تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نظافة البيئة .. بين الاهتمام واللامبالاة!!

شباب
21 / 3 / 2011
فاتن حسن عادلة

أثار وقع كلامها في أذني غضباً داخلياً ، عندما قالت فجأة (ع الفاضي) ... بعدما أتى مترافقاً مع ضحكة ساخرة ... حينما وقعت عيناها على إحدى المواد التي تتحدث عن حملات النظافة المستمرة .

كما أثارني في داخلي مدى الاستهتار عندها وعند الكثيرين ممن فقدوا حس المسؤولية بالنظافة العامة فالكل يلقي بالمسؤولية على الآخر، ولو انطلق كل شخص فينا من نفسه لكانت بيئتنا أجمل وأنظف ، وكان تم توفير الكثير من الجهد والتعب والوقت والمال في أعمال أخرى .‏‏

فمن غير المقبول نهائياً أن يتم التعدي على عمل الآخرين وتخريب ما تم إنجازه وكأن شيئاً لم يكن .‏‏

ولا بد من إجراءات أكثر صرامة وخاصة مع جيل الشباب‏

‏‏

الذي يشكل القدوة لجيل المستقبل ، وهذا بالطبع يحتاج إلى الجدية والفعل العملي المستمر والصحيح بدون توقف حتى لا نخسر ما حققناه .‏‏

بدورنا حاولنا أن نقف عند أهم الأسباب التي تساهم في افتقاد الكثيرين من الشباب لثقافة نظافة البيئة .‏‏

افتقاد حس المسؤولية‏‏

الشاب محمد نبيل 23 عاماً (طالب جيولوجيا سنة ثانية ) يقول : بصراحة إن افتقادنا لهذه الثقافة يعود إلى عدم المحاسبة التي يجب أن تأتي بفرض غرامة مالية على كل من يرمي أي شيء في الشارع ولكن المسؤولية لا تقع علينا فقط بل نحن نتحمل جزءاً منها فقط وليس كلها إضافة لعدم التزام العامة بموضوع النظافة وهذا ما يولد عدم الإحساس أو الشعور بالمسؤولية عند الكثيرين، وهناك بعد المسافة بين الأماكن المخصصة لوضع النفايات في الشارع ما يضطرنا لرميها على الأرض وهذا طبعاً فعل خاطئ .‏‏

غياب التربية‏‏

وتؤكد يارا أن السبب في ذلك يرجع إلى الوسط الذي نتربى فيه وهو الأسرة التي ننطلق منها والتي تؤثر فينا سلباً أو إيجاباًولكن وبعيداً عن التربية يتوجب أن نستخدم عقلنا وتفكيرنا للتفريق ما بين الصح والخطأ وكشباب علينا الالتزام بالنظافة داخل المنزل وخارجه وعدم التفريق بينهما ومن الأهمية أن ننطلق من أنفسنا ومحاسبة ضمائرنا للمحافظة على بيئتنا وبالتالي حماية أنفسنا لأن الجسم السليم في البيئة السليمة .‏‏

الإهمال واللامبالاة‏‏

أما أريج فتشير إلى أن انتشار الأوساخ بكثرة إنما يعود للإهمال وليس لضيق الوقت أو الدراسة كما يبرر الكثير من الشباب.‏‏

وعامل النظافة الذي يستحق منا كل الاحترام ليس من مهمته أن يستمر بالعمل ليلاً نهاراً بل نحن نتحمل جزءاً من المسؤولية .‏‏

اهتمام شخصي‏‏

وحول المشاركة في حملات التطوع للمحافظة على البيئة تقول الشابة شادن العفلق الطالبة في كلية الصيدلة: بصراحة رغم رغبتي بالمشاركة في هذه الحملات والنشاطات وأنا مهتمة بذلك إلا أن هناك عوائق تحول دون ذلك ، منها أن وقتي مستغل كلياً بالدراسة فضلاً عن عدم وجود أي تفعيل لهذه النشاطات من قبل الكلية التي أدرس فيها أو الاتحاد المسؤول ، ومع ذلك هناك اهتمام شخصي مني فأنا أقوم بجمع الورق مع إخوتي في المنزل ومن ثم أقوم بوضعه في المكان المخصص له ، وتوضح أن هناك الكثير من الزملاء يشعرك بأنك خارج السرب إذا ما حاولت الالتزام بالنظافة كأن يقول لك ( الكل يلقي في الأرض ما وقفت عليك ) وهذا خطأ يجب المحاسبة عليه.‏‏

أما الشاب نجيب قنطار 25 عاماً طالب شريعة فيوضح أن ضيق الوقت يمنعه من المشاركة بحملات التطوع رغم حبه للمشاركة فيها ،ويضيف نحن كطلاب نعيش حالة من الفوضى الداخلية لأنه ليس هناك تنظيم عند الغالبية منا ولهذا فإن ثقافة النظافة شبه معدومة لدينا ونحن نتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية التي يجب ألا نرميها على غيرنا، ويضيف من المهم محاسبة النفس أولاً قبل محاسبة الآخرين .‏‏

السلوك يتشكل منذ الطفولة‏‏

ولتبيان الأسباب التي ساهمت في نشوء هذه الظاهرة غير الحضارية التقينا الدكتور طلال عبد المعطي مصطفى أستاذ الخدمة الاجتماعية - قسم علم الاجتماع في جامعة دمشق الذي قال :‏‏

بداية لا بد أن نحدد مفهوم ثقافة النظافة والحفاظ على البيئة والتي عادة ما تكون أحد جوانب الثقافة العامة السائدة في المجتمع، خاصة عند الشباب التي تتشكل من مجموعة من القيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع لدى الفرد في الأسرة والمؤسسات الأخرى.‏‏

وبالتالي فإن هذه الثقافة تعود لتتجسد في سلوك معاش يومياً أحياناً بشكل لفظي من خلال الآراء والاتجاهات وأحياناً تتجسد في سلوك فعلي عملي، وبالتالي لا نستطيع إلقاء المسؤوليةعلى الشباب فقط إذا ما لوحظ أن هناك سلوكاً غير سليم فيما يتعلق بالتعامل مع البيئة فكثيراً ما نجد أنفسنا أمام صعوبات في إلقاء بعض المحارم في الشارع نتيجة بعد الأماكن المخصصة لرميها.‏‏

والشاب عادة ما يتشكل سلوكه في الطفولة ممن حوله في بيئته الاجتماعية ، فالوالدان قدوة بالنسبة له والمعلم والزملاء والأكبر سناً .‏‏

وأضاف الدكتور إن الاهتمام في سورية قد زاد في السنوات العشر الأخيرة من خلال إعادة النظر في المناهج التعليمية كافة فيما يتعلق بالبيئة وقد بدأنا في علم الاجتماع بتدريس مادة تسمى علم الاجتماع البيئي أو السلوك الاجتماعي والبيئة .‏‏

كما لوحظ أيضاً الاهتمام في الوسائل الإعلامية المتعددة وبدأت تتكون وتشرف بعض الجمعيات الأهلية المعنية بالحفاظ على البيئة والعمل التطوعي لدى المنظمات الشبابية في هذا المجال .‏‏

إذاً المسألة ربما تحتاج إلى خمس سنوات قادمة حتى نلحظ النتائج الجيدة لهذه النشاطات الثقافية المتعددة لأنها ليست نتائج مادية تلحظ مباشرة وإنما تحتاج لفترة زمنية طويلة لتتشكل ثقافة جديدة عند الجيل الجديد والتي ستتجسد في سلوك ممارس فعلي ويومي.وهذه الثقافة الجديدة تحتاج إلى مواكبة من قبل المؤسسات الخدمية لتوفير المستلزمات المادية في الشوارع وعلى الأرصفة وفي مختلف المؤسسات للمساهمة في تحقيق نتائج ايجابية في هذا الموضوع .‏‏

فئة الشباب هي المعول عليها‏‏

وحول الهدف من حملات التطوع وأهمية التوجه إلى فئة الشباب ؟ حدثنا سليمان خليل من مكتب الإعلام في الاتحاد الوطني لطلبة سورية فقال: على الرغم من الحملات الإعلامية والإعلانية والتوعوية وكل جوانب العمل الوطني والاجتماعي الذي تقوم به مؤسسات حكومية وخاصة وأهلية وأفراد تجاه النظافة ومكافحة التلوث ومخاطر الهدر واللامبالاة، إلا أن النتائج لم تكن مرضية حتى الآن بالشكل الذي ترجوه مخططات وتصورات هذه الحملات والسبب بالدرجة الأولى هو الطبيعة التي تربى عليها المواطن وما يمليه الضمير والأخلاق والوعي والشعور بالمسؤولية والحرص.‏‏

وتوجهنا إلى الفئة الشابة جاء نتيجة الأهمية التي تتمتع بها هذه الفئة العمرية واتساع مشاركتها ودورها وتأثيرها وما يعول عليها من نتائج قريبة تلاقي آذاناً صاغية أكثر من أي فئة عمرية أخرى ،إضافة لتمتع هذه الفئة بالحيوية والنشاط والهمة والقدرة على التحليل والتحفيز والمشاركة المجتمعية . فثقافة النظافة موجودة في مجتمعنا ولكن بحاجة لرؤية مكملة من قطاعات كبيرة وتمويل ودعم مادي ومعنوي وهي تنتظر مبادرة الجهات كافة ، فلا يمكن لمؤسسة أو منظمة واحدة أن تعمل لوحدها بمعزل عن الآخرين ، وهذا لا يعفي الآخرين من هذا الدور . كما إن التعاطي مع ثقافة النظافة لا يفترض أن يكون آنياً بقدر ما هي حالة مستمرة تلتصق بعاداتنا وتاريخنا وتقاليدنا وحضارتنا .‏‏

وقد أثمرت ثقافة التطوع والعمل التطوعي عن تخديم وتنظيف وفتح مشاركات واسعة في هذا المجال وتوزيع سلات مهملات وتوعية وإرشاد بدءاً من المدارس وحتى الجامعات والقطاعات الحكومية .‏‏

وأشاد بحملة تدوير الورق التي أطلقت مؤخراً بهدف المحافظة على النظافة والتي تشكل بداية لحملات أخرى قادمة . وأوضح أن الحملة ستبدأ العمل في ثلاث محافظات هي (دمشق وحلب ودير الزور ) وستنتقل بعد ذلك إلى بقية المحافظات حتى تشمل الحملة كافة المحافظات السورية .‏‏

وأخيراً أود أن أشير إلى أهمية وضع شرطة بيئية لقمع المخالفات التي تضر بالبيئة ومحاسبة المسيئين وان تكون محايدة في داخل المؤسسات لأنه من المعيب أن نرى اعقاب السجائر منتشرة في كل الاماكن رغم وضع لجان للمحافظة على النظافة .‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية