تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بين السيناريو العراقي وعودة «طالبان».. مستقبل مظلم

قاعدة الحدث
الخميس 11-10-2012
 اعداد: عايدة ليوس

شكلت نهاية عام 2011 بداية انسحاب قوات الاحتلال الاميركي الغربي لأفغانستان خطًا فاصلاً في تاريخ ذاك البلد الذي عانى طوال سنين الاحتلال الاحد عشر المنصرمة ويلات الغزو

وراح ضحيتها مئات آلاف المدنيين بين قيل وجريح ، سنون صبغت المشهد الافغاني بأقتم صورة المعاناة، كما سيكون عام 2014 خطاً فاصلاً اخر عندما تحول الولايات المتحدة والناتو كامل المسؤولية إلى القيادة الأفغانية إذا صدقت وعودها.‏

الخطان الفاصلان في تاريخ افغانستان وانطلاقته نحو مستقبل خال من قوى استعمارية يطرح العديد من الاسئلة ازاء ما ينتظره في السنوات المقبلة؟ هل تعود حركة طالبان إلى السلطة؟ أم هل يلقى الرئيس حامد قرضاي مصير الرئيس السابق نجيب الله إبان انسحاب الاتحاد السوفياتي، أم يلقى البلد الخيار العراقي؟ وهل تخرج أفغانستان من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية إلى درجة لا يكاد يمكن مقارنتها مع دولة أخرى؟.‏

مجموعة الأزمات الدولية حذرت في تقرير لها بمناسبة مرور احدى عشر عاما على احتلال افغانستان من أن الحكومة الأفغانية قد تنهار بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي في العام 2014، خاصة إذا شهدت الانتخابات الرئاسية التي ستجري في ذات العام عمليات تزوير.‏

وقالت كانديس روندو المختصة في الشؤون الأفغانية في المجموعة: إن الجيش والشرطة الأفغانيين غير مستعدين لعملية الانتقال، وإن أية انتخابات فاشلة واضطرابات قد تنجم عنها قد تدفع بالبلاد إلى نقطة الانهيار .‏

اللجوء إلى «الخيار العراقي» احدى الصور المستقبلية لأفغانستان ما بعد 2014، واسلوب من الممكن ان تلجأ اليه الولايات المتحدة الاميركية في علاقتها مع افغانستان، كما يقول علي باكير الكاتب والباحث في العلاقات الدولية .‏

ويقوم هذا الخيار على ثلاثةِ عناصر: زيادة القوات الأمريكية، خلق تجمعات لقتال حركة طالبان، التفاوض مع من يريد الانخراط في العملية السياسية ممن يسمونهم «متمردين»، وذلك لخلق الانشقاق في صفوفهم، وبعثرة أوراقهم وإضعافهم. ويضيف باكير إن هذا الهدف لا يعتمد على المجهود الأمريكي فقط، وإنما على الحكومة الأفغانية من جهة، ومدى أهليتها للقيام بهذه المهمة من جهة، كما يعتمد على وتيرة عملِ « طالبان»، وعما إذا كانت ستزيد أو ستتراجع من جهة ، مع الاخذ بالحسبان الواقع القبلي في أفغانستان واختلافه عن الطابع العشائري للعراق.‏

الخبراء وعامة الناس ، يتساءلون ما اذا كان ذلك الانسحاب سيجعل البلاد أكثر أمنا وديمقراطية أو عرضة للعنف والتطرف أكثر من أي وقت مضى، في حين يشك آخرون في أن تتحرر أفغانستان كلياً من الاحتلال الأمريكي في بلد يعتبر استراتيجياً من الناحية الجغرافية، وقريباً من إيران وباكستان ودول آسيا الوسطى.‏

ويقول الصحفي نصير فياض لوكالة إنتر بريس سيرفس: لم يكن هدف الولايات المتحدة هو محاربة الإرهاب، على الرغم من أنهم قتلوا أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة السابق، فتنظيم القاعدة ما زال موجودا، بل وينتشر في جميع أنحاء المنطقة « في طاجيكستان وأوزبكستان و ...» وهو أمر مفيد بالنسبة للولايات المتحدة لأنه سيتطلب منها «تقديم المساعدة» التي يمكن استخدامها كذريعة للبقاء في المنطقة .‏

