تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بلاك ووتر.. رأس حربة الاحتلال في العراق وأفغانستان

قاعدة الحدث
الخميس 7-6-2012
إعداد: سليمان قبلان

تعد بلاك ووتر أخطر وأشرس المنظمات الإرهابية في العالم, سطع نجمها في مرحلة ما يسمى بـ «الحرب على الإرهاب»، فبعد اعتداءات أيلول 2001، صارت هذه الشــركة لاعباً رئيسياً في الحرب الشاملة في العراق وأفغانستان وكانت من أكثر المستفيدين من «الحرب على الإرهاب» وربحت نحو مليار دولار أميركي في عقودها السرية مع الحكومة الأميركية.‏

وبلاك ووتر باتت تعرف باسم خدمات (إكس إي)، أنشأها في العام 1996 الثري الأميركي إيريك برينس.‏

حققت الشركة أرباحاً هائلة بلغت مليار دولار من عقودها السرية مع الحكومة الأميركية أغلبها بتكليف مباشر دون أي منافسة، وخلال عشرة أعوام تمكن إيريك برينس من توسيع شركته جاعلاً منها أكبر قاعدة عسكرية خاصة في العالم، وأكدت معلومات موثقة أن لديها أكثر من مليوني مرتزق يعملون في جميع أنحاء العالم, إضافة إلى أسطول جوي وجهاز خاص للاستخبارات.‏

وكان دور مرتزقة بلاك ووتر في العراق يتصف بالشراسة والوحشية من حيث تجاهلهم لجميع قواعد الحروب، من قتل دون تمييز لمدنيين عزل، من أطفال ونساء وشيوخ، واقترافهم لمجازر تعد من جرائم الإبادة، هذا وبالإضاقة إلى أن الولايات المتحدة قدمت لهم الحماية والدعم والإسناد القانوني، من خلال إجراءات شكلية تبعد عنها أي مسؤولية جزائية حقيقية.‏‏

عمليات الشركة في العراق جاءت بناءً على قرار أصدره الحاكم الأميركي السابق للعراق بول بريمر عام 2004، بمنح الشركات الأمنية حرية العمل في العراق، كما منحها حصانة قضائية ضد ملاحقة القانون العراقي لها. إضافة إلى استخدام بلاك ووتر معدات تقترب من الجيش النظامي؛ إذ إنها تمتلك أدوات قتالية متوسطة وثقيلة، وتستخدم طائرات الهيلوكبتر والمدرعات لتنفيذ أعمال قتالية وهجومية. كما وقعت بلاك ووتر عقداً بتقديم خدمات أمنية في العراق مقابل أكثر من 21 مليون دولار لتوفير الحماية للحاكم الأميركي بول بريمر، ثم قامت الشركة فيما بعد بحماية السفراء الأميركيين، كما أن قواتها تحمي أكثر من 90 عضواً في الكونغرس بالعراق بما فيهم الناطقة باسم البيت الأبيض نانسي بيلوسي سابقاً.‏‏

محللون أكدوا أن قضية المرتزقة تفجرت بشكل كبير بعد مقتل أربعة منهم تابعين لشركة بلاك ووتر الأميركية بمدينة الفلوجة في الحادي والثلاثين من آذار عام 2004، لتتدحرج بعدها كرة الثلج التي تكشفت معها خفايا وأسرار جيوش المرتزقة في العراق وتلك الأدوار القذرة التي قامت بها، والتي بدأت من أعمال الحراسة العادية للقوافل والمواكب والقواعد الأميركية ولم تنته بشن كافة أنواع المعارك والحروب التي تستخدم فيها مختلف صنوف الأسلحة العسكرية القتالية المحرمة وغير المحرمة على أي قرية أو مدينة أو منطقة تريد القوات الأميركية إخضاعها أو تدميرها، حتى إن بعض التقارير أشارت إلى أن معركة الفلوجة الثانية والتي وقعت في العام 2004 والتي راح ضحيتها عشرات آلاف العراقيين تمت على أيدي مرتزقة.‏‏

وتشير الوثائق إلى أنه منذ عام 2005، كان ما مجموعه 195 حادثة إطلاق نار، قام بها مرتزقة بلاك ووتر في العراق، ومعظمها (163 حادثا) بدأها هؤلاء المرتزقة بإطلاق النار على المدنيين العراقيين، وسببت قتل المئات من المواطنين الأبرياء هذا عدا عن الأعداد الكبيرة من الجرحى. بالإضافة إلى 14 حادثاً قتل فيه عشرة عراقيين وجرح سبعة آخرين بنيران بلاك ووتر، ومن جرائمهم قطع رؤوس المدنيين العراقيين بتفاصيل جرائم مروعة ترقى إلى مستوى جرائم حرب.‏ كما قام حراس شركة بلاك ووتر بإطلاق نار عشوائي في ساحة النسور ببغداد في 17 أيلول عام 2007، ما أدى إلى مقتل 17 عراقياً، وإصابة عشرات الجرحى.‏‏

السيناتور الجمهوري عن ولاية فرجينيا جون وارنر رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي قال في معرض حديثه عن جيوش المرتزقة في العراق: (إنني أسميهم شريكنا الصامت في هذا الصراع).‏‏

وقد عمدت بعض الصحف العراقية إلى الكشف عن بعض هذه الجرائم ؛حيث ذكرت أن جماعات من الجنود المرتزقة أسسوا عصابات للجريمة المنظمة ومارسوا تجارة المخدرات والرقيق الأبيض وإدارة بيوت الدعارة، حتى إن بعضهم أسس شبكات تقوم باختطاف الأشخاص وخاصة الأطفال لاستئصال الأعضاء البشرية مثل الكلى والكبد للمتاجرة بها، فيما أتقن بعضهم الآخر تجارة الآثار.‏‏

هذا ويتراوح راتب الجندي المرتزق في العراق بين 1000 و1500 دولار يوميا، في الوقت الذي تشير فيه التقارير إلى أن راتب الجندي الأميركي النظامي يتراوح بين 1500 إلى 5000 آلاف دولار في الشهر تدرجا من رتبة جندي عادي وحتى قائد فصيل. وكشف تقرير حديث للكونغرس عن حقائق تنشر للمرة الأولى تتعلق بتوسع الجيش الأميركي في الاستعانة بالمرتزقة أو بمن تسميهم وزارة الدفاع البنتاغون المتعاونين المدنيين لدعم العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان. واعترف التقرير بأن ضعف الرقابة والمتابعة عليهم أدى إلى ارتكاب العديد منهم جرائم وانتهاكات مختلفة ضد المدنيين في البلدين ما قوض الجهود الأميركية لمحاربة التمرد حسب وصفه، كما كشف التقرير عن أن عدد المرتزقة الذين يستعين بهم الجيش في أفغانستان يفوق عدد الجنود الأميركيين النظاميين، وأن نسبتهم إلى القوات النظامية هي الأعلى في صراع خارجي خاضته القوات الأميركية في تاريخها. وكشف أيضا أن الاستعانة بهم كلفت الخزانة الأميركية أكثر من 100 مليار دولار منذ 2003 حتى منتصف 2008.‏‏

وذكر التقرير الذي حمل عنوان (متعاقدو وزارة الدفاع في العراق وأفغانستان خلفية وتحليل) أعدته هيئة أبحاث الكونغرس أنه بنهاية آذار 2009 كان عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان 52 ألفا و300 جندي مقابل 168 ألفا و197 مدنيا مسلحا أو متعاقدا وهو التعبير الرسمي الذي يستخدمه الجيش الأميركي للإشارة إلى المرتزقة. وأوضح التقرير أن 67% من هؤلاء المرتزقة أي أكثر من 51 ألفا هم من المدنيين الأفغان مقابل 15% مواطنين أميركيين، حيث يبلغ عددهم 9378 مدنيا. والباقي أجانب من دول أخرى وعددهم نحو 7 آلاف.‏‏

وبالنسبة للأعمال التي يقوم بها هؤلاء فمعظمها للدعم القتالي بنسبة 58% تليها أعمال البناء 15% والأمن 8% والترجمة 7% ثم الأعمال الأخرى مثل الاتصالات والنقل وغيرها.‏‏

ويشير التقرير إلى أن تكلفة الاستعانة بالمدنيين لدعم الجيش بلغت وفقا لتقديرات مكتب الميزانية التابع للكونغرس 76 مليار دولار في العراق وأفغانستان في الفترة من 2003 إلى 2007 وبلغت التكلفة 30 مليارا في العام المالي 2007 والنصف الأول من العام المالي 2008.‏‏

وكشف تقرير رسمي أميركي آخر, عن ارتفاع أعداد القتلى من (المرتزقة ) الذين يعملون لمصلحة وزارة الدفاع الأميركية في أفغانستان والعراق على نحو متواصل، لتبلغ في أفغانستان أربعة أضعاف ونصف ضعف نسبة القتلى من الجنود الأميركيين هناك.‏ بالإضافة إلى أن أعداد القتلى من المرتزقة الذين يطلق عليهم اسم(المقاولون الأمنيون) لا تنال ذات الاهتمام في النشر الذي يلقاه قتلى القوات الأميركية وباقي القوات المنضوية في حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، إذ لقي معظم المقاولين الأمنيين مصرعهم في حراسة القوافل، على الرغم من أن التفاصيل الدقيقة غير معروفة إلى حدّ كبير، كما أن الوفيات التي تحدث نادراً ما يجري تحقيق بشأنها.‏‏

ومنذ تولّي الرئيس الأميركي باراك أوباما مهماته، ارتفع عدد المقاولين الأمنيين إلى أكثر من أربعة أضعاف ليقارب 16398 مقاولاً أمنياً يعملون الآن بعقود من البنتاغون.‏ بعد أن كان عددهم عام 2009 لا يزيد عن 4000. تحاول الولايات المتحدة أن تصوّر للعالم هؤلاء المرتزقة بأنّهم إما مقاولون أما متعاقدون، تقتصر مهامهم على أعمال الحراسة وتأمين حماية المنشآت، في حين يشير الواقع إلى أنّ هؤلاء يرتكبون جرائم ضدّ المدنيين يمكن تصنيفها قانونيا بأنها جرائم حرب ضد الإنسانية.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية