تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوبـــامـــا .. اضغط عــلى إســـرائيــل لمصــلحتــها؟!

عن مجلة «NEWS WEEK»
ترجمة
الأثنين 29-6-2009م
ترجمة :ريما الرفاعي

منذ أول وميض لعملية سلام ممكنة بين العرب والاسرائيليين بعد حرب تشرين عام 1973،اتسمت العلاقات الاميركية الاسرائيلية بالتناقضات الظاهرية والمفارقات

حيث إن الرؤساء الاميركيين الذين كان ينظر لهم على انهم الاقل وداً لاسرائيل فعلوا الافضل من اجلها بينما لم ينفعها الرؤساء الاميركيون الذين صنفوا على انهم الحلفاء الاقرب لاسرائيل والاكثر تأييدا لسياساتها.‏

هذا التاريخ بدأ مع الرئيس جيمي كارتر الذي هدد بقطع المساعدة الامريكية للضغط على مناحيم بيغن من اجل اعادة سيناء الى المصريين ما جعل التوصل الى اتفاقية كامب ديفيد ممكنا في عام 1979 .والمساهمة الاميركية الاخرى المهمة من اجل تحقيق السلام في الشرق الاوسط كانت في عهد الرئيس جورج بوش الاب عندما رفض الاسرائيليون المشاركة في مؤتمر مدريد عام 1991 ،حيث امتنع وزير الخارجية الاميركي آنذاك جيمس بيكر عن تقديم ضمانات قروض لاسرائيل. وقال مقولته الشهيرة : «يجب على رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاق شامير الاتصال بي عندما يكون مهتما وراغبا في السلام». وقد قاد مؤتمر مدريد الى تحقيق معاهدة سلام بين الاردن واسرائيل والى الاعتراف باسرائيل من قبل العديد من الدول اضافة الى اطلاق المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين .‏

على النقيض من ذلك، فإن رونالد ريغان وبيل كلينتون وجورج بوش الابن الذين ينظر لهم على انهم الرؤساء الاكثر تأييدا لاسرائيل لم يفيدوها بشيء لكنهم شجعوا اسرائيل على اتباع سياسات سيئة وبالتالي تواصل النزاع في المنطقة . فريغان كان يدعم بشكل علني مزاعم اسرائيل بملكيتها للضفة الغربية والاحتلال الاسرائيلي للبنان والتعنت الاسرائيلي ازاء التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية. وتحت ادارة كلينتون،لم نلمس وجود محادثات جادة او نزيهة مع الاسرائيليين حيال توسع الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية.‏

ومن جانبه، قال آرون ديفيد ميلر وهو مفاوض اميركي سابق في الشرق الاوسط في كتاب له بعنوان « الارض الموعودة جدا» إن جورج بوش الابن استمر في تجاهل المستوطنات وعملية السلام اضافة الى انه تغاضى عن الممارسات العسكرية الاسرائيلية الخاطئة في الضفة الغربية ولبنان وقطاع غزة.‏

اذا ، فإن سياسات القادة الاميركيين المنحازة لاسرائيل ادت الى تزايد الامتعاض والاستياء في العالم العربي والى تقوية وتعزيز الأوهام والاكاذيب في الجانب الاسرائيلي بدل التركيز على الحقائق التي تتطلب التنازل عن الارض مقابل السلام.‏

اليوم، الرئيس اوباما يبدو جادا في مواجهة هذا الانقسام القديم. أي إنه قد أوضح لاسرائيل ان هناك ما يدعو للشك والقلق حيث قال للجماعات اليهودية خلال حملته الرئاسية : «لم اتحدث بعد الحديث المطلوب ولن امشي الوجهة ذاتها عندما يتعلق الامر بأمن اسرائيل» . وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والمبعوث الخاص للشرق الاوسط جورج ميتشل ونائب الرئيس جو بايدن يحملون الرؤيا ذاتها. أي إن الطاقم كله جاد في الضغط على اسرائيل .‏

في الحديث الذي القاه اوباما في القاهرة ،طالب بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية والدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين بالاعتماد على مبدأ حل الدولتين. وهذه خطوة نحو الامام . أن تكون صديقاً لاسرائيل في الوقت الحالي يوجب عليك الضغط كثيرا على اليهود والعرب من اجل تحقيق صفقة جادة. وحتى اذا لم يتم التوصل الى اتفاقية سلام ،فإن تدخل اوباما الشخصي واتخاذ موقف غير متحيز في المشكلة يمكن أن يكون له فوائد عدة، ذلك ان قيام الولايات المتحدة بالضغط على حليفتها اسرائيل كما على الفلسطينيين سيؤدي الى زيادة شعبيتها في منطقة الشرق الاوسط بشكل كبير. كما أن وقوف الولايات المتحدة وسيطاً مستقلاً لن يؤثر على علاقتها مع إسرائيل بل سيساعدها على موازنة تعاملها مع الطرفين، الامر الذي يقود الى اطلاق مفاوضات في بيئة ملائمة يحصل بموجبها كل طرف على ما يريد على اساس متزن للمصالح وليس على حساب الطرف الأضعف بقوة الطرف الإسرائيلي وبواقع احتلاله.‏

ومن أجل القيام بذلك على اوباما القيام بالمستحيل تقريبا عدة مرات للوصول الى نتائج مرضية:‏

- أولاً: عليه الضغط نحو احداث تغيير في بنيامين نتنياهو نفسه او تغيير في الكنيست الاسرائيلي. ففي السياسات الاسرائيلية يحاول بيبي دائما إظهار أن الفلسطينيين انما يسعون في نهاية المطاف الى تدمير اسرائيل . ورغم ابتعاده عن السلطة قرابة عقد من الزمن، لم يغير نتنياهو من مواقفه تجاه الفلسطينيين ومن معارضته قيام دولة فلسطينية مستقلة ومن رغبته في القيام بإجراء عسكري ضد ايران. لكن نتنياهو ايضا هو سياسي محنك ويعرف جيدا انه لا يستطيع المغامرة بأهم علاقات اسرائيل الخارجية أي مع الولايات المتحدة. ومراهنة اوباما على الرأي العام الاسرائيلي -اذا لم يكن على نتنياهو نفسه – يجب ان تقوم على ان وقف الدعم الاميركي لاسرائيل يجب أن يؤخذ على محمل الجد.‏

في الوقت نفسه، يحتاج الرئيس اوباما الى تهدئة اليهود الاميركيين الذين قد يستاء قسم منهم ازاء أي ضغوط تمارس على اسرائيل، لكن حالما تلوح النتائج الايجابية ستكون الامور اسهل بكثير. اذا كنتم ترغبون أن نواصل تمويل 20 % من ميزانيتكم العسكرية وأن نبيعكم احدث انواع الاسلحة لدينا وان نقف معكم في الامم المتحدة، عليكم وقف الاستيطان كليا في الضفة الغربية.‏

اوباما سيواجه ضغوطا واتهامات من قبل المحافظين بأن اصوله المسلمة هي التي تحركه . لكن تعامل فريق اوباما مع المشكلة بطريقة بارعة وحذرة تستقطب حلفاء اسرائيل وتقنعهم أن ما يجري انما هو سياسة حب قاسية مع إسرائيل، مع ملاحظة انه عندما زار نتنياهو مبنى الكونغرس في زيارته الاخيرة للولايات المتحدة تفاجأ أن الكثير من المؤيدين الاقوياء لإسرائيل يقفون مع اوباما .‏

بالطبع ،إن تحقيق تسوية عادلة وشاملة للصراع العربي - الاسرائيلي لا يزال نوعاً من الفانتازيا لدى الادارات الاميركية المتعاقبة التي لم تفلح أي منها بتحقيق أي تقدم في هذا المجال. وعلى الرئيس اوباما أن يعي جيدا ان الكثيرين يتمنون له الفشل على هذا الصعيد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية