فَمَنْ يخوض معركةَ وطنه ضد حرب الأغيار عليه, وعلى وطنه لايمكن أن يستوي بعُرف الناس والتاريخ مع مَنْ يساهم في معركة الغرباء الإرهابيين على وطنه وشعبه. ومن العجيب حتى حينه، وبعد ما تحوّل على الأرض في سورية وكشفت لدى النسبة الكبيرة – التي أوصلها التضليل إلى إزاحة العقل – الصورةُ الحقيقةُ المضمرة لوطن العيش المشترك في سورية، وبرز الإرهاب الدولي من أكثر من ثمانين بلداً يصول ويقتل بكافة أسلحة الفتك والدمار في بلدنا، وفي المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم ضاقت جماهير الناس الويلات من هؤلاء الذين دخلوا من الحرية الصهيونية الأميركية الأوروبية لينقلوا الناس إلى حريةِ العرب فسقط المخطط، واتضحت اللعبة واقتنعت جماهيرنا الوطنية بأن المطلوب فقط هو تدمير الوطن التاريخي للسوريين جغرافياً وتاريخاً وعلماً ونشيداً. وفي الطريق إلى جنيف 2 تتابع جماهير شعبنا قتال المتقاتلين على أرض سورية من مجموعات الإرهاب لترى كيف تدور على أرضنا معارك الأغيار على بعضهم بدون هدفٍ يهمُّ السوريين سوى أن كلّاً منهم يريد أن يخدم المرجعية التي تسيّره بالكونترول الخاص من خارج الحدود. ثم تراهم لا يعبؤون في جنيف2 وما سينتج عنه إذ ليس لهم أيُّ واردٍ فيه طالما أنه سيأخذ الجميع إلى الحل السياسي وهم لا يريدون حلّاً إلا بتدمير سورية. وكلما نظر السوريون إلى مصير وطنهم.
ومصيرهم عليه تأكدوا أكثر فأكثر أن الذين أدخلوا جيش الإرهاب الدولي إلى سورية ومازالوا يوفّرون الدعم المستمر له لكي يدمر البشر والشجر والحجر ليسوا أصدقاء سورية، وخاصة في آخر اجتماع لهم في باريس حيث صدّروا القرارات التي لا صلة لها بالحالة النفسية والوطنية للسوريين خدمة لأغراض مموليهم ومخططي استراتيجية الحرب على سورية. فالصديق يعلن نيابةً عن السوريين أنه سيعيد ترتيب حياتهم في بيوتهم وعلى أرض وطنهم مستلباً إرادتهم، ومدّعياً تمثيلهم، ومتجاوزاً صناديق الاقتراع التي تقرر باسمهم ما يرغبون به؛ هو الذي ساوى بالأمس بين شارون المقبور الإرهابي الذي قتل شعبنا في كل أرض عربية، وارتكب مجازر صبرا وشاتيلا، وبين قادةٍ من وطنه لم يكن لهم دأبٌ سوى مقاومة أحلام شارون الصهيونية في احتلال أرضنا. وفي الطريق إلى جنيف2 لم يعد الوطنيون السوريون مقتنعين بأن مشاريعهم الوطنية من عند الأغيار، ولا مستقبل أبنائهم في وطنٍ حُرٍّ كريمٍ من عند عبيد الغرب المستعربين، والمسلمين الذين باعوا الإسلام لأعدائهم كما باعوا العروبة كذلك.
إن الطريق إلى جنيف 2 لم تُبقِ شكّاً عند أحد بأن الذين يسكنون فنادق الخمس نجوم بتمويل الأعداء ليسوا الذين سيضعون الوطن والشعب على خط الاستقلال, والحرية, وحقوق الإنسان. وخاصة أن المواطن صار يدرك حقيقة وجودهم على أرض سورية، ومن يمثلون، وكم. ثم صار المواطن يعرف خطورة تدمير الدولة الوطنية السورية ذات التوجه العلماني مع صيانة الحق الروحي للناس في ممارساتهم الدينية والمذهبية، لكي يعودَ منها إلى اللّاوطن واللاوطنية واللّادولة فيسقط مرغماً في الفخ التاريخي للصهيو وهابية ويندثر. نعم لقد وصل شعبنا إلى إعادة تفسير المشهد الوطني, والإقليمي والدولي، ولم يعد يحتاج إلى قنواتِ التضليل المسخّرة لسفكِ دمه حتى ترسم له الطريق إلى وطنه ودولته، خاصة أنه يراهم يتقاتلون خارج حدود الوطن، وينقسمون ويبيعون مصالح وطنهم في سوق النخاسة الدولية، ويراهم على الأرض لا علاقة لهم بمن يقاتل من إرهابيين، ولكي يغطّوا أنفسهم يتّهمون الدولة السورية بأنها هي التي تقتل الشعب، وهي التي تأخذه دروعاً بشرية، وهي التي تمنع وصول المعونات الإغاثية إليه لكي ترضى الصهيو وهابية عما يفعلون، وتواصل ضخَّ الدولار إلى جيوبهم وعليه لم تعد الصورة في المشهد الداخلي غامضةً ولذا فقد ضاقت الحواضن, وصحا المغرر بهم، وبدأت تستفيق الناس مما يوصف بليل الغفلة. وهنا زاد سُعارهم وصاروا يقصفون الأحياء الآمنة أكثر، ويدّعون قدراتٍ لا يملكونها كما تخطط لهم الدوائر الغربية حتى يكون لهم في جنيف2 مقعدٌ. والدولة الوطنية السورية قد أعلنت وتعلن أن انعقاد جنيف2 مترافقٌ مع وقف الإرهاب على أرض سورية، ومنعِ داعميه من مواصلة تمويله. وجنيف2 ليس برهة توزيع الدولة على أمزجة أعدائنا. وجنيف2 لا يملك مشروعية التعبير والتقرير عن السوريين، فكل ما يطرح له وجوب العرض على صناديق الاقتراع؛ فالشعب في سورية صاحب القرار، وليس الذين ينطقون باسمه زُوراً وبهتاناً. والمتحاورون في جنيف2 سوريون وطنيون حافظوا على هويتهم في المعارضة الوطنية التي لم تستدعِ التدخل الدولي المباشر في تدمير سورية، ولم تقبل قطعان الأغيار من الإرهاب الدولي وتغطّي حربهم التدميرية. نعم هكذا ترى جماهيرنا إلى جنيف2 ومن يرى غيرَ رؤيتها سينكشف أمامها بأنه من خنادق حرب الأغيار، وقد فرض صمود السوريين مقولةَ عُقْمِ حربِ الأغيار على بلدهم، فهم أصحاب الحق التاريخي بتقرير مصير وطنهم، والسوريون كسبوا دوماً كل حربٍ عليهم،ويكسبون.