تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حافز البحث عن شرخ بين دمشق وموسكو

شؤون سياسية
الأربعاء 13-6-2012
بقلم: علي الصيوان

يندرج تحميل حزب الله مسؤولية خطف الأحد عشر لبنانيا عند الحدود التركية/السورية, قبل نحو الشهر, في النسق الدعائي الذي اعتمده مرشد الاخوان المسلمين, وهو يتهم الحكومة السورية بأنها نفذت التفجيرات المدمرة للمقار الأمنية في دمشق!!!

ثم في الجرائم الإرهابية اللاحقة, كالحولة والقبير.‏

المفارقة هنا ليست متأتية وحسب من مجافاة المنطق. بل هي كذلك متحصلة من البدائية المتخلفة عن العصر في الرهان على حصاد سياسي من التلفيق, إبان خوض صراع إرادات لا ينتصر فيه من لم يحسب بدقة مواطن القوة على جانبي خندق الصراع.‏

مؤكد أن ثمة بريقا عاجلا للرهان على صناعة التلفيق, يتكون من التبني السياسي الإمبريالي التلقائي للاتهام الكيدي لسورية بأنها تطعن نفسها, كأن تدمر بيدها مقارها الأمنية, وتقتل جنودها, وتذبح شعبها.‏

وهذا البريق العاجل يصير بالتبني الإمبريالي, مادة في المنابر الأممية, لشيطنة سورية من باب ترتقي فيه الكيدية الاتهامية إلى درجة الوثائق!.‏

لكن هذا “البريق” سرعان ما يتلاشى بقوة الحقائق.‏

وهنا يمكن تعيين قاعدة الحساب في هذا اللون من صراع الإرادات, وهي الرهان على الوقت المخصص لنيل جائزة من التلفيق. إنه بالتحديد المدة التالية على إطلاق الاتهام الكيدي, والممتدة في محطات الحراك الدبلوماسي وآخرها “مجموعة الاتصال” الخاصة بالشأن السوري.‏

وعلى الرغم من أن تجاهل الحقائق لا يلغيها, فقد لوحظ التكرار في حلقات هذا الصنف من الأداء السياسي, بدءا من التفجيرات التي “استقبل” بها الإرهابيون بعثة الجامعة العربية بقيادة الفريق الدابي, وحتى مذبحة الحولة التي “استقبلوا” بها كوفي أنان.‏

وللتكرار هنا, رغم عقمه في كل مرة, إغراؤه المستمد من التراكمية التي تنمو في موازاة شلل المساءلة “المؤسساتية الأممية” التي يهيمن عليها الامبرياليون, والتي -مثلا- أودعت خبر مقتل زينب الحصني, بوصفه وثيقة, مؤثمة للحكم في سورية, ولا يمكن تعديلها نحو المطابقة مع الحقيقة حتى بعد ظهور الضحية على قيد الحياة!. اذ إن هذا الظهور يجري تصنيفه على أنه “رواية الإعلام السوري”(!!!).‏

والتراكمية على هذا النحو في صراع الإرادات سلاح بيد خندق التحالف الإمبريالي-الإسلاموي المضاد لسورية, التي تنتظم القوى المقاومة للغزوة الصهيونية لوطن العرب, وتسانده بنشاط قوى الحرية على امتداد العالم.‏

وللإمبرياليين وحلفائهم معا مصلحة ونفع في الإجهاز على سورية ودورها في هذا الخندق العربي-الأممي.‏

والشاهد أن “معارضا” سوريا, أطلق من لندن صيحة رغائب هي المفتاح النظري لخطاب الإسلامويين في التحالف مع الامبرياليين. قال: “سننتصر رغم أنف روسيا وايران وحزب الله”.‏

وفي أي قراءة لهذه الصيحة, نتبين:‏

1-معاينة “المعارضة” الإسطنبولية لموقعها في الخندق الإمبريالي, وشعور الإسلامويين بالخيبة في الهيمنة على سورية طيلة خمسة عشر شهرا انصرمت على نشاطهم المسلح.‏

2-تسمية الأشياء بأسمائها في تناقض اصطفافات هذا العصر, على النحو المشار إليه أعلاه: سورية ناظمة عقد قوى المقاومة والحرية, في التضاد مع فصائل التحالف الإمبريالي-الإسلاموي, ومنها “اسرائيل”.‏

3-إن التدقيق في صيحة “سننتصر” إنما يختزن تقويما لميزان القوى, يكابر فيه الإسلامويون الإسطنبوليون مكابرة من يغني في العتمة لدفع مخاوفه من مفاجأة في دربه الطويل. ويختزن كذلك إقرارا باختلال ميزان القوى في غير مصلحة التحالف الإمبريالي-الإسلاموي.‏

وهذا يطرح السؤال المثير لقلق هذا التحالف وهو: لماذا لا تنهزم سورية؟‏

هنا نعود إلى الأهمية لتعيين قاعدة الحساب في العدوان على سورية حتى بنقل المعركة إلى ما وراء خطوطها, كما قال السيد الرئيس بشار الأسد.‏

ولأن “اسرائيل” واسطة العقد في هذا التحالف, فهي تقترف الخطأ الكلاسيكي الثاني بعد خطأ 2006. وذلك لأن قاعدة الحساب المعتمدة في الحرب الاستباقية على سورية, تتغافل عن عنصر مضاف إلى قائمة القوات والدروع وأسلحة البر والبحر والجو... الخ, هو “السلاح” المتحصل من رصيد سوري ممتحن في مجابهات سبقت مع مكونات العدو. وذلك لأن ميزان القوى لا يقاس فقط بمكونات الترسانة والقوات, بل أساسا بـ”كيمياء الصمود والدفاع النشط” المحمول على وحدة وطنية, هي كذلك ممتحنة. وهي السلاح المجرب والأمضى في حروب دمشق مع “اسرائيل”.‏

أضف إلى ذلك أن خطأ في الحساب اقترفته مكونات التحالف الإمبريالي-الإسلاموي, يتعلق بالدور الروسي.‏

فهذا الدور الداعم لاستقلال سورية وسيادتها, لا ينطلق من مصالح تقاس بالدولارات, كما يتردد في خطاب التحالف, إبان الحديث عن أن موسكو “تدافع عن مصالحها”. وهذا صحيح. لأن روسيا الاتحادية ليست عرضة للإغراءات في الابتزاز, كأن تتخلى عن سورية مقابل “حفنة دولارات”, ولا لتهديدها بعلاقات سيئة مع الدول العربية في مقبل الأيام, اذا استمرت في موقفها.‏

روسيا تدافع عن مصالحها حقا, وهي تقود, مع دول البريكس ومجموعة شنغهاي, العالم برمته إلى مجابهة التغول الإمبريالي.‏

وهنا مكمن الراهنية والإلحاح في مهمة واشنطن, ومن تقطرهم خلفها, في البحث عن شرخ بين موسكو ودمشق. فهذا جزء من حرب كونية مسكوت عنها عند مكونات التحالف الإمبريالي-الإسلاموي, حتى مع الدفع في طريق “مجموعة اتصال” خاصة بسورية, يراد لها كما تطمع واشنطن استنساخ “مؤتمر أصدقاء سورية” السيئ السمعة, وعديم الجدوى.‏

Siwan.ali@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية