تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


(فرقة رَمَل) الموسيقا العربية على أصولها

فنون
الأربعاء 13-6-2012
أحمد بوبس

لأول مرة من سنوات طويلة نستمع ونستمتع بأمسية من الموسيقا والغناء العربيين على أصولهما، دون تدخلات كالتوزيع الذي أصبح آفة الآفات في موسيقا هذه الأيام، أو إقحام آلات موسيقية غربية بدون مبرر ولا دراسة .

فعلى مسرح الدراما بدار الأوبرا أحيت فرقة رَمَل بإشراف فواز باقر أمسية موسيقية رائعة، أعادتنا فيها إلى أجواء العشرينات من القرن العشرين. فكنا أمام تخت شرقي بآلاته العربية الأصيلة (العود والقانون والناي والإيقاع)، أضيف إليها آلة الكونترباص التي هي آلة موسيقية كلاسيكية من أسرة الكمان. وشاهدنا المطرب الذي يغني جالساً على الكرسي، كما مطربي أيام زمان.‏

والأهم من ذلك الأداء الموسيقي والغنائي المتقن، والذي يمكن تسميته بالأداء الأكاديمي، لأنه تقيد تماماً بالتقاليد العربية والعلمية للعزف والغناء. وكان العزف يجمع بين النظافة والدقة والحرفية. ولن نستغرب ذلك إذا عرفنا أن المشرف على التخت فواز باقر هو باحث موسيقا متعمق ، وله دراسات هامة في هذا المجال.‏‏

وما يميز الفرقة أيضاً أن برنامجها جاء غنياً بالألحان السورية مع بعض الألحان المصرية على سبيل التلوين. وكانت البداية مع موشحين مصريين (رماني بسهم هواه) تلحين داوود حسني و(منيتي عَزّ اصطباري) تلحين سيد درويش، وموشح ثالث للموسيقي السوري عمر البطش (قم يانديم). بعدها ارتجل مطرب التخت خالد الحافظ بعض الأبيات الشعرية، فأظهر مقدرة صوتية بديعة واستعرض قدراته الصوتية وتلويناته دون شطط، وإنما ضمن الأصول والتقاليد. ثم قدم دور (القلب مال للجمال) تلحين الموسيقي الحلبي بكري الكردي وكلمات صديقه حسام الدين الخطيب (وهو غير الأستاذ الجامعي المعروف) . وفي البداية تعجبت كيف سيؤدى الهانك في الدور الذي يحتاج إلى (كورس) يتناوب مع المطرب في أداء الآهات وأحد مقاطع الدور، لكن المشكلة حلت حين لعب العازفون دور الكورس ، فكان اداء الدور رائعاً. وهو من الأدوار القليلة جداً التي لحنها السوريون. فالدور قالب مصري بامتياز. بعد ذلك استمعنا إلى طقطوقة (كتر دلالك) للخطيب والكردي، ليختتم الغناء بموشح (نمّ دمعي من عيوني) لسيد درويش وأغنيتين تراثيتين سوريتين.‏‏

على الجانب الموسيقي قدم التخت عملاً موسيقياً من قالب (التحميلة) ، والتحميلة قطعة موسيقية تتضمن عزفاً إفرادياً لآلات التخت (العود والقانون والناي، وربما لآلات أخرى). والتحميلة التي استمعنا إليها تأليف عازف العود في الفرقة طارق السيد يحيى وكانت رائعة، تضمنت حواراً جميلاً بين العود والناي، ثم عزفاً إفرادياً للناي والقانون. وأستطيع أن أقول إننا كسبنا مؤلفاً موسيقياً سيكون له شأن.‏‏

وثمة أمر لابد من التوقف عنده، وهو برنامج الأمسية المنشور في الكراس الذي وزع على الجمهور. فقد كان برنامجاً كافياً وافياً لكل المعلومات عن الفقرات المقدمة.من اسم كاتب الكلمات والملحن والتعريف بقالب اللحن. وهذا مانطالب به دائما، لأن له دوراً تثقيفياً مهماً للجمهور بتراثا الموسيقي الغنائي.‏‏

ولابد اخيراً من التوقف عند اسم الفرقة (الرَمَل). وهو اسم لأحد بحور الشعر العربي. وكأنما أراد فواز باقر الإشارة إلى العلاقة الوثيقة بين الأوزان الموسيقية والأوزان الشعرية. وهذه حقيقة لا مراء فيها.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية