الدولار الضعيف بعد عشر سنوات من ذلك في عهد ريغن تسلمت أميركا مجددا,وشهد العالم انهيار الاتحاد السوفييتي فكانت سنوات الدولار القوي.
في الوقت الحالي بينما تعيش أميركا ظروف فيتنام ثانية في العراق بدأ يلوح مجددا( شبح) الدولار الضعيف ليلامس أدنى مستوياته تاريخيا .
فالعلاقة القائمة بين قيمة العملة لدولة ما وجيوشها ترتبط بالحروب التي تعمق من العجز إذا يستنفد تمويل الجيوش طاقة الدول,وبهذا ما على الدولة التي في حالة حرب سوى رفع قيم فوائدها لتقوية عملتها.
أما حين تنتهي الحرب فما عليها سوى تسديد ديونها والتخلص من الفائض كلما ثبتت الدولة توازن حساباتها كلما انخفضت قيم الفوائد وقيمة العملة.
فالعملة القوية هي مثال الإلياذة أما العملة الضعيفة فهي مثال الأوديسة,وما يفسر الواقع الأمريكي اليوم :حادثتان وهو أنه خلف العجز العام هناك تدهور ميزان التسديدات الأمريكية.
الأولى سببها الشراهة المستمرة للمستهلك الأمريكي على البضائع المستوردة ولا سيما تلك القادمة من الصين.
فلقد تحول المجتمع الأمريكي إلى مجتمع لا صناعي حيث ارتفع الاستيراد فيه إلى 50% خلال أقل من عشر سنوات التوجه الآخر هو التعطش إلى المستثمرين الأجانب للحصول على التمويلات دون صعوبة ظاهرة وبمعنى آخر تبيع الصين للولايات المتحدة منتجات صناعية ذات جودة عالية متيحة لها بذلك الشراء بالدين.
ومن سخرية الأقدار أن تقول الولايات المتحدة اليوم: عجزنا هو فائضكم ...الصينيون في هذا اليوم لا يقصدون( التنازل) وهم لا يرغبون إهمال المحرك الرئيسي لنموهم: التصدير بحثا عن التوازن المالي للولايات المتحدة فهل يدفعون- بشكل مقصود أو غير مقصود-الأمريكيين نحو الإفلاس?!
في الواقع لا, على الأقل في الوقت الحالي يترتب على الولايات المتحدة ديون كثيرة تصل إلى 100% من صافي دخلها القومي لكن لها أيضا ديون على باقي دول العالم يصل إلى 80% تقريبا.
بالرغم من هذا التوازن تزيد العوائد التي تصلها من دول العالم تحت اسم ديونها أكثر مما تدفعه للخارج كيف ذلك?
يقول البعض أن الولايات المتحدة تسدد وسطيا 3,5% لمدينيها بينما كانت تحصل عوائد بقيمة 6,8% على استثماراتها الحرة.
أساس الدين الأمريكي في الواقع مقابل قيمة سندات مصدرة بينما أساس الأموال الأمريكية هي عبارة عن أسهم واستثمارات مباشرة.
الديون الأمريكية مدونة بالدولار بينما 70% من أموالها موجودة بالعملات الأجنبية بحال فقد الدولار 35% من قيمته قد يلغي فجأة الاستدانة الأمريكية المحضة وقد تتيح أيضا لأمريكا تقليص عجزها الخارجي الذي يقارب7% من صافي دخلها القومي بحسب التقديرات الاقتصادية ,انخفاض الدولار بنسبة10% يساعد في تقليص عجزها بنسبة1% .
لقد عرف الدولار دورات كثيرة من الانخفاض والارتفاع والتي استمرت كل منها لمدة سبع سنوات وسطيا,وما يهدد الدولار هو اتساع العجز وثقل الدين والتدخلات الجديدة في آسيا والدولار اليوم هو مثال الأوديسة الأمريكية التي ستستمر طويلا.