ويؤكد وادير صافي أستاذ القانون في جامعة كابول أن الولايات المتحدة «لن تترك أفغانستان أبداً نظراً لأهميته البالغة من الناحية الجغرافية والاستراتيجية، لان استراتيجية الولايات المتحدة هي استراتيجية طويلة الأمد، فهي متواجدة فيه للسيطرة على المنطقة من إيران إلى آسيا الوسطى ، ولذلك فإن الولايات المتحدة تستخدم «القاعدة « حجة للبقاء في افغانستان .‏

كما يعتقد بعض الخبراء أن الانسحاب الكامل سيؤدي إلى اندلاع حرب أهلية، والبعض الآخر يؤكد بإصرار الرأي القائل بأن تسمية القوات الامريكية ب «المنقذ» هي مجرد دعاية.‏

فيقول ماللاي جويا، وهو عضو سابق بمجلس « اللويا جيرغا « البرلمان الأفغاني إن الولايات المتحدة تريد بيع المزيد من الأسلحة إلى الأفغان، لكن أصل المشكلة الأفغانية هي الاحتلال وأمراء الحرب الموجودون في السلطة، والفاسدون فقط هم الذين يريدون للقوات أن تبقى. . محللون اخرون يتوقعون انهيار حكومة كابول بعد خروج القوات الاجنبية وعودة البلاد الى موجة عنف اشد مما شهدته في التسعينات، حيث يرى كانداس روندو من مجموعة الازمات الدولية، أن انهيار الحكومة الافغانية ليس سوى مسألة وقت، مؤكداً أن ما سيحكم كابول في 2014 و2015 هو الفوضى والعنف .‏

ويشدد روندو على ان الانهيار الذي شهدته أفغانستان في التسعينيات سيكون اسوأ هذه المرة نظرا لوجود المزيد من الاسلحة في البلاد وقدر اكبر من الدوافع للقيام «بفظائع» اكثر مما شاهدته من قبل .‏

في حين رجح تقرير لمؤسسة كارنيجى للسلام عودة حركة طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان بعد انسحاب قوات الاحتلال من البلاد عام 2014، وأكد التقرير الصادر بعنوان «بانتظار طالبان في أفغانستان» للباحث الفرنسي جيل دورونسورو المتخصص في الشؤون الأفغانية أن النظام الأفغاني سينهار حتما خلال بضعة أعوام ، مشيرا إلى أن دعم واشنطن للنظام بعد عام 2014 سيكون محدوداً، وستحقق حركة طالبان نصرا على ذلك النظام، بعد مرحلة جديدة من الحرب الأهلية.‏

صورة افغانستان ما بعد انسحاب الاحتلال الغربي لها توقعها أليكسي فينينكو الخبير في شؤون الأمن الدولي أن تكون شبيهة بالصورة التي كانت عليها إبان انسحاب قوات الاتحاد السوفييتي عام 1986 ، حيث سرعان ما اشتعلت الحرب مرة أخرى بين القبائل ولم يستطع الرئيس الافغاني الاسبق نجيب الله الامساك بالسلطة طويلا.. وفي عام 1992 تمت الإطاحة بحكومته، ويرى فينينكو أن هذا السيناريو سيطبق على الحكومة الحالية في أفغانستان، وستستأنف الحرب وهي أتية لا محالة بعد انسحاب الأميركيين، وبشكل أو بأخر ستنضم كل من طاجيكستان وأوزبكستان كذلك اليها. التحديات التي تواجهها حكومة الرئيس حامد قرضاي لا تقتصر فقط على الناحية الامنية، فهي أمام تحدٍ يضاهي في صعوبته الحاجة إلى تحمل عبء القتال ضد طالبان، وهو تولي مسؤولية اقتصاد اعتمد بشكل شبه حصري على المساعدات الخارجية لأكثر من عقد من الزمان.‏

والأرقام مذهلة في هذا الصدد، فوفقاً للبنك الدولي، فإن ما يقدر بنحو 97% من الناتج المحلي الإجمالي في أفغانستان، الذي يقرب من 15,7 مليار دولار يأتي من المساعدات العسكرية والتنموية الدولية، ومن إنفاق القوات الأجنبية في البلاد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية