و ذكر بأن هناك زيادة ملحوظة في مستوى العنف منذ الثاني عشر من نيسان موعد وقف إطلاق النار في سورية. و قال: ( من دون مراقبة شاملة للوضع، يبدو من الصعوبة بمكان تقييم مستوى العنف، غير أن التقارير المتوفرة تفترض ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل مستوى العنف قد ارتفع عبر الفترة الممتدة من الثاني عشر من نيسان...)
و ذكر أنان أن أهمية وجود المراقبين لا تكمن فقط في رؤية ما الذي يجري، بل أيضا في إمكانية تغيير الديناميكا السياسية . ووضح بأن هدفه ليس تجميد الوضع، و لكن التحرك قدما تجاه ما أسماه “البيئة المؤهلة” التي ستسهل “عملية سياسية حقيقية”.و تحدث أنان عن الدور الهام الذي تلعبه المعلومات الدقيقة للمساعدة على تهدئة الأزمة السورية: (مازلنا نواجه عقبات بسبب نقص المعلومات الموثقة، نحن بحاجة إلى عيون و آذان على الأرض، و هذا سيوفر الأرضية الثابتة التي يحتاجها المجتمع الدولي للتصرف بطريق فعالة و موحدة) . غير أن عبارته الأخيرة لم تعترف بأنه يوجد ضمن ما أسماه “المجتمع الدولي” معادون لبعثته من أجل السلام، و على العكس هم يعملون لأجل تغيير النظام في سورية، الهدف المتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة. ففي الواقع ، المعلومات الدقيقة، و كما قال أنان، حاسمة لأجل نجاح بعثته في سورية.
و الخلل الواضح فيما يقوم به يكمن في حقيقة أنه لم يقر بالتأثير المؤذي الذي لعبته تقارير المعارضة غير الموثقة في الأزمة السورية.و في كانون الثاني 2012 ضم تقرير بعثة مراقبي الجامعة العربية عدة إشارات إلى الدور الضار لتقارير وسائل الإعلام غير الدقيقة حول ما يحدث في سورية. فورد في التقرير: (منذ بداية عملها، كانت البعثة هدفا لحملة إعلامية شرسة.نشرت بعض وسائل الإعلام تصريحات لا أساس لها من الصحة، نسبوها إلى رئيس البعثة. و بالغوا بشكل كبير في الأحداث و بهذا حرفوا الحقيقة... تقارير ملفقة كهذه ساهمت في زيادة التوتر بين الشعب السوري و قوضت عمل المراقبين. و تم استغلال بعض المنظمات الإعلامية بغية تشويه سمعة البعثة و رئيسها و التسبب بفشل عملها).
و اذا أخذنا بعين الاعتبار تجربة بعثة المراقبة السابقة في سورية ، عندها سنتوقع أن يكون هناك ثانية تقارير مضخمة لتزييف الحقيقة. غير أن أنان في رسالته إلى مجلس الأمن أشار إلى بعض التقارير غير الموثقة التي دفعته إلى “القلق”. و رغم أنه اعترف بأن هذه التقارير لم “تثبت” إلا أنه لم ينبه إلى ضرورة أن تكون موضع شك حتى يتم إثباتها.
ذكرت التقارير على الأرض وجود أحد عشر مراقبا من الأمم المتحدة في سورية قبل نهاية نيسان موعد نشر ثلاثين مراقبا. ورغم العدد القليل للمراقبين ،و رغم أن البعثة لا تزال في بدايتها، هذا عدا الطبيعة الايجابية لرسالة كوفي أنان لمجلس الأمن، وجدت تقارير إعلامية اقتبست عبارات من مصادر مختلفة تتحدث عن فشل البعثة.
هذه التقارير الإعلامية المضللة أمر متوقع مع وجود حرب إعلامية ضد سيادة سورية داعمة للمعارضة المسلحة.
إحدى آليات هذه الحرب الإعلامية تتجلى في الإشارة المستمرة لتقارير غير موثقة من المعارضة من مصادر مشكوك بأمرها مثل المرصد السوري لحقوق الإنسان و مقره المملكة المتحدة. و قد كتبت فضائح كثيرة حول هذه المنظمة لا تظهر فقط بأن مجموعتين متنافستين أعلنتا بأنهما الممثل الشرعي لهذا الكيان، بل أيضا أي منهما لا تملك الأساس لتأكيد صحة التقارير التي تنشر باسمها.
و مع ذلك لا تزال الكثير من المؤسسات الإعلامية حول العالم، خاصة في الغرب، تشير إلى ادعاءات هذه المنظمة القائمة في لندن على أنها مصدر أرقام الضحايا التي تتهم الحكومة السورية بقتلها . و بالمقابل، لا تذكر معلومات أخرى أكثر مصداقية تضم أسماء أفراد من القطاع الحكومي والمدني كانوا ضحايا المعارضة المسلحة. و مؤخرا، قام عدد من الصحفيين بالاستقالة من الجزيرة قائلين بأنه لم يكن مسموحا لهم بكتابة تقارير حول عنف المعارضة المسلحة.
في كل حرب، تكون وسائل الإعلام هي السلاح الرئيسي. و خطة أنان جزء من بعثة سلام، و لكن يبقى السؤال الهام هو كيف سيكون رد بعثة المراقبين حيال الحرب الإعلامية ضد خطة أنان؟؟ انه السؤال الذي سيحدد الى أي حد يمكن للأمم المتحدة العمل كقوة في سورية.
بقلم روندا هوبين