غياهب الموت علقت ضمائر السوريين وذهبت إلى ما هو أبعد من القول..
ولأن الراحلين فجأة بأجسادهم لا يتركون لنا عناوينهم ولا متى سيعودون.. نبحث عن أشيائهم الحبيبة.. قلوبهم ، ملامحهم التي خبؤوها في زوايا الحياة.. خبؤوها تحت غطاء صوفي ظنت براءة الطفولة أنه كما حماها من برد الشتاء سيحميها من غدر الذئب.
ولو كان ذئباً فقط!! لكان خجل من ارتجاف الطفلتين تحت الغطاء قبل أن يزرع فوهة مسدسه في رأسيهما.. هؤلاء وغيرهم جعلوا ملامحهم مغروسة في ذاكرتنا.. ورحلوا..
شكراً عصافير الجنان لولا عطاؤكم ما كان استمرارنا ولولا شجاعتكم.. ما كان ثباتنا.. شكراً أيها الأبطال.. سورية الحبيبة ستفخر بكم دائماً، سورية لن تنسى يوماً أنكم صنعتم نصرها، عطرتم اسمها، أوقدتم بحرارة دمائكم النازفة شموع فرحها، وزينتم وجهها بجميل تضحياتكم.
رفعتم بأكفكم الصغيرة جبالها لتطاول السماء مجداً، الخلود لأرواحكم الطاهرة.
- إلى من غيب الغدر والديهم: سأضمكم إلى صدري وأقول لكم: لا تغضبوا منهم فأهلكم غادروا مكرهين.. لم يشاؤوا ذلك لكن الله شاء.
لم يكن ذنب أمكم البريئة أن قتلت بأيدي الغدر التي اغتالت بهجة عودتها من عملها إليكم... كما لم يكن ذنب أبيكم..
كفاه الخاويتان اليوم إلا من الجراح تعتذران.. إليكم لقد عادا لكن! لا كما يعود الآباء والأمهات.
عذراً سيدتي! بتنا نخجل من ضحكات أطفالنا حين يسكن الحزن حدقات أطفالك.. نخشى عندما نغطي أبناءنا ليلاً أن ينال البرد من وجنات أبنائك.
عذراً سيدي! باسم الطفولة فهي لم تستطع أن تهدي أولادك جمال عودتك وحلاوة اللقاء.
وأنت يا صغيري الجميل (آخر العنقود) لا تبك، اطمئن: ماما هناك في السماء ذهبت لتقطف لك النجوم.. لتحيك لك كنزة تلبسها في العيد وجهها الباسم لن يفارقك حتى تنام.
ستأتي إليك بعروسة الزعتر التي طلبت قبل أن يغلبك النعاس.
نادها إن وجعت.. صوتها العذب سيشفي آلامك. وبابا لن يطيل الغياب.. انتظره.. لقد وعدك بحلوى.. وأجمل الألعاب.
غداً ستكبر وتتعلم القراءة والكتابة.. عندئذ ستقرأ اسمي والديك على وجه الشمس.