تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


القدوة .. قيمة ومعيارفي حياتهم

شباب
21 / 3 / 2011
كامل حسين

عندما يتحدث الشباب عن القدوة الصالحة وأثرها الروحي والاجتماعي ويكون أمامهم نموذج صالح لهذه القدوة يشعرون بالحرج والرهبة،

إذ لا يكون أمامهم تجربة طرح المفاهيم والأفكار فحسب، وإنما يكونون أمام معالجة تأثير هذه الأفكار والمفاهيم في أنفسهم من خلال مدى تجسيدها في الواقع الذي يعيشونه، وأهمية هذا التجسيد في حياتهم الذي يعتبر من أشد القضايا تعقيداً وأكثرها عناء في حياة الشباب.‏‏

أسئلة كثيرة يثيرها موضوع القدوة، تضعها شرائح الشباب أمام أعينها.. فلماذا هذه القدوة بالذات؟ وهل القدوة مهمة في حياة الشباب؟.. هذان السؤالان وغيرهما من الأسئلة نجيب عنها في سياق التحقيق الآتي:‏‏

القدوة كل ما يقتدى به‏‏

يستهل هادي علي / طالب حقوق/حديثه بالقول:« لابد من وجود قدوة لكل شاب،وليس بالضرورة أن تكون هذه القدوة شخصاً معيناً بالذات، إنما من الممكن أن تكون مجموعة أفكار أو مبادىء أو قيم، والبعض منا ينتقل إلى عالم الخيال ليصنع له قدوة لأنه لا يجد من يقتدي به أحياناً في الواقع. وعموماً يمكن القول إن كل من يصلح أن يقتدى به يصح أن يكون قدوة».‏‏

‏‏

ويتابع:« يتخذ بعض الشباب من الأنبياء والأئمة والصالحين قدوة لهم وذلك لمحاولة الوصول إلى ما وصلوا إليه لأنهم يرون في حياة هؤلاء الأنبياء والصالحين نموذجاً يستحق أن يحتذى به وغاية تسعى إليها هذه الشريحة من الناس. فيما يتخذ آخرون من الشعوب الغربية قدوة لهم منبهرين بما وصلت إليه هذه الشعوب من تطور في شتى المجالات غير أنهم يأخذون الجوانب السلبية التي تعمل هذه الشعوب جاهدة على التخلص منها كاتخاذها قدوة في اللبس أو حلاقة الشعر وغيرهما من السطحيات».‏‏

وعن أهمية القدوة يقول علي:« وجود القدوة ضروري في حياة الشباب ، فهي تساعد على وضوح صورة مستقبلهم وفق ضوابط محددة تختلف باختلاف طريقة تفكير الشاب وإيديولوجيته وأخلاقياته وغيرها من الفوارق التي تتفاوت من شاب إلى آخر، والهدف من اختيار القدوة هو الوصول إلى ما وصل إليه صاحبها،وهي ضرورية وعدم وجودها يؤدي إلى تشتيت الشاب أحياناً، إن لم يكن ضياعه في أحيان أخرى».‏‏

ويعلق أحمد مصطفى ناشط في مجال الشبيبة والشباب بقوله« لايوجد شخص محدد يعتبر قدوة بالنسبة إلي، وتظل هناك شخصيات معينة أكن لها قدراً من التقدير، منها على سبيل المثال شخصية المناضل جيفارا، ولا أنكر أنه من الضروري أن يضع الإنسان له شخصية يقتدي بها في أمور حياته».‏‏

ويضيف:« القدوة بالنسبة إلي أن آخذ من هذه الشخصيات ما يمكن أن يسهم في تكوين شخصيتي، مع ضرورة أن تكون شخصيتي مستقلة، فلا آخذ كل ما يقوله الرمز أو القدوة، بل آخذ ما هو ايجابي ويمكن أن يكون الأصدقاء قدوة أيضاً في بعض الحالات».‏‏

وبالسؤال عن أهمية القدوة يوضح مصطفى:« من الطبيعي أن الشاب عندما يحصل على قدوة حسنة، فستكون له شخصية منتجة وذات رؤية منطقية للحياة، وذلك لأن القدوة مرت بتجارب معينة ساهمت في صوغ شخصيتها ، وأؤكد أنه يجب على الشاب أخذ الشخصية مثالاً يقتدون بها وليس تقمصاً لها».‏‏

نوع من التوجيه‏‏

ومن جانبها توضح دكتورة علم الاجتماع د. إيمان حيدر أهمية القدوة لجيل الشباب فتقول:« القدوة تشكل عاملاً مهما في حياة الشباب كون خبرتهم في الحياة قليلة، فالقدوة هي المثل الأعلى لهم إذ تشكل نوعاً من التوجيه للسلوك، وتؤثر بشكل أو بآخر وتترك بصماتها على شخصية الشاب.‏‏

نستطيع فرض شخصية معينة عليهم، لكن يجب أن نسهم بطريقة غير مباشرة في توجيههم لاختيار القدوة الحسنة، وذلك من خلال توضيح المساوىء والحسنات لهذه القدوة».‏‏

تنوع واختلاف‏‏

يؤكد الدكتور عربي المصري في كلية الإعلام على أهمية القدوة ويضيف أن الشخص الذي يفتقد، ولا يملك معياراً محدداً يحدد له صحة أفعاله من خطئها.. هذا المعيار يختلف بين مجتمع وآخر،فالقدوة تختلف بتنوع المجتمعات..‏‏

ففي أميركا: مثلاً القدوة الأولى هي القانون الذي يقدر الصواب والخطأ بمدى اقتداء الشخص بتعاليم ونص هذا القانون.‏‏

في المجتمعات الاسكندنافية:مثلاً أصبحت القدوة لديهم هي المعيار الأخلاقي فإذا خالف الشخص القدوة العامة يقال له هذا عيب ومخالف لأخلاق المجتمع، وهذه المجتمعات أكثر تحضراً ورقياً حيث أصبحت الأخلاق أعلى من القانون.‏‏

في الوطن العربي أو في العالم الإسلامي أصبحت القدوة هي القدوة الدينية، فالخطأ ما هو حرام، فعندما يكون لدى الإنسان قدوة بغض النظر عن نوعها وجنسيتها فهذا يعني أن لديه معياراً يميز له الصواب من الخطأ.‏‏

لذلك نجد أن عبدة الشيطان هم منبوذون من الجميع لأن قدوتهم أساساً ألا قدوة لهم، يعني يفعلون ما يشتهون دون رادع ،فالقدوة فيها نوع من أنواع الرادع، ويبقى أن تكون القدوة إما حسنة أو قدوة تمثل فكراً أو تياراً أو عقيدة معينة أي قدوة عنصرية.‏‏

الفرق بين التقليد والقدوة‏‏

ويؤكد الدكتور المصري طبعاً هنالك فرق بين التقليد والقدوة، التقليد هو نوع من الأنواع غير ناتج عن فكر ولا يتعدى التصرف أو الانفعال العاطفي، أما عندما اقتدي بشخص فأنا آخذ منه روح العمل الذي يقوم به وأتمثل بهذه الروح.‏‏

فإذا رأيت شخصاً يساعد ولداً صغيراً على تقطيع الشارع ، ليست عليّ أن أبحث عن طفل في الشارع لأساعده في اجتياز الطريق، إنما آخذ روح العمل وهو فعل الخير للناس وأطبقه في أي مكان أو مجال آخر.‏‏

وهذا الفرق بين أن أقلد وبين أن أقتدي ليس ماذا فعلت، بل ما قيمة العمل الذي قمت به ما يحدث الآن للشباب العربي هو تقليد أكثر منه اقتداء.‏‏

هل تستطيع القدوة أن تغير أفكار أو سلوك الشباب ورأيه تجاه موضوع معين؟‏‏

أجاب الدكتور المصري بأن القدوة مهمة لأنها تبقى المسطرة المعيارية للشخص، فهي التي تحدد له الصح والخطأ وهي قادرة على تغيير الفكر والسلوك مثل قادة الرأي العام فشخص واحد قادر على تحريك ألف غيره..وهذا الموضوع أبعاده كثيرة..‏‏

باليابان مثلاً في العام قبل الماضي.. شاب انتحر ومعه 14 ألف شخص في عملية انتحارية جماعية.. وكلما زادت علاقتك بالقدوة كلما زاد تأثيرها فيك.‏‏

كذلك مسرحية قدمت في عهد جمال عبد الناصر عام 1956 حضر المسرحية ألف شخص ولكن على أثرها كان هنالك أكثر من 25 ألف متطوع في الجيش الشعبي.‏‏

في بريطانيا صنعوا فيلماً قصيراً عن المفقودين في الأربعينات من القرن الماضي... عشر الشعب البريطاني تطوع في الجمعيات الأهلية...‏‏

وهكذا فإن تأثير القدوة كبير جداً‏‏

الحدود الصحيحة‏‏

وعند سؤالنا ماالحدود الصحيحة للقدوة في حياة الشباب حتى لا يتسبب انكسار القدوة بانكسار الشاب؟ تقول الدكتورة ايمان حيدر إذا كانت قدوة حسنة فلا مشكلة بأي حدود ، المشكلة في تحديد نوع القدوة، فإذا كانت القدوة الفر د شخصية لأنه أحبه أو أحب شيئاً من تصرفاته أو أحب شكله أو حركاته وليس لأنه قدوة قيمة فهنا يكمن جوهر المشكلة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية