تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وصفها ب (البيضاء) لا يبعدها عن الكذب?!

عيادة المجتمع
الأحد 18/2/2007
نيرمين خليفة

زوجي يكذب علي... وأنا أكذب على الجيران..

معظم الأكاذيب التي يمكن تفهمها والتسامح إزاءها تعتمد كما يقول علماء الأخلاق على استبدال مبدأ الثقة بمبدأ الاهتمام, كأن تكذب على طفل كي تهون عليه أمراً عسيراً أو أن تخدع شخصاً بكذبة لتفاجئه بحفلة ممتعة. وجميعها تصب في إطار الكذبة البيضاء التي أصبحت شائعة ومألوفة.‏

فكما قال لي أبو حسام إنه يكذب لتحسين صورته أمام زوجته وأولاده, فالبارحة امتدحه مديره بأنه أنشط موظف في الوظيفة واليوم امتدحه صديقه بأنه إنسان وفي مخلص صادق.‏

بينما أم حسام تكذب كما قالت أثناء تعاملها مع النساء من صديقات وأقارب وجيران كي تتجنب جرح مشاعرهن فتصف إحداهن أنها جميلة, وتصف الأخرى بأنها جذابة, كما أنها تردد في أكثر الأحيان ما يقوله لها زوجها وكما يقول المثل (زوجي بيكذب علي وأنا بكذب على الجيران)‏

على حين ابنهما المراهق حسام قال إنه يكذب على والديه تفادياً للعقاب.‏

فكما نسمع ونرى أن الزوج يكذب على زوجته والزوجة تكذب على جاراتها وصديقاتها والجيران والولد يكذب على أهله والبنت تكذب على أمها والموظف يكذب على مديره.‏

وكذبات يضعها أصحابها تحت اسم الكذبة البيضاء والمبررات التي يسوقونها تسويقاً للكذب, أصبحت شائعة ومألوفة.‏

فكم نثني على أناس لشخصيتهم الجذابة ومظهرهم الأنيق وهم غير ذ لك, وكم نعرب لآخرين عن تقديرنا لهداياهم لنا بينما نحن في قرارة أنفسنا لا نعني ما نقول.‏

صحيح أن هذه الأكاذيب ناعمة وليست مؤذية وهي تغلف نيات حسنة تفيد ولاتضر لأنها تساهم بتوحيد العلاقات الاجتماعية, ولكن هناك تحذير منها حتى تلك التي لا تنطوي على أذى أو ضرر لأنها يمكن أن توصل إلى نتائج غير متوقعة ومستحبة.‏

والأهم من ذلك أنه وبعد الكذبة الأولى يتدفق الكذب سلساً وسهلاً.‏

فالذي يكذب على شخص كي ينظر إليه باحترام يصبح بحاجة إلى المزيد من الأكاذيب وذلك كي يتستر على كذبته الأولى.‏

هذا النوع من الكذب بحد ذاته لا يؤدي إلى عواقب وخيمة ومع ذلك فإن لتكاثر المراوغات الصغيرة هذه دلائل مهمة مكمن الخطر فيها أن تصبح شيئاً اعتيادياً حتى وإن لم تكن ترمي إلى جرح مشاعر الآخرين فإنها ستسبب فقدان الثقة وعندها تهتز أركان الثقة بين الناس وبالتالي يؤثر على المجتمع.‏

وقبل أن نكذب علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كنا نرغب في منح أصدقائنا أو شركائنا أو أقاربنا حق الكذب علينا كلما اعتقدوا أن ذلك يصب في مصلحتنا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية