تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تحرش أدبي غير موفق

رسم بالكلمات
الأثنين 29-6-2009م
عبد الهادي قاشيط

تطالب المشرفة على صفحة الرسم بالكلمات بإحداث كليات للإبداع، وقد عنونت زاويتها الأسبوعية تلك بـ(تحرش أدبي) ثم طرحت المقترح للمداولة والنقاش وإلا ستعتبرنا موافقين بالإجماع.

وإذا كانت الأديبة تود إثارة وتحريك بعض مياه الثقافة عن طريق إحداث جدل أدبي وصحفي من نوع ما، والجدل بالمحصلة النهائية يدفع إلى تلاقح الرؤى والأفكار، مما يصب في خدمة الأدب والثقافة فقد نجحت وبامتياز، أما إن كانت جادة بمقترحها فهو أمر يدعو للرثاء فالمقترح ولد ميتاً لأنه أساساً لا يمتلك دعائم ومقومات يرتكز عليها فالإبداع حالة خاصة خارجة عن إرادة الإنسان، لا يملك زمامها سوى من خصه الله بالموهبة، ويقيناً إننا لو أتينا بإنسان لا يملك هذه الخاصية، لا يملك هذه النفحة وأخضعناه لدراسات أكاديمية لعشرات السنين لما أفلح، ولما تشكل لدينا شاعر، أو شبه شاعر، أو حتى مشروع شاعر، إما إن كان ولابد فشاعر فاشل، شاعر بشهادة جامعية.‏

الإبداع شيء يخص الروح ولا أدري كيف سمحت الزميلة لنفسها أن تشبهه بمهن مادية لا تمت للروح بصلة كالطب والهندسة والمحاماة... مع احترامنا طبعاً لجميع المهن لكن الإبداع شيء آخر مختلف تماماً، فالقصيدة عندما تأتي لا تشبه سوى السيل الجارف، الطوفان، الإعصار لا قبل للمبدع أو لأي أحد آخر أن يوصد الأبواب في وجهها بل إنها تجتاح الكيان بكليته، كل ما ذكرته الزميلة ينطبق عليه وصف المهنة إلا الإبداع فكيف تساوي هذه بتلك، القصيدة تأتي في الشارع في العمل ، صباحاً، ظهراً، عصراً، في منتصف الليل، أول الصباح لا تدري أين ومتى تأتيك وربما تحتجب عنك أياماً وشهوراً، وربما سنين، الفرق بين المهندس والمبدع أن الأول له أوقات دوام محددة متى انتهى من عمله ألقى الهندسة خلف ظهره وقفل عائداً إلى سكنه وهدوئه أما المبدع فعلى العكس تماماً، كل حياته دوام بدوام، فالإبداع هاجس يمتطي الإنسان من رأسه حتى أخمص قدميه.‏

ما من شك بوجود الكثيرين من عديمي الموهبة أو أرباع الموهوبين امتطعوا هذه العجلة سعياً وراء الشهرة والأضواء إلا أن غربال الأدب والزمن كفيل بهذه النماذج التي لا تلبث أن تنطفئ، في المحصلة الإبداع إنما يدل على روح الله ويبقى أهم من كل ما تقدم أن المهن التي ساقتها الاستاذة كشواهد تتكئ على الربحية باستثناء الأدب والعكس تماماً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية