تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العماد توركماني في كتابه «إعداد الدولة للدفاع»:تكريس الأمن القومي في مواجهة الحروب

شؤون سياسية
الأربعاء 28-1-2009م
أحمد حمادة

قليلة هي الكتب المتخصصة التي تناقش مسألة إعداد الدولة للدفاع عن شعبها وحدودها وسيادتها نظراً لطبيعة البحث وضرورة الاختصاص

وفي هذا الاطار يأتي كتاب العماد حسن توركماني نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة وزير الدفاع «إعداد الدولة للدفاع» ليضيف لبنة جديدة إلى جدار مكتبتنا العربية ويشكل وثيقة هامة للباحثين ومراكز الدراسات.‏

فلم يعد احتمال نشوب الحروب في عالمنا المعاصر أمراً استثنائياً وخاصة في منطقتنا حيث توجد الثروات والممرات البحرية الهامة وحيث تتعارض سياسات الدول الطامعة بها وكذلك تتعارض مصالحها فتنتشر بؤر التوتر والصراع نتيجة لسياسة استخدام القوة التي يمارسها الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية ضد شعوب المنطقة ودولها. وطالما ان احتمال نشوب الحرب يظل قائماً فإن قضية إعداد الدولة للدفاع تصبح إحدى أهم المهام التي يتوجب على الدولة القيام بها ولذلك كان جهد العماد توركماني منصباً في هذا الاتجاه باحثاً في الجوانب المختلفة لهذه القضية التي يجب ان تشارك فيها كل أجهزة الدولة ومواطنيها لتحقيق مهمة صد العدوان المحتمل ودحره بنجاح ويتوزع الكتاب عبر 317 صفحة من القطع الكبير على مقدمة وخاتمة وملاحق وستة فصول.‏

يبدأ العماد توركماني كتابه بالاشارة الى أنه منذ نهاية الحرب الباردة تعرضت معظم المفاهيم المرتبطة بالدولة لاهتزاز واضح فالنظام الدولي لم يتبدل بالمعنى المطلق لكنه انزاح سريعاً باتجاه العولمة التي أصبحت نموذجاً يتم على أساسه إعادة بناء الدول ولم يمض عقد واحد حتى بدأت الاستراتيجيات الدولية وعلى الأخص الأمريكية بمحاولة تطويع مناطق مختلفة من العالم للتعامل مع الدول والسيادات الوطنية على أساس أنها مفاهيم يجب اعادة تأسيسها وتعرض الشرق الأوسط عموماً لضغط في هذا المجال وصل الى حد الاحتلال العسكري وتصفية مؤسسات دول كما جرى في العراق وانزياح مفهوم الصراع العربي- الاسرائيلي باتجاه الشرق في محاولة لاستبدال العدو.‏

ويؤكد العماد توركماني أن التفكير السياسي الذي تبلور خلال العقد الأخير من القرن الماضي ظهر وبشكل واضح من خلال ثلاثة أحداث رئيسية هي انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي واحداث الحادي عشر من ايلول وما ترتب عليها من تطورات دراماتيكية على الساحتين الأميركية والدولية دفعت باتجاه آليات عمل عسكرية لاعادة بناء الدول وجعل سيادتها شأناً مرتبطاً بطبيعة النظام العالمي وكان احتلال العراق النموذج الأبرز لهذا الاتجاه حيث احتلت امريكا العراق دون الرجوع لمجلس الأمن وضمن تحالف دولي شق الصف الأوروبي نفسه.‏

ثم يدخل المؤلف في ثنايا صفحاته بصلب الموضوع مشيراً الى أن اعداد الدولة للدفاع هو وظيفة القيادة العسكرية والسياسة العليا فيها وإن هذا الاعداد هو من المهام الأكثر أهمية في مجال تأمين الأمن القومي للدولة وترتبط هذه المسألة بمسائل تشكيل وتنفيذ منظومة التدابير السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والقانونية وغيرها من التدابير الهادفة لتأمين جاهزية الدولة لصد أي عدوان مسلح عليها.‏

ويرى الباحث أنه استناداً الى المعاجم والموسوعات العسكرية الصادرة في مختلف بلدان العالم يمكن القول بأن اعداد الدولة للدفاع يشمل مجموعة التدابير والاعمال التي تنفذها الجهات الحكومية والعسكرية والأجهزة المدنية والمترابطة فيما بينها والتي تهدف الى بناء القوة وتعزيزها بهدف درء الحرب وحماية المصالح الوطنية وفي حال حدوث الحرب صد العدوان والتأثير على العدو وخلق الظروف المناسبة من اجل ايقاف الاعمال العسكرية من خلال مهل قصيرة وفقاً للشروط التي تناسب هذه الدولة كما يتم تنظيم اعداد الدولة للدفاع وفقاً لمتطلبات المذهب العسكري للدولة والقوانين والمراسيم والأوامر الصادرة عن اجهزة السلطة العليا ويتم تنفيذه على أساس خطط محددة.‏

وبرؤية شاملة يؤكد المؤلف ان المعطيات الأولية الاساسية لإعداد الدولة للدفاع هي في المرتبة الأولى درجة التهديد العسكري الذي يحيق بالدولة وطبيعة الحرب المحتملة التي تهدد الدولة وامكانيات الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها حيث يتم الاعداد للدفاع دائماً بشكل مسبق أي في زمن السلم أما في مرحلة التوتر أو مع بداية الحرب فيتم تنفيذ تدابير الاعداد المباشر للدفاع.‏

وبعد أن يستعرض العماد توركماني أسس ومبادئ إعداد الدولة للدفاع من خلال دراسة العدو المرتقب وعناصر الاعداد المطلوبة ومراحلها ينتقل للحديث عن اعداد اقتصاد الدولة مبيناً أهمية هذا الجانب كمكون رئيسي لقوة الدولة الشاملة بل إنه يمثل أساس عناصر مكوناتها فمن خلال الاقتصاد وقوته تتجسد قوة الدولة السياسية والعسكرية لأنه يؤمن لها بناء القوة وتطوير المجتمع. ثم يدخل الباحث في تفاصيل اعداد القوات المسلحة للدفاع باعتبار أهمية دورها الأول في الدفاع عن الوطن والمجتمع ضد أي تهديد خارجي وخصوصاً في بلداننا التي تعاني من الاحتلال الاسرائيلي لاراضيها ومن العدوان الغاشم الذي يمارسه ضد شعوبنا وفي الفصل الرابع يتحدث عن اعداد سكان الدولة للدفاع من خلال معطيات عديدة مثل تخطيط توزيع الموارد البشرية في زمن الحرب وكذلك ايلاء مسألة التربية الوطنية العسكرية أهمية خاصة وترسيخ الوعي بمبدأ المواطنة والمحافظة على القيم ومقاومة الدعاية المعادية وتأمين النشاط المعيشي للسكان زمن الحرب كما يولي المؤلف قضية إعداد اراضي الدولة اهتماماً خاصاً من خلال انشاء وتطوير البنية التحتية التي تؤمن تنفيذ المهام في مجال الدفاع عن البلد وكذلك اعداد اجهزة الدولة ومؤسساتها.‏

وفي نهاية مؤلفه يؤكد العماد توركماني ان عالمنا حافل بالتعقيدات والتناقضات وبؤر التوتر والأخطار والنزاعات العدوانية ولهذا ينبغي علينا اعداد بلداننا بشكل جيد وعلى أهبة الاستعداد لحماية المصالح العربية والدفاع عن الاراضي العربية فجاء كتابه ليشكل دراسة عميقة وموثقة تشرح عملية الاعداد العام للدولة للدفاع عن اراضيها محققاً الفائدة المرجوة لما فيه خدمة القارئ وسد الفجوة في مكتبتنا العربية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية