تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عدنان كنفاني:وجعــي هــو المكــان‏‏

‏‏
‏‏
ثقافة‏‏
الأثنين 6-8-2012‏‏
فادية مصارع‏‏

درجت في حواري دمشق، وملأت رئتي روائح بردى و الورود الشامية، وريح قاسيون و عبق الغوطة.. رست كما رست الأشياء الأخرى في قرار تكويني..‏‏

فاختلطت في الصور الحبيبة، أضاءت دمشق ظلمة روحي، فتماهت مع حبي الأول وعشقي الأول و نبضة قلبي الأولى حتى لم أعد أفرّق أيهما يملك فيّ أول النبضات.‏‏‏‏

‏‏‏

في مدارس دمشق ترعرع و نهل المعرفة والعلم منها، وفي حواريها بدأت رحلات حبّه الأول، لكنّ القدر قاده مرّة أخرى إلى قلب الوطن.. القدس و رام الله.. إنه الحنين لأول منزل أو لعله وجع المكان.‏‏‏‏

عندما يتحدث الكاتب الفلسطيني عن المكان،هذا يعني أنه يتحدّث عن شيء مفقود هذا ما قاله الأديب عدنان كنفاني لدى حديثه للثورة عما يعني المكان للأديب بشكل عام و الفلسطيني بشكل خاص، و أضاف المكان هو الذي يعلق دائما في الذاكرة سواء في المشاهدة أو المشافهة عن طريق كبار السن أو التوريث، المكان هو المعبر عن هوية الإنسان و عن ثقافته.. المكان هو الوطن بعرف الكاتب الفلسطيني قريته الصغيرة، أو بيته الصغير فهو يدلل عن الوطن المفقود الذي يسعى إليه.‏‏‏‏

ساكن في تلافيف الذاكرة‏‏‏‏

ولفت كنفاني أنه إذا تابعنا كتابات الأدباء الفلسطينين سواء في مجال القصة أو الرواية أو حتى في مجال الشعر أو الخاطرة، نجدهم حريصين على التمسك بذكر المكان و ليس ذكرا عابرا إنما على سبيل الإقامة في ذلك المكان الساكن في تلافيف الذاكرة الحاضرة الموروثة أو الملقمة.. هو المكان الذي نستطيع لمس حناياه في كتابات الأديب الفلسطيني.. إذاً هو الشعور بالفقد المحرّض الأساس‏‏‏‏

على الكتابة عن المكان.. و كوني أحد الكتّاب الفلسطينين الذين يعنون بموضوع المقاومة والوطن  في كلّ كتاباتي أجنح إلى الغرف من الذاكرة، وهذه الذاكرة لا تبتعد عن المكان، و على سبيل المثال لا الحصر دائماً أقدّم قصّة «وجعي هو المكان».‏‏‏‏

تعبيراً أو دليلا على ما أعنيه في موضوعة المكان، وهي قصّة تجنح إلى علاقة أخت مع شقيقها الذي تربيه بدمع العين بعد أن فقدت أسرتها، و تحرص عليه حرصاً كبيراً، ثم ّ تتطلّب منه شؤون الحياة أن يسافر لكنّه لا ينساها من الرسائل في الفترة الأولى، ثمّ تتباعد رسائله إلى أن تتلاشى و تبقى هذه الفتاة التي ضيعت عمرها في تربيته و تعرضت إلى إخراجها من البيت التي تسكن فيه وحيدة، تقول في  آخر القصّة جملتها التي تفتح على مساحة واسعة من القص الآخر الذي لم يروَ بعد «لم يبقَ لنا إلا هذا المكان فأين نمضي» و هي متداخلة و مركبة لكنها كنموذج كل ما أكتبه في المجال الوطنيّ يجنح إلى هذا الجانب.‏‏‏‏

و يختم عدنان قائلاً: أقتلع من قلبي الوجع، و يحملني ارتداد الصدى إلى عمق عمر لا ألمس ضفافه ولا أشم رائحة.. هل أغوص في بحيرات الذاكرة؟.. أيّ عمق سأصل ؟وهل يردني إلى ذلك المكان الذي ما فارق هذه الرأس الموجوعة.‏‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية