تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الكرملين يستعيد شبابه!

كل أربعاء
الأربعاء 13-6-2012
سهيل ابراهيم

بدأت روسيا الاتحادية باستعادة لغتها القديمة في الحوار الدولي وبدأت بملء مقعدها في مجلس الأمن بما يليق بمكانتها ووزنها كما بدأت تستوثق من صلابة يدها المرفوعة بالاعتراض

على القرارات المفخخة التي تدفع بها الخارجية الأميركية إلى امتحان التصويت بالصلف الذي اعتاد عليه الأميركيون في العقدين الفائتين في التعامل مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين منهم والمؤقتين منذ أن انهار الاتحاد السوفييتي وانزوى في الثوب الروسي الذي فصله بوريس يلتسن على قياس دولة أدنى من العظمى لتستفرد واشنطن بالجلوس على عرش الكون بكل نهمها الامبراطوري وجشعها لالتهام ثمر العالم في كل الحقول!‏

لم تتأخر موسكو طويلاً في استرداد عافيتها منذ أن أمسك بدفة القيادة في سفينتها فلاديمير بوتين ولم تترك الوقت يضيع سدى قبل أن تعوض خسارتها في انفضاض جمهوريات آسيا الوسطى من حولها بالاعتماد على النفس والانتقال السريع من معضلات ومخاطر الاقتصاد الحر إلى نقطة التوازن التي ضخت الروح في أوردة الاقتصاد الروسي دون أن يلحق أي أثر سلبي بالتصنيع الحربي الذي حافظ على قدرات روسيا الدفاعية في المستوى الذي يحفظ التوازن الاستراتيجي بينها وبين المخزون الحربي الأميركي الصاعد منذ حقبة سباق التسلح بين موسكو وواشنطن في عقود الحرب الباردة!‏

بشيء من الإرادة الصارمة والعاقلة وحسن اختيار الحلفاء والتوظيف الذكي للنفط والغاز الروسيين في السوق الأوروبي استطاع بوتين أن يرتقي بروسيا صعوداً على السلم من جديد دون أن يصرف وقته في معارك وصدامات غير مضمونة النتائج مع الذي خلا له الكون وراح يضرب في أرجائه غزواً وحروباً واستنزافاً للدول والشعوب دون حسيب أو رقيب كان الهم الأول لفلاديمير بوتين هو استكمال الصعود بروسيا على سلم الاقتدار حتى الدرجة التي يستطيع من خلالها أن يتمكن من النظر من جديد ليرى العالم على حقيقته اليوم ثم يرسم استراتيجيته الجريئة التي يعيد من خلالها موسكو إلى موقع القوة العظمى تلك الاستراتيجية التي تضع في حسابها أن الأطلسيين بقيادة واشنطن قد تغولوا كثيراً في العقدين الماضيين في مناطق كثيرة من العالم بعضها على تخوم الاتحاد الروسي كأفغانستان مثلاً، وفي نفس الوقت فإن استراتيجية بوتين الجديدة ستضع في حسابها أيضاً أن هؤلاء الأطلسيين قد استنزفوا بما فيه الكفاية في حروبهم وغزواتهم وأن خروجهم من العراق لا يعني إلا بداية انكفائهم الذي سوف يكون أكثر سطوعاً في خروجهم من أفغانستان بغض النظر عن الندوب البارزة التي تتركها أزماتهم الاقتصادية على صورتهم. الأمر الذي سوف يتيح لقيصر الكرملين الجديد- القديم أن يرسم خطوط استراتيجيته الجديدة بارتياح وطول نفس دون أن يكون مضطراً للمغامرة بشيء ودون أن يتسرع في استحضار لحظة الصدام أو المواجهة.‏

ما يجري في منطقتنا العربية منذ أقل من عامين من متغيرات غالباً ما تأخذ شكل الفوضى حتم على موسكو أن يكون المفصل السوري موقع الاحتكاك الأول مع البطر الأميركي لاعتبارات يعرفها صانع القرار في الكرملين، فسورية حدود المياه الدافئة التي لا تستطيع موسكو أن تتساهل أو تفرط في أبجديتها كلقمة سائغة لمراكز الأبحاث الأميركية وكمحطة من محطات قطع الأسطول السادس التي تختال في عرض المتوسط والروابط التقليدية بين دمشق وموسكو صار أوانها كي ترقى إلى درجة التحالف وقبل كل ذلك وبعده فالقانون الدولي هو في صف هذين الحليفين في وقفتهما ضد هذا الهياج الكوني الذي تزداد حرارته شهراً بعد شهر ولا يقبل بأقل من رأس دمشق لكنه رأس عنيد كسرت في الطريق إلى استهدافه جحافل كثيرة تفيض بأخبارها كتب التاريخ!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية