تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مؤتمر إعادة إعمار غزة .. وعود ووصايا..!!

متابعات سياسية
الخميس 16-10-2014
 عبد الحليم سعود

بعد ثلاث حروب عدوانية مدمرة لقطاع غزة وعشرات الاعتداءات الوحشية المتفرقة التي أفرغ خلالها الكيان الصهيوني مخازنه من أحدث ما ابتكرته آلة القتل والتدمير الأميركية على رؤوس الفلسطينيين ومنازلهم ومنشآتهم المدنية والاقتصادية والخدمية وبنيتهم التحتية،

حدث ما لم يكن في حسبان أحد وخاصة الضحايا المظلومين في القطاع المحاصر، حيث حلت واشنطن الحليف والداعم الأول لعدوهم اللدود ضيفة على المؤتمر الدولي لاعمار غزة، لتشارك في إعمار ما هدمه سلاحها مرات عدة وكأن شيئاً لم يكن، ولم يكن ينقص المؤتمر سوى مشاركة إسرائيل حتى ترتفع عجائب الدنيا إلى ثمانية عجائب..؟!‏

فهل كان الحضور الأميركي للمؤتمر كنوع من التكفير عن الذنوب المرتكبة بحق الفلسطينيين تحت ضغط تأنيب الضمير، أم أنه جاء بهدف تجنيب إسرائيل مسؤولية التدمير والجرائم التي ارتكبتها على مبدأ «يا دار ما دخلك شر» و«عفا الله عما مضى»، أم أنه جاء بهدف الضغط على السلطة الفلسطينية لمنعها من التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف أممي بدولة فلسطين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها، وخاصة بعد التعاطف الكبير الذي لقيته القضية الفلسطينية أثناء العدوان الأخير على قطاع غزة والذي دفع الكثير من دول العالم لإبداء رغبتها بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والتأكيد على حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.‏

من المؤكد أن مسألة تأنيب الضمير غير موجودة في وعي الإدارة الأميركية لا اليوم ولا غداً وهي ماضية في دعم القاتل وعدم إنصاف الضحية إلى آخر المطاف، فالمبالغ التي وعدت بتقديمها للمؤتمر لا تكفي ـ حسب محللين ـ لاعمار ما نسبته اثنان من ألف من إجمالي البنية التحتية التي دمرتها حروب إسرائيل الأخيرة في قطاع غزة بالطائرات والصواريخ والقنابل الأميركية الذكية وغير الذكية، وهي لا تعادل سوى أقل من خمسة بالمئة من مجموع ما تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل كمساعدات سنوية على سبيل التسليح والاستيطان ودعم النشاطات الأخرى، وبالتالي فإن الحضور الأميركي في المؤتمر له غايات وأهداف أخرى لا يمكن أن تخرج في النهاية عن الإطار العام وهو الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وخدمة مصالحه التي لها الأولوية في السياسة الأميركية الخارجية، وهذا يعني أن الحضور الأميركي في مؤتمر إعادة إعمار غزة هو نوع من ذر الرماد في العيون وإلهاء الفلسطينيين والمجتمع الدولي بقضايا أقل شأناً من القضايا المصيرية، فإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وعودة اللاجئين وتحرير الأسرى والمعتقلين ووضع القدس والحدود أهم بكثير من تقديم وعود مجانية بإعادة إعمار بنية تحتية ليس هناك ضمانة واحدة من أن لا تعود إسرائيل مرة أخرى لتدميرها بأي ذريعة من الذرائع الجاهزة وأهمها وجود المقاومة في القطاع، ومن تابع المؤتمر يلاحظ أن حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة لم تكن جوهرية وأساسية في مداخلات المشاركين اللهم سوى في مداخلة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي طالب المجتمع الدولي بإنهاء الاحتلال والاعتراف بدولة فلسطين وأعلن استعداده للذهاب إلى الأمم المتحدة من أجل هذه الغاية.‏

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ما هي القيمة الفعلية للقرارات والوعود التي خرجت من المؤتمر ما لم تحمل صفة الإلزام ويكون لها سقف زمني محدد، فقد سبق أن سمع الفلسطينيون وعوداً كثيرة بإعمار ما هدمته إسرائيل حتى من بعض الدول العربية الدائرة في الفلك الأميركي، ولكنها بقيت حبرا على ورق بحيث لم يحصل الفلسطينيون على دولار واحد يخفف معاناتهم وينهي حصارهم الجائر، في حين ظلت المساعدات المالية والعسكرية تنهمر على الكيان الصهيوني من كل حدب وصوب بما في ذلك وسائل وأدوات القتل والتدمير المصوبة على الفلسطينيين.‏

إن أي وعود أميركية أو غربية بالمساعدة على اعمار غزة لن تقدم أو تؤخر ما لم تتوقف إسرائيل عن سياسة العدوان، وتقبل بحل الدولتين، فهي التي تسيطر على الأرض والبحر والجو، وتحاصر الفلسطينيين في وطنهم واقتصادهم ولقمة عيشهم، وأما حديث كيري عن العودة للمفاوضات من أجل الوصول إلى السلام فمضيعة للوقت وقطع لكل الطرق المؤدية إلى إنهاء الاحتلال والاستيطان وعودة الحقوق الفلسطينية، لأن إسرائيل تجيد خدعة المفاوضات لتكريس أمر واقع على الأرض.!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية