تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دور المدرسة في التحفيز على التفكير

مجتمع وعلوم
الثلاثاء 8/11/2005م
موسى الشماس

بقيت المدرسة على الرغم من محاولاتها المتكررة للتجديد تعلم أجيالها في إطار الراءات الثلاث كما ورد في اللغة الإنكليزية (remember, read, write) أي يقرأ, يكتب, يتذكر.

ترى ما دور المدرسة وطرائقها التدريسية وأين تكمن قدراتها بخلق الفكر الابتكاري والإبداعي لدى أبنائها بهذه الأسئلة توجهنا للأستاذ إبراهيم عبد الكريم الحسين في كلية التربية جامعة دمشق فقال:‏

مما لا شك فيه أن المدرسة العربية عموماً وليس في سورية فقط أخفقت في تنمية التفكير الابتكاري واتجهت مناهجها وطرائق التدريس فيها لتعليم أساليب تلقي المعلومات وحفظها وتذكرها, بدل أن تنمي فيهم روح الابتكار والفكر النقدي وتعلمهم كيف يتعلمون على اعتبار أن هذه البدائل من متطلبات عصر المعلومات لذلك كثيراً ما تطمس مواهب وقدرات ابتكارية في مدارسنا التي تفتقد إلى المناخ الملائم لنمو القدرات الابتكارية عند الطلاب الأمر الذي يؤدي لخسارة مجتمعنا لكوادر مبتكرة يحتاج إليها هذا المجتمع لتطوير بنيته.‏

ما تصورك للمدرسة الحديثة التي تغير تلك الصورة?‏

إنها تركز على توفير المناخ الملائم لتنمية التفكير الابتكاري لدى طلبتها عن طريق تشجيع الأفكار الجديدة التي يطلقها الطلاب وتوفير النشاطات الصيفية وغيرالصيفية المتعددة الأغراض وتشجيع كل أشكال التعاون في المدرسة, إضافة لمرونة المنهاج المدرسي وحداثة طرائق التدريس التي تركز على فعالية الطالب وتوفر الوسائل والأدوات والتقنيات التربوية المختلفة في المدرسة وإعطاء الطالب الحرية في الاختيار بين هذه التقنيات التربوية واستخدامها من أجل غرض معين يريد تحقيقه.‏

هل لديك بعض الدراسات حيال تأثير المجتمع المدرسي في تنمية التفكير الابتكاري للطالب?‏

هناك لذلك عدة دراسات هدفت لمعرفة خصائص الجو المدرسي ودوره بتنمية القدرة الابتكارية حيث كانت عينة الدراسة من تلاميذ الصفين الثاني الثانوي والثالث الثانوي مع ثلاثين معلماً ممن لهم صلات جيدة بالتلاميذ موضع العينة, وكانت نتيجة البحث والدراسة الاستقصائية أن تلاميذ المدارس ذات القدرة الابتكارية العليا تتميز بأوساط النفسية ومستوى عال, ووجد أن المعلمين كانوا أقل تسلطية ولكن ليسوا أقل في الذكاء وقد كان المعلمون أيضاً أكثر أصالة وأكثر مبادرة وبينت الدراسة أن المدرسة يمكن أن تلعب دوراً بإعاقة التفكير الابتكاري وقد قام العالم ليث بدراسة العناصر النفسية المعوقة للابتكار.‏

ما أبرز تلك العناصر المعوقة?‏

التركيز على الجانب المجدد من النشاط العقلي وإهمال الجوانب الأخرى.‏

يجبر المعلم التلميذ على الالتزام بطريقتين في التعبير, بل تدخل تدخلاً صريحاً في نشاط التلميذ.‏

اتجاه المعلم نحو عقاب التلاميذ الذين يظهرون أدلة على الحساسية الانفعالية والمثالية والشجاعة المعنوية و النقد العقلي و الحدس والتخمين الجيد أو العودة للعب الطفولة.‏

اتجاه المعلم لمكافأة التلميذ الذي يدل على الطاعة والإذعان والمسايرة.‏

تفضيل المعلم للتلميذ الذي يتصف بالسلوك الذكي بمعناه التقليدي وعدم تفضيله للتلميذ المبتكر حتى ولو كان أداؤه في المدرسة جيداً.‏

الاتجاه النقدي والتقويمي والاهمال بوصول التلاميذ لحلول صحيحة وسريعة.‏

إجبار التلميذ على أن يعمل ما لا يحب (ما لا يتفق مع ميوله التعليمية).‏

الاتجاه السلبي نحو الابتكار ونحو أهميته في العملية التعليمية .‏

-اعتبار الانشغال بالأنشطة الابتكارية في الحياة اليومية مسألة قليلة الأهمية.‏

-إظهار سلوك محيط للابتكار من جانب أفراد الأسرة أو الأقران أو الاصدقاء أو الزملاء أو المعلمين.‏

- التركيز الزائد على الجوانب المادية الواقعية وكذلك على الجوانب الاجتماعية التي تعوق التلقائية والمرونة لدى التلميذ.‏

- التركيز على أن تكون أفكار التلميذ مفيدة.‏

- كذلك التركيز على النجاح والإنجاز السريع لأي شيء يطلب منه.‏

- الخوف من الصراحة ومن عدم المقبولية وأن لا يكون محبوباً.‏

- النقص في الاستقلال الذاتي عند التلميذ والاهتمام الشديد بأفكار الآخرين وآرائهم.‏

-إيجاد جو سلبي للتنافسية والتركيز على الاختبارات.‏

- التركيز على النظام والتشدد به مع الاهتمام بالوقت حتى ولو كان على حساب رغبة التلميذ في الاستمرار بالعمل مع الاقتصاد بالموارد والنفقات لحد الشح وعدم وسائل الإيضاح نهائياً في كثير من الأحيان.‏

-كيف تكون تنمية التفكير الابتكاري للتلميذ?‏

هناك عدة طرق لذلك تتمثل الأولى بترتيب مقاعد الطلاب داخل حجرة الصف بشكل يدعو إلى التفكير إذ يجب أن يتقابل الطلاب وجهاً لوجه ليساعد ذلك على التفاعل الصفي ومن الضرورة أيضاً وجود إشارات على جدران الفصل تدعو لأفكار ذات علاقة بالتفكير أو تصميمات وافتراضات...‏

الطريقة الثانية: التفاعل الصفي والذي يهتم بكيفية الحصول على المعلومات أكثر من اهتمامه باستقبال المعلومات وحفظها وتسميعها, كما ينبغي الوقوف في هذا التفاعل عند وجهات النظر المتباينة.‏

الطريقة الثالثة: اللغة الجيدة داخل حجرة الصف حيث ينبغي استخدام لغة جيدة ودقيقة وتجنب استخدام مصطلحات لغوية غامضة فيها عموميات, فاللغة والتفكير كما هو معروف عمليتان متلازمتان فكل منهما يؤثر ويتأثر بالآخر, فقد أكد العديد من الباحثين أهمية اللغة في دعم عملية التفكير وتسهيلها, ومن جانب آخر يوصي الباحثون بضرورة استخدام المعلم في حواره مع تلاميذه عبارات أكثر دقة في التعبير والتي تحدد الحالات أو الافعال العقلية التي يقصدونها, على سبيل المثال: ينبغي أن يسأل المدرس الطالب: توقع ماذا سيحدث بعد ذلك بدلاً من سؤاله: أخبرني ماذا سيحدث كما يفضل طرح السؤال بالصيغة: ما النتائج التي تستطيع استخلاصها من هذه المعلومات والبيانات? بدلاً من عدد المعلومات التي حصلت عليها من هذه البيانات?‏

ألهذه الدرجة هناك فرق بين (توقع) و(أخبرني)?‏

إن كلمة توقع تحرض العمليات العقلية العليا من تحليل وتركيب واستنتاج لدى الطالب, وذلك للوصول إلى إجابة استشرافية تعتمد على قدرات عقلية عليا. لذلك فإن اعتماد هذا النمط من الكلمات التي تحرض التفكير خلال محاورة الطالب فإنها تنمي لدىه التفكير الابتكاري لدرجة كبيرة خاصة إذا توفرت الشروط الموضوعية الأخرى في المدرسة والمنزل والمجتمع عامة والتي تشجع الابتكار وتدعمه بشكل مادي ومعنوي بينما نلاحظ أن كلمة (أخبرني) لا تتطلب أكثر من سرد لمعلومات حفظها الطالب عن ظهر قلب وهذا النمط من الكلمات تلعب دوراً سلبياً بطمس القدرة على التفكير الابتكاري لاعتمادها على العمليات العقلية الدنيا من حفظ وتذكر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية