تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


يوم كنا عرباً ..

إضاءات
الخميس 16-10-2014
شهناز صبحي فاكوش

يوم كنا عرباً.. انتصرنا في تشرين. واجهنا الصهاينة وغلبنا عدونا.. هزمنا حلماً رهيباً.. أزحنا كابوساً مرّاً من مخزون الذاكرة..

تشرين (أكتوبر) 1973 يشهد.. خط بارليف وخط آلون يشهدان على تفوقنا على عدونا.. مذكرات موشي دايان وزير حرب الكيان الصهيوني حينها، تشهد على نصرنا عرباً في المفهوم الجمعي.. تلاقينا وواجهنا في حركة الصراع وانتصرنا..‏

الجيوش المقاتلة الأساسية سورية ومصرية.. النخوة العربية كانت حاضرةً وقتها، وبارتفاع منسوبها لدى الحكام بسبب الضغط والهياج الشعبي، وصلت التجريدة المغربية؛ والفرق العراقية؛ والمشاركة اليمنية والأردنية.. ما استحوذ نصر اللحظة ورسم مسارات الزمن القادم..‏

الجبهة غير العسكرية كانت حاضرة أيضاً.. حيث أُقفلت صنابير البترول الخليجي ما أوجع خاصرة الغرب، خاصة دول الاستعمار التاريخي للأمة العربية.‏

تقدمت جيوشنا للعمق المحتل، والعسكري الصهيوني مع قادته مهزومون تماماً ولولا غولدا مائير حينها لأعلن دايان هزيمتهم.. التي أصبحت على كل شفة..‏

يومها كنا عرباً.. فحُسب لنا ألف حساب.. وانتفت سلوكيات التخاذل.. تابعت سورية المعركة رغم وقف العمليات العسكرية على الجبهة المصرية دون سابق إنذار ..‏

منذ تلك اللحظات تَجنّد الغرب المستعمر فكراً وفعلاً؛ بعد هزيمته والصهيونية لسفك الدم العربي عبر خفافيش الظلام.. تقود حملته المسعورة، تخطيطاً أمريكا..‏

زُرعت المعاهدات والتف طوق كامب ديفد على العنق المصري ومازال.. الحدود مع الكيان آمنة فَلِمَ تُفتح ؟!!.. الأردن دخلت في سبات وادي عربة بكل أبعاده. غرقت فلسطين في متاهة أوسلو وتوابعها، وصولاً لمحاولة تصفية قضيتها ..‏

ظلّ المخرز الذي يفقأ عيون المستعمر ومن والاه ولف لفيفه.. صمود سورية وطهارة كف قيادتها؛ التي لم تصافح ولم تسامح بقطرة من دم شهيد.. أيّاً من قادة صهيون يؤرقهم.. هي تدرك بوعيها المتألق دورها الحضاري وأبعاد وجودها..‏

خرج ثعلب السياسة الأمريكية كيسنجر مطروداً من سورية.. فبدأت المؤامرات تحاك ضدنا. بالترغيب لم يفلحوا.. بالترهيب لم نخضع.. ثوابت استقرارنا غاظتهم..‏

لابد من تفكيك طوق الجوار السوري بالتحطيم العسكري للدول القوية وتثبيط الأخريات وإغراق الباقي في أوكار الملذات.. واللعب بالعروش بهزها عند الحاجة. عندها تتزعزع الدولة السورية حسب مخططاتهم..‏

احتُلت العراق عشر سنوات وهيمن على نفطها، المخزون الأكبر.. تحققت مكاسب لإعادة التوازن للاقتصاد الأمريكي المتدهور. فواتير الاحتلال يدفعها الخليج..‏

لكن الصمود السوري والمقاومة المنتصرة، المدعومة سوريّاً في الساحة الإقليمية غيّر مخططات العدو، طفا على السطح مشروع الشرق الأوسط الجديد، ليبتلع من كانوا عرباً، ولما وقفت سورية في وجه هذا المخطط البغيض.تغيرت خططهم..‏

أنجزوا ما دعي بالربيع العربي، الإعصار الذي قطّع أوصال الأمة برمتها، وفي داخل أقطارها.. والرهان على إسقاط سورية لتأمين أمن الصهاينة.. نجح المخطط في غير مكان وغرقت أقطار الأمة في تسونامي. وبدأ البيع العربي في مزاد علني..‏

صمدت سورية وعَبَرَتها رياح مخططهم بمواجهة جبارة، جيشاً وشعباً، قيادة وقائداً. ازداد عمق المؤامرة وبدأ ضخ الإرهاب إلى الداخل السوري، بدعم أمريكا وحلفائها وإسرائيل. هم يعرفون تماماً مفاعيل الإرهاب لأنه ببساطة؛ صنع في بلادهم..‏

سورية التي تخلى عنها من كان اسمهم عرباً أشقاء. وجدت حلفاء لها تجمعهم بها قواسم مشتركة لم يتخلوا عنها.. وبالحكمة السورية المعهودة تصدت للتهديدات الأمريكية، وحقنت الدم السوري بموضوع الكيماوي الملفق.‏

الصمود السوري رغم حجم التضحيات الكبير مازال في أوجه، بل يزداد قوة وتعاظماً.. أعيى أعداءها ..حتى تآكل الكثير ممن حاربها داخلاً وخارجاً..ما جعل البعض من تنظيمات الإرهاب يخرج عن طاعة مشغليه.. لتبقى سورية مضيئة..‏

بات الإرهاب الذي صنّعوه؛ غولاً يخشون نشوب أظافره.. فأعلنوا الحرب عليه وتحالف معهم من كانوا يُسَمَّوْنَ عرباً.. النفط مقابل ثبات العروش ..‏

وادعوا ضرب الإرهاب الذي حقنوه في أراضينا.. كذب المتآمرون ولو صدقوا.. تضرب بعض المواقع، وتصيب طائراتهم بعضاً من الجيش العراقي.. وآسفون؟؟‏

الضرب الكثيف يصيب أعداداً.. ويدخل الدعم التركي في وضح النهار، ألم تراه الطائرات المتحالفة؟!!.. ويصل الإمداد العسكري لضرب عين العرب الصامدة المدافعة عن أرضها وعرضها.. وطائراتهم في السماء، تُراها تغطي وصوله؟؟..‏

يوم كنا عرباً انتصرنا.. تخلوا عن عروبتهم، وحافظنا عليها.. منهزمون، ستنقلب عروشهم على رؤوسهم.. ستلتهمهم داعش بأنياب صهيونية.. لن ينفع الخنوع..‏

سننتصر لأننا مازلنا عرباً.. وعين العرب ستصمد وتنتصر.. رغم صمت العالم. وسلاح أردوغان وضرب الكيماوي، لن يحقق حلمه في المنطقة العازلة، وستتحطم أسنانه التي يبردها لقضم أرض سورية.. وإن درب إرهابيين لحلمه السلجوقي..‏

يوم انتصرنا في تشرين ما كنا نرى فينا أعراقاً وأدياناً وطوائف .. كنا جميعاً للنصر نسير وانتصرنا.. واليوم لا نرى في ذاتنا إلا أننا سوريون ولنصرنا نسير لذلك سننتصر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية