صحيح أن أردوغان يعتمد مبدأ الرعونة تجاه سورية، إلا أن هذه الرعونة تتوقف عند حدود الضغط والتهويل، على حين أكدت سورية في أكثر من مناسبة أن الحملات والتهديدات والتخيلات لن تثنيها عن مواصلة مسيرة الإصلاح، وبأن أي اعتداء خارجي على الأرض السورية لن يكون نزهة.
وسورية الواثقة من قدرتها على المواجهة وإحباط المؤامرة التي تستهدفها، تدرك أن حكومة أردوغان ليست مطلقة اليد في اتخاذ قرار بحجم قرار المواجهة مع سورية، وما يمنع أردوغان من اتخاذ قرار كهذا، هو وجود الجيش السوري بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية خوف أردوغان وحكومته من منح الجيش التركي مهام عسكرية خطرة، لأن ذلك يعد اعترافاً من الحكومة بفشلها السياسي، وتسليماً بسلطة العسكر التي لاتزال سلطة علمانية رغم التعيينات الأردوغانية فيها.
حكومة أردوغان مرتبكة، وهي تعيش عقدة ذنب نتيجة عدم اقتران أقوالها بالأفعال، وهذا الارتباك سيتجلى تصعيداً ضد سورية، وما تصريحات أردوغان الأخيرة سوى عينة، لأن المطلوب من تركيا حالياً، هو مواكبة الضغط الغربي على سورية، وذلك على غرار ماهو مطلوب من عرب أميركا و«إسرائيل» الذين قبضوا على قرار الجامعة العربية لتوفير غطاء للهجوم الأميركي الغربي على سورية.
لاشك في أن سيناريو المنطقة العازلة هو جزء من المواكبة التركية للهجوم الغربي، وهذا السيناريو هو لتشتيت القوة السورية على الجبهة مع العدو الصهيوني، على حين أن الغطاء العربي هدفه إحراج قوى دولية حليفة لسورية!!.
لكن، وبعد أن سقطت من يد القوى العربية والإقليمية والدولية ورقة «الحرية والسلمية» وظهر أن سورية تتعرض لمؤامرة حقيقية أدواتها مجرمون متخصصون في القتل، يمتلكون أسلحة فتاكة تأتي من كل حدبٍ وصوب، فإن القرار اليوم يجب أن يكون للحسم بغية استئصال سرطان الفتنة والإجرام.