منذ زمن بعيد تطبع الشمس أناملها المبدعة ، فعندما يأتي العيد ، كانت تغزل من أشعتها الذهبية خيوطاً تنسج منها فساتين و قمصانا ، يفرح بها الأولاد والبنات ..
و تصنع من المحبةِ مظلاتٍ ملّونةٍ ، تكفي جميع الفقراء و الأغنياء ..
بينما كان هناك شيء اسمه « الخوف »، يعيش في صحراء قاحلة ، لا تنبت الأزهار فيها و لا تطير الفراشات ، حيث لا ينابيع تغرّد بين التلال و لا عصافير تمرّغ أجنحتها بالرذاذ الطيّب .
إنما آبار يخرج منها شراب أسود ، كلّما شرب منه الخوف ازداد بشاعة وحسدا و كرها للجمال ..
الخوف يخاف نفسه و يخاف النور . هو لا يحب أرض النور ولايحب طيبة الأميرة .. ولا يحب حرّاسها الجميلين ، لأنهم لا يخافون ، لكنّه يحب أن يأكلهم ..
و في يوم من الأيام بعد أن ملأ الخوف معدته الكبيرة بشرابه الأسود ، قرر أن يذهب الى أرض النور و أن ينفث فيها سمومه و دخانه الأسود فيحجب الشمس و يحجب الفرح والمحبة .
حوّل الحرّاس الى طيور و بدأ يصطاد و يأكل منها ، ويخيف البقية فيجبرهم على التخلي عن أرضهم و أميرتهم فيهاجرون الى بلاد بعيدة .
و لكن الطيور الحرّاس أبت أن تترك أرض النور و أميرة النور ، و كانت كل مطلع فجر تقاتل الخوف المختبئ خلف الضباب الاسود ، دون أن تيأس ، ودون أن تبالي بشراهته...
أما الأميرة الصبورة ، فظلّت تنتظر الفجر كل يوم لتجمع خيوط الشمس المتسربة من سحابته السميكة ، و تغزلها بأناملها الرقيقة ، لسنوات و سنوات دون كلل او ملل ، لا تأبه بالتعب و لا بما يصنعه الخوف في النفوس الضعيفة ، حتّى أصبحت نحيلة و تعبت عيناها من السهر ، كي تنجز ما دأبت عليه ، فكانت شبكة كبيرةً و متينهً جداً .
و في أحد الأيام ، نادت طيورها الحرّاس ، و رمت اليهم بشبكتها ، فأمسكت الطيور بالشبكة و اصطادت بها الخوف ، الذي وقع مكبّلا لا يقدر على الحراك ، ثم حملت الشبكة و طارت بالخوف الى سجن مليء بالمرايا .
قالت الأميرة : لتكن عقوبة الخوف أن ينظر الى نفسه دائما ، فيرى وجهه القبيح ويخاف منه الى أبد الآبدين .