تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في التـــاريخ دائماً حقــــائق وعبــــر

متابعات سياسية
الخميس 16-10-2014
 بقلم: د. أحمد الحاج علي

ليس الخطر في الصراع الراهن ناجماً عن وقائعه وتطبيقاته فحسب فهذا هو الأصغر والأحقر في بنية الإرهاب والاستعمار لكن الخطر الحقيقي في مجمل قوى ووقائع الإرهاب

إنما ينتمي إلى نسقين اثنين سوف يكونان على الدوام البيئة الحاضنة لكل أنماط الإرهاب وسيكون من شأنهما أن ينطلقا من وحدة عضوية تجمع المجرم والجريمة معاً.‏

أما النسق الأول فهو أن الإرهاب تحول إلى تيار متكامل منبعه الغرب وامتداداته في الوطن العربي والعالم وأدواته تنظيمات ومنظمات بنيت في الشذوذ، وفيه نمت وعلى مساراته كونت هذه القوى عقائدها السوداء ومناهجها المنحرفة وخياراتها عبر القتل والتهديم وإنجاز الموت كمادة بشرية تبعث السعادة عند المنحرفين كلما تغولت الجريمة وتوغلت في سفك الدم البريء .‏

إن المعالم الأساسية في هذا النسق تنطلق من جفاف القيم وتعميم الجهل وتغذية الشذوذ والربط العضوي والمسلكي ما بين غواية القتل وقيمة الإنسان الشاذ، وهكذا واضح فإن قيم التحريك والتأسيس والحماية بالمعنى الإيجابي لحضارات البشر هي مسحوبة من برامج ومناهج القوى الإرهابية ومن يستولدها ويصدرها إلينا، ، لعلنا نلاحظ هنا صوريتن نقيضتين، في الأولى هذا الاشمئزاز والذهول الذي ينتاب الإنسان العادي والطبيعي وهو يعاين الإرهاب ويعيش انفجاراته المؤلمة إن كل مواطن حي مالك لعقله ينتمي لضميره كما ينتمي ضميره له يشعر بهذه الصدمة التي ينتجها الإرهاب وما كان لأحد أن يصل به الوعي والاستشراف إلى الدرجة التي ينتجها الإرهاب في هذه الأيام، بدءاً من الفكرة السياسية مروراً بالتبرير واستقراراً عند قطع الرؤوس وتهديم المعابد وقتل الأطفال الأبرياء بالجملة.‏

وفي الصورة الثانية ينفث الحقد سمومه والسموم هنا مادة فكرية وعاطفية تنتج السعادة والخيلاء في نفوس المجرمين الإرهابيين ، لا شيء يردعهم ولا مشهد يحرك فيهم ذرة من وجدان وكلما امعنوا في القتل اكتسبوا درجة مزيفة مشوهة تؤكد لهم أنهم الأقوى وأنهم وكلاء الشيطان على الأرض ومن أجل هذه اللحظة المخزية حضارياً وأخلاقياً وسياسياً يلجاً الإهاربيون اتباع هذا السلوك إلى الطقوس الاحتقالية إلى الطقوس الاحتفالية إلى حد الإدعاء والتباهي بأنهم مسيرون في ذلك لا مخيرين وأن إرادة الله والسماء هي التي منحتهم هذه الفرصةوهنا يكمن الخطر المؤلم .‏

فقد اكتشف الإرهاب والاستعمار معاً أنهم بهذا الإدعاء يضعون الله على طريقة / التلمود/ تحت تصرفهم وهم / أي الإرهابيين/ معفون من المساءلة بل هم في أعمق لحظات الفخر الذاتي عبر وهم البطولة المدماة القاتلة والانتساب للسماء وانعكاس ذلك كله في موجات الرعب للبشر وفي استطراد بطيء لكنه ثابت في هذا الاتجاه يلوذ الإرهابيون إلى تفسير غرائبي يقوم على اتهام الوطن والمواطن بالجرائم ومشاهد الموت وسفك الدم الجماعي ويبقى النسق الثاني الذي ينتظم ظاهرة الإرهاب وفي عمق مضمونه وخلاصاته هو هذه الحالة العضوية من الوحدة والتفاعل فيما بين عناصر الجريمة برمتها حضارة الغرب المادية والمشاريع الاستعمارية في العصر الحديث عبر القوة الصماء وتسخير مزايا التكنولوجيا كل ذلك يشكل ضبعاً يحاول أن يكون دائماً مرتعاً للقوى الإرهابية بطريقة التبني وبمدى التماهي وبثقافة المنتج البشري الواحد والمصير الموحد للقوى الاستعمارية الغربية والصهيونية والمنظمات الإرهابية إن الغرب على سبيل المثال بشقيه الأميركي والأوروبي يرى حقيقته وليس مجرد صورته في المدى الإرهابي وفي المد الإجرامي هذا.‏

وهكذا فإن الإرهاب نتاج شرعي ومنظم للنزعة الاستعمارية والنزعة الاستعمارية ذاتها مرجعية تاريخية وفكرية ومسلكية للقوى الإرهابية ومن هنا نجد في الميزان النقدي أن السمات الحاكمة للطرفين واحدة وكل منهما يستقوي بالآخر يتحرك به وله ويستمد منه الموجبات المستحدثة التي تتطلبها عادة سيالة الزمن وأحوال التاريخ في تغيراته ومستجداته ألا نرى الآن مثلاً أن أميركا هي التي استخدمت السلاح النووي ضد اليابان في هيروشيما وناغازاكي وللعلم في العام 1945 كان ميكادو اليابان قد وقع محضر استسلام هذه الدولة في نهاية الحرب الكونية الثانية.‏

لكن المسألة بسياقها الحضاري الخاص عند الغرب لاتتوقف كثيراً عند الأسباب والضرورات كان لابد من تدمير البشر بمئات الآلاف لتنجز أميركا ذاتها وتنتشي بسعادتها وتوصل الرسالة إلى شعوب العالم وتاريخه اللاحق بأنها قوة بأسنان زرق مسمومة وبأظافر محشوة بالدم الجاف الذي لابد أن يتحول إلى دم سائل والأحداث الراهنة في الإرهاب ومشروعه على سورية يعطينا مثلاً آخر حياً وصادماً لمن لايعرف ومستمراً لمن يواكب التاريخ بحقائقه. الآن تركيا أردوغان وهو سليل السلجوقية ومعتنق الطورانية والمجسد في ذاته جنون العظمة وغواية سفك الدم وفرنسا هولاند الوريث غير المفضل للحضارة الفرنسية الاستعمارية هذان الموقعان وهذان المتنفذان عادا ليلتقيا مرة أخرى على فكرة اقتطاع جزء من الوطن السوري الأم، بالأمس وفي العام 1936 حدثت جريمة سلخ لواء اسكندرون عبر النقيضين فرنسا وتركيا واليوم تدور دورة الزمان وتحدث حالة العودة على البدء فإذا بأردوغان وهولاند يطرحان فكرة المنطقة العازلة واقتطاع الأرض السورية هنا نعثر على مصدر من الضرورة بمكان أن ندخله في أدائنا الوطني العام.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية