|
تعددت الجامعات والإعلان واحد العلوم والتكنولوجيا.. من يتأكد من حقيقة هذه ومستوى تلك اقتصاد لكن السؤال: هل الجامعات الخاصة عموما.. مشاريع استثمارية توظف في التعليم العالي.. أم هي مشاريع تعليمية يبتغى منها الربح..? ربما ليست ثمة فوارق كبيرة بين الاعتبارين.. لكنني أرى أن هناك فارقا من أصل فكرة المشروع.. أو الهاجس الدافع لإقامة المشروع.. فمسألة إقامة مؤسسة تعليمية تكنولوجية بحجم جامعة, هي بالتأكيد مسألة تحتاج التمويل الجيد, ولا بد لجذب رأس المال للتوظيف هنا من فرص متاحة للربح المغري أو المنافس دعنا نقول.. لكن.. لا تستطيع وفرة المال لوحدها أن تقيم هذه المؤسسة.. وبالتالي إن اندفع باحث عن توظيف لأمواله بهذا الاتجاه لمجرد البحث عن فرصة ربح مغر ومنافس, ربما نكون أمام خطورة فعلية مهما حملت هذه الجامعة من ألقاب.. من جانب آخر فإن إقامة مثل هذه المؤسسة التعليمية العلمية التكنولوجية بحجم جامعة هي بالتأكيد تحتاج الكادر العلمي المتعلم القادر على نقل علومه إلى الطلاب الراغبين بشكل صحيح وسليم.. فإن كان هذا الكادر موجودا ومتوفرا.. ما الذي يمنع أن يبحث عن الربح من خلال توظيف للعلم والمقدرة التعليمية ..? يعني .. في الحالة الأولى أساس المشروع تجاري.. .. وفي الحالة الثانية أساس المشروع علمي تعليمي.. وقد يلتقيان.. وقد لا يلتقيان.. المشكلة في رأيي هنا, هي في مقدرة الزبون المستهدف في المشروعين للاختيار الصحيح.. ذلك إن معظم عمليات الاختيار التعليمي العلمي عندنا.. إن لم يكن كلها, لا تقوم على أساس صحيح وسليم.. فهي تستهدف أولا وأخيرا فرص العمل.. والمردود المتوقع من الشهادة التي يحملها الطالب. وهذا سيبقى على مأزق عدم الإقبال على العلوم المتخصصة التي تحتاج طلابا بمقدرات خاصة, وتصعب دراستها وينخفض مردودها.. الرياضيات مثلا أو الفيزياء.. أو الكيمياء.. أو.. بشكل عام العلوم الأساسية غير التطبيقية. مثل هذه الاتجاهات في التعليم يجب أن تفتح له بوابات عريضة مدعمة بكل ما يدفع ذوي الميول والتفرد عبر هذه البوابات.. وأعتقد أن ذلك أصبح ممكنا بعد انتشار الجامعات الخاصة مهمة إلى جامعات الدولة.. بنوع من التنسيق والإدارة الخاصة مهمة جامعات الدولة أو جامعات خاصة شديدة الخصوصية تلاقي دعما من الدولة لتقوم بهذه المهمة. لكن قبل أن نصل إلى ذلك نسأل: 1 هل لدينا فعليا, القدرات العلمية لتغطية هذا العدد من المؤسسات التعليمية التي تصف نفسها ب (العلوم والتكنولوجيا). 2 هل تلتزم هذه المؤسسات بالأساس العلمي للمشروع أم أن الأساس التجاري هو الذي يسيطر.? 3 هل يتم التحقق من التناسب بين الأجور التي نتقاضاها والعلوم التي تقدمها..?! إن هذه الوفرة الكمية التي بدأت تتحقق من حيث وجود الجامعات الخاصة وبالتالي توفير فرص أكثر للتعليم, لا بد أن تفرض وجودا أكبر وأكثر فعالية لهيئات أو مجالس تشرف عن عمل هذه الجامعات وتنسق معها باتجاه تعزيز التوجهات العلمية البحتة أي بمعزل عن المردود المادي المتوقع من الشهادة ورفع سوية التعليم العالي في سورية. وبالتالي من ناحية المبدأ لا غبار على سرعة ومستوى انتشار التعليم الجامعي الخاص , إن كان يتم التأكد فعليا بأننا أمام مشاريع علمية تعليمية تحقق أرباحا ولسنا أمام مشاريع تجارية ربحية توظف استثماراتها في التعليم.. وأكرر أنني أعتقد أن الانسجام بين الاتجاهين ممكن.. لكن.. لعل من أكثر المخاطر المحتملة التي يواجهها المجتمع في انتشار الجامعات الخاصة بالإضافة إلى إمكانية انخفاض السوية العلمية والتعليمية أو المستوى غير المنطقي للأجور.. أو اعتماد الأساس التجاري لاتجاهات التعليم فيها.. أقول من أكثر المخاطر التي تواجه المجتمع.. أن يتراجع دور الدولة في إقامة ونشر الجامعات الحكومية.. ليس ذلك وحسب بل إن الخطورة يمكن أن تأتي أيضا من محافظة الجامعات الحكومية على مستواها الراهن.. فالمطلوب استمرار تطورها وتطويرها بالاتجاهين الكمي والنوعي.. يجب أن نصل إلى مستوى جامعة حكومية في كل محافظة.. وأعتقد أن تخفيف العبء عن التعليم العالي الحكومي حيث يتجه عدد كبير من الطلاب إلى التعليم العالي الخاص.. وحيث أن الجامعات الحكومية أخذت فرصتها للتعليم المأجور )الموازي والمفتوح( لهذا وذاك فإن فرصة التطوير النوعي في التعليم الجامعي الحكومي يجب أن تكون قد أصبحت متاحة أكثر.. ولا بد أن تتوفر الفرص اليوم للتعليم العالي العلمي التخصصي.. أعلم أن البحث عن مردود للشهادة يبعد الطلاب عن مثل هذا التعليم , لكنني أرى أنه لدى اختيار الطلاب أصحاب الكفاءات الخاصة , يمكن للدولة أن توفر حوافز حقيقية تدفع هذا الطالب إلى هذا التعليم بشكل يتوقع فيه طلاب متفردون بالعلوم الرياضية والفيزيائية وغيرها عن الاتجاه إلى كلية الطب أو الصيدلة مثلا أو معهد تعويضات الأسنان. ومن أجل ذلك كله يجب أن نتخيل مجلسا لإدارة التعليم العالي تشارك فيه كل الهيئات التي تمارس هذا التعليم بما فيها الخاصة, وتولد فيه إدارات وقرارات تحقق النقلة النوعية بعد النقلة الكمية..
|