أما روبين أندرسون من جامعة فوردهام, فتعترف بأن هناك اتفاقاً بين الحكومة وهوليود للترويج للحرب على الإرهاب. والإرهابيون بالتأكيد يملكون الأسلحة لأنهم أشرار ومجردون من الإنسانية. أما الصالحون فهم الأمريكيون حصراً, ويجب قتل كل من يقرر الجيش الأمريكي أنه شرير.
تعرض الجزيرة الوثائقية, في هذا البرنامج (ما وراء الشاشة) كيف يقوم الإعلام الأمريكي بتوريط الأطفال في ألعاب الدم. وتظهر لقاءات مع أطفال في سن الرابعة يغنون (نريد أن ننتقم. يجب أن نستأصل العدو. علينا أن نمطرهم بالقنابل. هيا أيها الرجال الطيبون ارموا عليهم القنابل).
يقول دايفيد غروسمان - وهو خبير أمريكي في الاعتداء البشري - بأن الأمريكان اخترعوا أدوات تعلم المراهقين كيف يصبحون قناصين. إنها ألعاب مجانية, ويستطيع أي شخص أخذها من على شبكة الإنترنيت. لقد تعلموا أن خوض الحرب هو نمط حياة وترفيه.
الآخر هو عدو بالتأكيد, وليست لديه إنسانية, ولا أسف إن قُتل وأصبح أشلاء. وعلى الآخر أن يصبح أمريكياً, أو أن يموت.
وكلما نجحت السياسة الأمريكية في لجم الإعلام, كلما أمعنت في تشويه صورة الآخر, وتزوير الحقائق. فمثلاً, لا تتحدث الصحف الأمريكية عن آلاف الضحايا في العراق وأفغانستان, لكي يبقى الشعب يشعر بأنه ينتمي إلى بلاد صالحة, وبأنه يعيش في أمان. وتؤكد إيلي نيوبرغر - من جامعة هارفارد - قائلة: (رأيت طفلاً قطع رأسه وآخر مبتور الذراعين. نحن نميل إلى تجنب التفكير في أثر الحرب على الدول التي نقصفها بالقنابل, حتى لا نشعر بالعار حيال أفعالنا). وتعترف بأن الولايات المتحدة ألقت (940 ) ألف قنبلة تحتوي على اليورانيوم المخصب على العراق عام 1991, فأحدثت تشوهات كبيرة في الإنسان, ستستمر لأجيال قادمة. وتختم نيوبرغر قائلة: (حرب بلا مبرر. قتل الأطفال خطيئة. لست راضية عن هذا القتل).
في فلسطين المحتلة, يقوم الجيش الإسرائيلي بمجزرة في جنين, فيشكك الإعلام الأمريكي في حدوث هذه المجزرة أصلاً. وفي يوم آخر يُقتل جندي إسرائيلي, فيضخم الإعلام الأمريكي الأمر, ويحوله إلى مجزرة, يتعاطف معها الشعب الأمريكي, ويطالب أن يذهب جيشه الطيب لتخليص المساكين من إرهاب الأشرار الفلسطينيين.
ما وراء الشاشة: مؤامرات قتل وتصفية عرقية, وعلى الشاشة: قتل وتصفية عرقية. وبالنسبة إلينا, لم يكن (ما وراء الشاشة) أبشع مما تعرضه, لأن النتائج أشد قبحاً على أرض الواقع.