بمحض الصدفة وفي أحاديث وثرثرات الغاية منها إضاعة الوقت دارت حول الخطأ بمفهومه العام والغالبية تتلفظ بكلمة ليس ذنبي (مو مشكلتي) هم فعلوا بي هذا وفي سياق الحديث سأذكر بعضاً من تلك الحالات التي تجهل المفهوم الصحيح الخطأ وطرق معالجته والتعامل مع الأخطاء كبيرة كانت أم صغيرة وبالنتيجة جل من لا يخطئ، وهنا تلعب التربية دورها في معرفة الخطأ من الصواب وكيف نسقي تلك الشجرة المثمرة ونحصد منها ثماراً في كل موسم تلزم لكل وجبة وفيها دواء لكثير من العلل.
الهروب من الخطأ
لنبدأ من الأسرة وهي الخلية الأولى في المجتمع ومنها نبدأ بمعرفة الخطأ من الصواب لنجد في كثير من الأحيان الأب والأم يلقيان بأخطائهما ومشكلاتهما على أبنائهما أو ضغط الحياة وتعبها هرباً من اعتذار قد يصلح مجتمعاً بأكمله، ولنرى الطفل في البيت يكسر ألعابه ويتهم أخاً أو صديقاً له هرباً من عقاب ويخرج إلى الشارع وأثناء لعبه يسقط ليضع اللوم على رفيق له في اللعب أو حجر عثرة في الأرض أو إلى ما هنالك من أعذار ويكبر ذاك الطفل وتكبر أخطاؤه التي كانت في البداية نهفات أحبها من حوله وربما اعتبروها ذكاء من ذاك الطفل الذي سيدخل المدرسة ويلقي اللوم والخطأ على معلمه الذي لا يشرح الدرس جيداً ويضع له العلامات المتدنية لغاية في نفسه وهكذا في الجامعة نرسب لأن أستاذ الجامعة تقصّد ذلك وليس بسبب تقصير دراسي أو إهمال واجبات ودائماً البحث مستمر عن شماعة تُعلّق عليها الأخطاء، فالمعلم ضرب ذاك التلميذ لأنه خرج عن طوره والمدير عاقب موظفه لخطأ ارتكبه و... و.. إلخ فالحديث يطول والأخطاء كثيرة وربما كتابة هذه المادة أحد تلك الأخطاء.
حالات وإن اختلفت..
وللوقوف على حالات عاشت أخطاء غيرها أو أحست أنها ضحية خطأ آخرين سألنا إحدى زائرات عيادة نفسية وكان مرضها أقرب إلى عقدة الذنب نتيجة أخطاء وهفوات الأهل في تلك الأسرة حيث قالت (د. س) وطلبت عدم ذكر اسمها إنها ومنذ صغرها وهي اليوم في سن الثالثة والعشرين لم تر من والدها سوى التعنيف النفسي أو حتى الجسدي لم تحس يوماً بحنان الأب وكانت الأم مغلوباً على أمرها تخاف اتخاذ قرار الانفصال عن الزوج بسبب نظرة المجتمع للمطلقة وتحاول احتواء أسرة تفككت بسبب طيش وجهل رب الأسرة الذي لم يعرف للمسؤولية معنى يخرج أميراً ويدخل وزيراً وصوته وشتائمه تسبقه بسبب ودون سبب والغريب كما قالت الفتاة أنه خارج المنزل صورة مختلفة تماماً وكلماته ترن في أذنها أنت السبب في مشكلاتنا والسبب أنها وبكلمات طفولية أخبرت والدتها بعلاقات وكلمات غريبة سمعتها من والدها عبر مكالماته لم تعرف معناها حينها ولكنها اليوم أدركت السبب وعرفت الخطأ قبل أن يدركه والدها.
التحرش بكلمات (التلطيش) في الطرقات العامة خطأ اجتماعي كبير يظنه البعض من باب الدعابة ويلقي المتحرش اللوم فيه على لباس أو شكل أو حركة ضحيته تلك التي أسمعها كلمات أحياناً قاسية وأحياناً بشكل دعابة.
أمثلة كثيرة عن الخطأ ولكن الخطأ الأكبر الذي نقع به هو بحق الأرض والوطن مايحدث اليوم فوق تراب سورية حالات من الأخطاء لا تغتفر وتقع المسؤولية بذلك على التربية والأسرة لهذا فلنحافظ على أطفالنا منذ نعومة أظفارهم ولنرعاهم ونهتم بكل تفاصيل حياتهم ولنبعدهم عن كذب قد يكبر ليغتال وطناً كاملاً.
رأي مختص
وبعد سؤال الإختصاصية النفسية ليلى العباس في حالة الفتاة (د.س) قالت: إن فشل الإنسان في حل أخطائه والاعتراف بها يدفعه إلى رميها على الآخرين ما يولد الإحساس بالذنب لدى الطرف الآخر الذي من الممكن أن يكون قابلاً للتفاعل مع ذنب لم يرتكبه لمجرد أن يتم تحميله الخطأ وأغلب الحالات التي تتولد نتيجة لتحمل ذنب لم يقترفه الإنسان تحتاج إلى علاج نفسي إما عن طريق زيارة اختصاصي نفسي وشرح الحالة التي يشعر بها الإنسان أو إذا تولد نوع من الوسواس القهري المتعاظم نتيجة الإحساس بالذنب فهذا يحتاج لعلاج دوائي.
أما الحالات الأخرى والتي يتكون لديها الإحساس بالذنب فتكون نتيجة فشل أسري معين وعدم وجود ترابط أسري وتربية صحيحة ليكون الطفل ضحية تلك العلاقة ما يولد لديه إحساس في كبره بأنه عقبة وخطأ تلك الأسرة.
أما الفشل الدراسي فنتيجة الاستسلام لفكرة أن ذاك الطالب يظن أنه يقوم بواجبه الدراسي والخطأ ليس خطأه بل مدرس المادة فهذا ضعف في الإرادة والشخصية وخطأ تربوي رافقه منذ صغره ومن الممكن أن ينقله بشكل مشابه أو مختلف لأسرته مستقبلاً لذلك لابد لكل أسرة منذ وعي طفلها في سنوات عمره الأولى إرشاده إلى طريق الصواب والاعتراف بالخطأ فضيلة ولا بد من الحوار سنة بعد أخرى من الطفولة إلى المراهقة في كل مراحل النمو والحياة لذلك نجد أن الاعتراف بالخطأ هو الطريق إلى النجاح والعبور إلى مستقبل أفضل.