وتمت الموافقة على الميزانية التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتأييد 142 صوتاً مقابل صوت واحد.
ورحب بان بالمصادقة، وعبر أيضاً عن أسفه لأن الميزانية لم تحصل على الاجماع، الأمر الذي يخالف التقليد المتبع منذ عشرين سنة.
وحث الأمين العام جميع الدول الأعضاء على العودة إلى اتخاذ القرار بتوافق جماعي واظهار مزيد من المرونة والحلول الوسط بدلاً من المصالح الوطنية المنفردة لمصلحة قضية تعددية الأطراف المشتركة.
ويرجع التصويت الأميركي المعارض إلى صندوق خاص بقيمة 6.7 ملايين دولار في الميزانية لمتابعة المؤتمر العالمي لمناهضة التمييز العنصري عام 2001.
وانسحب وفد الولايات المتحدة و«إسرائيل» من المؤتمر العالمي الثالث لمناهضة التمييز العنصري الذي انعقد في دربان بجنوب افريقيا احتجاجاً على الانتقاد الذي وجه «لإسرائيل» بسبب ممارساتها العنصرية وأصرت حينها الدول النامية على أن 6.7 ملايين دولار يجب أن تدفع من الميزانية الدورية للأمم المتحدة وليس من الإسهامات التطوعية.
وتتسلم الأمم المتحدة تمويلها السنوي من أعضائها البالغ عددهم 193 دولة حيث يقدم كل عنصر اسهامات حسب قدراته الخاصة.
وفي عام 2002 نشر تقرير يقول إن ميزانية الأمم المتحدة تبلغ نحو 1.3 مليار دولار سنوياً وهي تغطي تكاليف أنشطتها وموظفيها وهياكلها الأساسية دون عمليات حفظ السلام التي لها ميزانية مستقلة، وجميع الدول في الأمم المتحدة ملزمة بموجب الميثاق الخاص بالأمم المتحدة وهو بمثابة معاهدة دولية أن تدفع حصة من الميزانية.
ويقول التقرير إن منظمة الأمم المتحدة واظبت حتى عام 2002 على انفاق ما مجموعه 12 مليار دولار سنوياً بما في ذلك الأمم المتحدة وعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وبرامجها وصناديقها ووكالاتها المتخصصة عدا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وتغطي الدول الأعضاء أكثر بقليل من نصف هذا المبلغ والمبلغ المتبقي يرد في الأنصبة المقررة المفروضة على تلك الدول.
وتنفق الأمم المتحدة ووكالاتها وصناديقها وبرامجها ولاسيما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأغذية العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وصندوق الأمم المتحدة للسكان ما يقرب من 6.5 مليارات دولار على الأنشطة التنفيذية الإنمائية التي تشكل بمعظمها برامج اقتصادية واجتماعية وإنسانية تنفذ لمساعدة أكثر بلدان العالم فقراً، وإضافة إلى ذلك يقدم البنك الدولي للتنمية الزراعية وصندوق النقد الدولي كل سنة مزيداً من المليارات في شكل قروض تساعد على القضاء على الفقر وتعزيز التنمية واستقرار الاقتصاد العالمي.
وبالمقارنة مع ما تنفقه الأمم المتحدة والنفقات العسكرية العالمية التي تصل إلى نحو 800 مليار دولار سنوياً فإن هذا المبلغ كفيل بتغطية تكاليف منظمة الأمم المتحدة لفترة تزيد على 65 عاماً.
وتحدد عادة نفقات الأمم المتحدة من خلال عمليات بالغة الدقة تشارك فيها الدول الأعضاء كافة ويقدم الأمين العام الميزانية المقترحة أولاً إلى الجمعية العامة بعد الفحص الدقيق للطلبات الواردة في كل إدارة من إدارات الأمم المتحدة على حدة ثم يتم تحليلها من قبل اللجنة الاستشارية لشؤون الإدارة والميزانية بأعضائها الـ16 ولجنة البرنامج والتنسيق بأعضائها الـ34 وتحال توصيات اللجنتين إلى لجنة الإدارة والميزانية التابعة للجمعية العامة والتي تضم جميع الدول الأعضاء لتخضع الميزانية لمزيد من الفحص وترسل إلى الجمعية العامة كي تراجعها بصفة نهائية وتقرها ومنذ عام 1988 والميزانية تقر بتوافق الآراء وهذا تقليد يدفع الدول إلى كبح زيادتها.
إذ يلزم دستور الأمم المتحدة وهو صك دولي جميع الدول الأعضاء بدفع جزء من الميزانية وبالإضافة إلى هذه العملية المنتظمة قامت الجمعية العامة في عام 2005 بمراجعة ميزانية إضافية لدعم التوصيات التي وردت في وثيقة نتائج القمة العالمية التي عقدت في نيويورك في أيلول عام 2005 وتدعو وثيقة النتائج إلى مضاعفة موارد الميزانية العادية للمفوضية على مدار خمس سنوات.
لا يمكن انكار ما قدمته الأمم المتحدة للبشرية، حيث حسنت هذه المنظمة ووكالتها صحة ملايين الناس بقيامها بتحصين أطفال العالم ومحاربة الملاريا والأمراض الناجمة عن الطفيليات وتوفير مياه الشرب النقية وصحة المستهلكين إلا أنها وقعت في مصيدة الامبريالية العالمية، وأدى اعتمادها على المساعدات الخاصة من الدول الكبرى إلى التحكم في الكثير من قراراتها.