تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ندوة نقديـة حول «تويـج من نفس» المشاركون: مزيج بين الخواطر والشعر..

ثقافة
الأربعاء 13-6-2012
بشرى حاج معلا

تتبلور التجارب الشعرية في سورية وتتصدر في المقدمة لشعراء أبحروا في أروع البحور.. فكانت كلماتهم وما زالت كأنشودة المطر الرقيقة.. أو كعاصفة هوجاء في خواطر النفس..

وفي طرطوس كان لخضم بحرها الملاذ الأكبر للإبداع.. لتكن ولادة الشاعرة لما حسن ضمن الولادات المتجددة والنيرة فهي في عناقها الأول مع عالم الشعر وفي كتابها الأول «تويج من نفس» تختصر لنا المسافات عن علاقتها مع الشعر.‏

وضمن هذا الإطار أقامت دار أعراف للنشر ندوة نقدية حول المجموعة الشعرية «تويج من نفس» للشاعرة لما حسن في قاعة المؤتمرات في كلية الآداب الثانية في طرطوس.‏

د. ماهر حبيب نائب عميد الكلية للشؤون الادارية قال: عند قراءتي الأولى لهذا الديوان أدركت أن تجربة الشاعرة عفوية..غضة وغنية بالأحاسيس والمشاعر.. ولكنها ما تزال في أول الطريق.. وتنبأت بأنها شابة في مقتبل العمر.. تتمتع برقة كبيرة وبحساسية عالية وبمشاعر مرهفة وراقية في الوقت نفسه.. وهي لا تمتلك تجارب كبيرة في الحياة.. وذات اتجاهات محددة وموجهة في أنواع ثقافتها.. وقد قدمت الشاعرة في هذه المجموعة خمس عشرة مقطوعة شعرية تناولت فيها مختلف المواقف الشعورية التي يمر المرء بها، وتفاوتت هذه المقطوعات بين طول وقصر بحسب ما يقتضيه واقع التجربة..‏

فالناظر «للوهلة الأولى» في عناوين المقطوعات يلحظ فيها رمزية مرتبطة بأفق شعري يمتاز بحساسية خاصة تجاه الطبيعة التي استقت منها جملة من المفردات الفنية المعبرة عن حالات شعرية خاصة مثل «ليل، أفق، سحابة، أيلول الأسود‏

وثمة عناوين أخرى نلاحظ أن الشاعرة سكبت أحاسيسها المرتبطة بالمواقف الزمانية والمكانية في قوالب العناوين، فنجد مواقف شعورية مرتبطة بالبوح والوجدان أو على الأقل بإحساس مرتبط بالذات من مثل: وحيدة، معمعة، العودة، ولحظة، ولادة...‏

وأغلب المقطوعات المختلفة وفق توجيه العنوان جاءت متآلفة ومنسجمة بل إن الخاطرة تكاد تتصل بشكل وثيق بالشعر.. وألفاظها تكاد تختفي خلف الكثافة المعنوية في الألفاظ إلى ما بعد المعنوية..والإحساسات الواضحة..» شعور بالبرد والتعري، الهروب من الواقع.. في محاولة لرسم الواقع لاالتعبير عنه..‏

و بـ «أنا «كبيرة.. وأفق فني ضبابي الصورة..».‏

وفي صورة تكاد معالمها تنمحي أمام عين المتلقي فمثلا..‏

كريح الشمال أصفر‏

أنوح من بردي‏

ألاحق الأطياف‏

فلا نكاد نقع على معنى واضح من هذا المقطع.. إلا أننا نستطيع الشعور بالبرد والتعري.. والهروب من الواقع..‏

أخطاء لا بد من الإشارة إليها..‏

فقد كان هناك بعض الأخطاء النحوية وهي قليلة وكذلك هناك ما يدل على قلة تجربة الشاعرة في مجال دراسة التركيب.. والفهم الدقيق لدلالة الألفاظ.. وعلاقاتها الشفافة ببعضها.. مما دفعها إلى تحميل بعض الألفاظ والتراكيب لخيالات وصور وقفت عاجزة عن أدائها في بعض الأحيان.. ولكنها تقف بتجربتها الرائدة قامة طويلة نسبيا على أول الطريق لذلك فإن لها فضل المحاولة الواعدة والناجحة..وكذلك تضع في مقدمات رقيها الشعري رؤية جديدة.. ونفسا يملك مؤهلات في عالم الشعر..‏

وبأسلوب متجدد في الطرح يقول الناقد علام عبد الهادي: في كتابها تويج من نفس «تصدر» لما حسن» عن صمت لتبوح هواجسا، تتفاوت على مدارج الروح، وتكشف عن غربة أقصتها إلى رتابة البرودة.. إذ أتعبها الأطياف في دروب خاوية من حرية عاشق، أو عبث عاشق..‏

هي صيحة يفصح عنها تتابع البوح في سياق نص اختزل كثافة الشعور وأجاد في رسم حال.. دأبها حركية وجود.. وتأصيل دور تدافع إلى الوراء.. مع تقدم زمن تصنم في العيون حتى نصب منها رسولة للثلج.. على كفر بالجمود والجحور..‏

ففي قولها.... إن السماء لغاضبة‏

وأني لغاضبة‏

وإني حين أغضب‏

لسماء‏

ما يلفت هو إرجاع الغضب إلى السماء.. وكيف تستحيل الغاضبة هنا.. إلى سماء وهي صورة شعرية حركية ترخي الدلالة.. لمعنى الغضب ومظاهره..‏

من باب السمو والارتقاء.. لإنتاج مفهوم الثورة وإجلاء حقيقة المشاعر..‏

ما يمسك بالقارئ ويدخله مشهدية نصية.. وتشركه في تعقب الانفعال والتعرف إلى دلالات الصورة..‏

إنه تفاقم الإحساس بالوحدة.. أدى إلى الإغراق في وصف.. على جمال وسلاسة جرس وصورة.. وصولا لتوهم الهلاك.. وإعلان المرارة.. توثبا لمحاكاة العشق، والرقص فوق أشفار عقرب.. هارب.. مترقب.. تلفظ جثة الوقت..‏

تباغت عين البوم من قام فجرا‏

توضأ بالفتن‏

وحي على المنن..‏

وما بين قصيدة وخاطرة.. تتوارى / لما حسن / كبعد ذاتي يصبغ النص بأعطاف أنثى اكتوت عند استحالة حب..‏

إلى عيون تنسج من كحلها رؤى موضوعية تطغى وتستحوذ التفكير مسائل وجودية عبر سبك أدبي خال من ترهل السرد.. وحشو البيان..‏

مزج مابين خواطر الشعر ومقامات الاعتراف..‏

كلما بلغ الحب مشتاه.. أو «مارس رغبة سرية بالانطفاء» أو تسابقت إليه نظرية ملء الفراغ.. ليطوي لحظاته عبر تداعياته.. يشعل رغباته المنطفئة للتو..‏

وفي تويج من نفس.. تجيد «لما حسن» في إقحامنا حقول فضاء شفيف يعبق بأحاسيس واختلاجات وجدان كونته هيولى شاعرية.. تحفل صورا ودلالة.. وكثافة على بساطة وسهولة وفصاحة، إضافة لقالب فني يحمل وجه كاتبته.. مبشرا بأنموذج عبر عتبة فتوحاته..‏

وبدورها الشاعرة لما حسن تقول:أرى الشعر في ذروة كل شيء، من حالة شعورية إلى عمل متقن أو حالة فنية مبدعة، و إن كان الشعر في الماضي ديوان العرب, يتناسب شكلاً و مضموناً مع الحضارة الشفوية، فهو اليوم أقرب إلى ذات الإنسان الحديث بما يحيطها من غزارة في الوارد الفكري و ما يعتمل بها من أسئلة لا تركن إلى المُسلَّم به، و مشاعر تنبض مع إيقاع الزمن الوثاب المتغير.. هو تشظّي الفكرة إذ تُثاقِف الفكرة، تيار الجمال الذي تولده شحنة من ألم، شعلة، و نبتة خلود.. باختصار: إن كان الحقُّ قِبلة، فالشعر وطن.. ثم قرأت بعضا من قصائد المجموعة.‏

ومع آراء الحضور كان لنا وقفة..‏

الشاعر مالك حسون قال بدوره: الناقد مهمته الإضاءة على النص وصاحب النص ولكن كل جملة تحمل معنى وتطرب الأذن فهي شعر..وغير ذلك لاكلام..‏

الفنان التشكيلي محمد عصام الحلواني قال: النقاش في هذه الاضاءات يدل على أن الموضوع المطروح غني وكان هناك ديمقراطية وعفوية في طرح الآراء وانقسم الناس لثلاث فرق برأيي «فريق يدافع عن الرواية وفريق تهجم على الأسلوب الذي أخافه وفريق اكتفى بالاستماع وكنت منهم وكنت متمتع جداً»..‏

في الختام، يحتل الشعر مكانة البوح العميق في أنفسنا ويقدم لنا فضاءات متسعة تعبر عن اختلاجات باتت معلنة.. ومشاعر حساسة تضيء لنا الطريق ليتسع المدى أمام أعباء أو ومضات نتمنى ترجمتها.. وأحاسيس لا بد لها للخروج لتتصدر شعرا يبوح بكل شيء.. وبأعمق إشارات البوح..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية