ففيها تعلمنا أن التفوق لا قيمة له إن لم يقترن بالتهذيب والسلوك الحميد ، وبأنَ المدرسة بيتنا الثاني فعلاً لا قولاً, لأنَه في صفوفها وعلى مقاعدها لمسنا حرص مربينا على تقويم أي سلوكٍ قد يصدر عنَا بمساعدة الأهل بل بتفويضٍ كاملٍ منهم لأن هدفهم بناء أجيالٍ لا تخريج طلابٍ ، وفيها وعينا أنَ لكل منا حقوقٌ لابدَ من الحفاظ عليها, وواجباتٌ لايجوز التنصل منها, لأنه بذلك تبنى المجتمعات وترتقي .
أمَا اليوم يشعر المتابع للشأن التربوي أنَ كل معنيٍ فيه يغني على ليلاه خاصةً بعد فيض قراراتٍ صدَرتها الوزارة المعنية لتكون حجةً لمن استسهل العمل التربوي واعتبره فرصة عملٍ فقط ، ومسؤوليةً مضاعفةً لمن أقسم أن يبقى مربياً ومدرساً رغم وقوعه تحت ضغط تلك «القرارات» التي جردته من دواعم هيبته من جهة, وطلبةٍ لم يكن ينقصهم إلا قراراتٍ كهذه حتَى يتحللوا من كل مسؤوليةٍ والتزامٍ تجاه مؤسساتٍ كانت ويجب أن تبقى مراكز تنويرٍ عقليٍ وأخلاقيٍ .
أمام هذا التراجع الكبير لدور مدارسنا التربوي رغم كل ما تتحمله الدولة من أعباءٍ ماديَةٍ لبناء الإنسان أولاً لابدَ للمؤتمنين عليها أن يبذلوا بعض الجهد عبر قيامهم بجولاتٍ ميدانيةٍ فاعلةٍ على بعض مدارس مدننا وقرانا بمختلف أحيائها ليروا بأم العين ما اعترى العملية التربوية من شوائب بات السكوت عنها وتجاوزها جريمة بحق المجتمع وأبنائه ولابدَ من محاسبة مرتكبيها والسائرين فيها.
صرخةٌ يجب أن تلقى صدىً في ظل ما يشهده الوطن اليوم من هجماتٍ شرسةٍ على قطاعاته كافةً لا سيَما التربوية بمؤسساتها المختلفة.