تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حدث .. مثال يحتذى

آراء
الخميس 11-10-2012
 د. اسكندر لوقا

يوم قرأت في إحدى الصحف العربية، انه في تسعينات القرن الماضي، حوّل «البرت الريحاني» منزل شقيقه الأديب الفيلسوف «أمين الريحاني» إلى متحف بدأ بإنشائه منذ العام

1953 ومن ثم ظل يضيف إليه كل ما كتبه شقيقه الراحل أو ما كتب عنه، تداعت إلى ذاكرتي زيارة كنت قد قمت بها في نهاية ثمانينيات القرن الماضي إلى منزل الكاتب السوفييتي «نيقولاي اوستروفيسكي «مؤلف الرواية المعروفة» و الفولاذ سقيناه»، التي ترجمت إلى اللغة العربية كما هو معروف.‏

ولم يكن منزل هذا الكاتب كما بقية المنازل التي يرحل عنها أصحابها من الكتاب العاديين. كان المنزل عبارة عن متحف حقيقي يشتمل على كل ما يخص صاحبه، من الأقلام التي كان يستخدمها أثناء الكتابة، إلى أدوات الحلاقة، إلى الألبسة التي كان يرتديها، إلى أدوات المعيشة المختلفة، وصولا إلى كل ما كتبه هو أو ما كتب عنه خلال و بعد وفاته.‏

ومن هنا، اكتسبت مدينة «سوتشي» المطلة على البحر الأسود الواقع على الحدود بين جمهوريتي أوكرانيا و جمهورية جورجيا، و التي عاش فيها «اوستروفيسكي»، اكتسبت مذاقا خاصا لدى متتبعي اخبار الأدباء و العلماء و الفنانين العظماء، حين زيارتهم لمدينة الكاتب، و لمنزله- المتحف تحديدا.‏

ولأن نبأ إقدام «البرت الريحاني» على محاكاة ما جرى في «سوتشي» في وطنه لبنان، يعتبر حدثاً ثقافيا عظيما، فإن ذلك يجعل المرء يردد بأنها حقا البداية الطيبة التي نتمنى أن تعمم ليس في لبنان فحسب، بل في أرجاء الوطن العربي كافة، وذلك من منطلق الحرص على تراث رواد النهضة العربية من خطر الضياع أو الاندثار، بفعل الجهل أو التجاهل كسبا للمال. وإن ما تصطدم به اعيننا أحيانا حين نقتني كتابا من على رصيف شارع كان يجب أن يكون في مكتبة وطنية أو في إحدى المؤسسات التعليمية، يجعلنا نتساءل عن إمكانية إصدار تشريع يلبي حاجة الطرفين معاً، حاجة وريث مكتبة الراحل عنها من جهة، ومن جهة أخرى حاجة الوطن إلى حماية تراثه لا يمكن أن يعوض من الكتب أو المخطوطات النادرة التي يجري الاتجار بها أحيانا.‏

إن تشريعا يصدر لتلبية مثل هذه الحاجة المزدوجة، لابد أن ينمي لدى الوريث، في حال غياب صاحب المكتبات الخاصة بصورة فجائية، شعورا أكثر التزاما بالمواطنة، وأقل انزلاقا لجهة المتاجرة بما يكون المورث قد خلفه وراءه، وقد يكون بين ما خلفه كتاب أو أكثر، له مكانته لدى مراكز البحث و الدراسات العالمية لاعتبارات ربما لا تؤخذ بعين الاعتبار لدى من انتقلت إليه ملكية الكتاب عن طريق الوراثة.‏

iskandarlouka@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية