صبت كل أدواتها وأساليبها ومطابخ تظهيرها بغية التأثير على الشعب العربي السوري بشكل عام والشباب السوري بشكل خاص فما تأثير الشائعة على الشباب والمجتمع.
يقول العارفون والباحثون في هذا الحقل أن الشائعة رصاصة صامتة، فيها جزء من الغموض، وأكثر ماتكثر عند الذين لديهم أفكار متشابهة.
وهنا يقول المفكر والباحث سعيد تقي الدين «إذا أردت أن تقتل شخصاً فأطلق عليه إشاعة» فإلى أي درجة هذه الفكرة أو المقولة حاضرة في تداعيات الأزمة المفتعلة في سورية.
الاختصاصية الاجتماعية أليسار فندي التي تشبه دائماً الإشاعة بأنها الرصاصة الصامتة في بعض الأماكن،ولكن فقط في الزمان والمكان غير المناسبين للشخص، فهي أحياناً تعمل على أذية البعض، وإن كان المجتمع لايخلو كما لاتخلو الشرائح الاجتماعية ممن يوجد لديه الفكر الأعمى والرؤية الأشمل.
وتوضح فندي أن الشائعة غالباً ما تؤثر في المجتمع الذي عنده شيء من الهزات ومن المشكلات والأزمات، فعندما تعصف الأزمة بمكان ما تكثر الشائعة لأنها هي مكان خصب وتربة خصبة لتلقي الشائعات من ناحية الحالة النفسية التي تصبح هشة مساعدة للتأثير والتأثر وتلقي أي شيء ويحاول من خلالها المرء إما أن يطمئن أو يستاء، مع ملاحظة أن هناك شائعات مطمئنة كالتي تعطي التفاؤل والأمل، وبالتالي يأخذ المرء هذا الجانب ويعمل على اطمئنان نفسه ويستقر، وإما يأخذ الجانب السلبي ويبالغ مايؤثر سلباً على الحالة المعنوية، بحيث تصبح ردات الفعل وخطوات المرء غير مدروسة مايجعله يعيش ضمن حالات القلق والتوتر التي من الممكن أن تعمل على اضطراب الطعام والنوم، وبالتالي الجملة العصبية كلها ترتكز بالطريقة السلبية بمعنى يصبح الإنسان غير متوازن.
نحتاج قوى خارقة
وتؤكد السيدة فندي أن ظروف الأزمات والشدائد تحتاج إلى قوى خارقة، وتفعيل القدرات الذاتية الكامنة التي تتطلب العمل على أنفسنا أكثر بأن نعيد ألق الإنسان بطريقة أقوى، مع ملاحظة دائماً نقول أن الإنسان القوي ليس هو في الفترات المريحة والأوقات. التي تحضر فيها بعض مقومات السعادة، بل تكمن قوة الإنسان القوي والناجح والمتميز بفترات الأزمات حين تكون فعاليته أفضل في نشر الراحة للآخرين والطمأنينة، علماً أن عدداً من الناس لديهم هشاشة في هذه المسألة.
لذلك كله من الضروري أن يكون لدى كل إنسان شيء من القوة والمرونة لمساعدة الآخر بغية رفع السوية الفكرية عند شرائح المجتمع ولاسيما الشباب.
أفكار متشابهة
وتنوه فندي بأن الشائعة أكثر ماتكثر عند الأشخاص الذين لديهم أفكار متشابهة واهتمامات متشابهة، ويتبنون نفس الفكرة، فيعيدون ويكررون نفس الأفكار، وبالتالي يعيش هؤلاء مخاوف مشتركة أو اطمئناناً مشتركاً.
إذ الشائعة كما تقول فندي فيها جزء من الغموض، وهذا الجزء من الغموض يحتاج إلى العقل التحليلي، بأن يبحث المرء عن الحقيقة ويعرف مصدرها، منوهة بشكل عام بوجوب أن نأخذ من الشائعة الجانب الهادئ منها، وألا ننفعل بطريقة كبيرة، أي يجب أن يكون لدينا تصور مسبق بوجود أكاذيب وإضافات مبالغ فيها ومؤذية للمتلقي.
وإذا كان السؤال ماذا عن ملقي الشائعات وما صفاته النفسية لهذا الشخص أو ذاك ممن يطلقون الشائعات؟ فالجواب عند الاختصاصية الاجتماعية هوأنه علينا دائماً أن ندرك ونؤكد على وجود عداوات شخصية تنطلق من خلفها الشائعات، وأحياناً صديق جاهل ربما يعطي شائعة أومعلومة لإطمئنان الأشخاص عند صديق له بطريقة غير مباشرة، ولكن في الحقيقة هو يؤذي إيذاء غير مباشر.
وإن كانت الشائعة هنا تلون بمفردات مختلفة بدءاً من الإيذاء الشخصي، إشاعة الحقد والكراهية، وإشاعة الخوف، يضاف لذلك الشائعة التنافسية والتي أكثر ماتزداد بالتنافس بين الشركات والمؤسسات، دول وحكومات، إذ هناك شائعات محلية ودولية وقومية فيها أنواع وتصنيفات عديدة.
ولكن في حياتنا الاجتماعية وضمن المساحة اليومية التي نعيشها يمكن أن يكون لدينا شائعات هي عبارة عن تسلية أحياناً، أو هي عبارة عن بعض المظاهر الاجتماعية التي تعطي شيئاً من البسمة أو الدعاية، وأخرى تعطي شيئاً من الأمل بغية رفع المعنويات.
كونترول بين الرؤية والسمع
مادمنا نعيش حرب إعلام كونية عبر وسائل الإعلام الحديثة وعلى رأسها الانترنت فإلى أي حد ساهمت بنشر الشائعة وكيف يمكن لنا مواجهة هذه النماذج، الجواب برأي الاختصاصية فندي يقضي بوجوب أن نعلم أبناءنا وننطلق من أنفسنا بقوة الملاحظة بالدرجة الأولى، فعندما نسمع ونرى يجب أن نعمل كونترولاً منطقياً بين الرؤية والسمع، أن نعلّل هل هذا الأمر صحيح؟ هل هو موثوق؟ إذ هنا قوة الملاحظة وقوة الفعل وعندما تنمو هذه العناصر لدى المرء يصبح عنده قوة النقد وقوة التحليل، ما يعطي نتائج جيدة.
وهنا تسوق فندي مثالاً بالقول إن أسوء ماروج لمادة هي المخدرات وكثرت الشائعات في كل الاتجاهات فكانت النتيجة والحصيلة هي في أوساط الشباب من أن لها مقوياً جنسياً، ترفع المزاج ماجعل بعض الشباب يتهافتون على تناول هذه المادة بجهل ودون وعي لذلك المطلوب دائماً وأبداً هو الانتباه للأشياء كل الأشياء قبل تجريبها وهذا مايترتب علينا كأهل ومؤسسات تربوية ومجتمعية تعليم الأبناء وتنبيههم وتنمية دقة الملاحظة لديهم واعتماد مبدأ التجريب والقراءة بشكل خاص لأن القراءة والتحليل والمعرفة بدقة هي التي تعلم الإنسان، وربما يصبح كل إنسان هو معلم نفسه، فلا بد مرّة أخرى من التأكيد على ضرورة الاعتماد على القدرات الذاتية وعلى القرى العلاجية الذاتية عند الإنسان، وهذان الأمران يساعدان بحل العديد من المشاكل الحياتية ويساهم بخلق إنسان حقيقي يعزز إنسانية الإنسان بدلاً من البقاء سطحياً بطريقة تنخر فيها الأمراض الاجتماعية والأمراض النفسية.
أدوات المواجهة
أما جملة الأدوات التي يمكن امتلاكها لمواجهة الشائعات أو نتقبلها ونتعايش معها، فيبدو الإرشادات النفسية والاجتماعية التي تؤكد عليها فندي هي ضرورة القيام بفعل التروي وعدم الانفعال وضبط النفس ،إذ كنا في وسط فيه شيء من المخاطر أو الأذى وأن نستحضر بعض أنواع الذكاء الوجداني والعاطفي لأن هذا الاستثمار الإنساني الرائع لابدّ من استثماره في أوقات الأزمات فهو قادر على ضبط انفعالاته وقدرته على تحويلها إلى فرصة بمعنى أننا في هذه الحالات لانحتاج كأشخاص إلى ذكاء رياضي، بل ذكاء علمي إلى جانب ذكاء اجتماعي بإمكانه أن يقدر كيف يستر على الأزمات بشكل عام إذاً نحن أمام الأزمات الكبيرة لابد من ضبط النفس واعتماد التحليل المنطقي والهدوء والقدرة على التحمل ، هذه الوجدانيات العالية التي بجب أن يتحلى بها الإنسان تجعل المرء دائماً برأي فندي يعود إلى انسانيته ، وإعطاء تبرير للآخر، وهذه المراحل المنطقية تبعث على مواقف إيجابية عالية تستبعد من الطرف الآخر بعض ردود الأفعال المريضة ، مع التقدير الكبير لمن يمتلك مناعة شخصية ولكن تبقى النصحية التزام الصمت فهو علاج حقيقي في بعض الحالات.