بعد أن أنقذها الأطباء الجراحون من المنظر البشع والتشوه الكبير لوجهها نتيجة التهام كلبها أنفها وفمها وذقنها خلال النوم.
والواقع: إن الوجه علامة فارقة، يحتفظ بتاريخنا، وينبىء عما تعرضنا له من مصائب في حياتنا، بل ربما يُظهر شقاء حياتنا أو نعيمها، لأنه يسجل ماضينا دون تحريف أو تزييف، وقد قررت الأبحاث الطبية و السيكولوجية أن الوجه حقاً مرآة النفس.. يقول الدكتور جايلورد هاوزر: «إن وجهك هو رسولك إلى العالم، ومنه يمكن أن يتعرف الناس على حالك، بل يمكنك إذا نظرت إلى المرآة أن تعرف حالتك تحديداً، وأن تسأل وجهك عما يريد وما يحتاج إليه».
انطلاقاً من ذلك تطورت جراحة التجميل لدرجة كبيرة جداً في السنوات الأخيرة، وأصبحت إمكانية زراعة الوجه مسألة قابلة للتحقيق، عبر أنامل الجراحين السحرية، وقد طُور هذا النوع من الجراحة لحل مشكلات علاج تشوهات حقيقية قد يعاني منها الإنسان، وخاصة بعد التعرض للحروق المدمرة لبشرة الوجه أو الأنف أو العينين أو الإصابة بأورام سرطانية متقدمة.. هذه التشوهات لا تؤدي إلى بشاعة الإنسان فحسب، بل يمكن أن تؤدي إلى اضطراب وظائف الجهاز التنفسي والأجهزة المحيطة بالوجه.
ومما لاشك فيه أن إجراء عملية زرع الوجه هي إنجاز طبي هائل، إلا أن هذه العملية تثير جدلاً كبيراً، لأنها تنطوي على مخاطر طبية ونفسية واجتماعية وأمنية.. كما أن هناك مقاومة قوية في ثقافتنا أن يقبل الإنسان أن يهب الكلى أو الكبد أو القلب.. فكيف إذ طُلب منه أن يهب وجهه الذي هو جزء من شخصيته، هنا تكمن الصعوبة!.
إن أنصار هذا التوجه من الأطباء يعدون بتحقيق السعادة المطلقة لمرضاهم الجدد الذين يطلقون عليهم «اسم مابعد الإنسان» لكن الفريق المعارض لمثل هذه العمليات يحذر من أن ترك الأمور على حالها سيتسبب بكارثة إنسانية ومروعة وغير مسبوقة بل لن يكون ثمة لاحق لها، لأنها ستنهي كل الحضارة الإنسانية. ترى من نصدق؟ وعود مابعد الإنسانيين الزاهية، أو وعود أعدائهم الداكنة.
السؤال يبدو لاطائل له.. لأنه لاتوجد أي حدود أو سدود في وجه تقدم العلم إلى حيث يشاء، لأن البشر لن يرفضوا إغراء تغيير طبيعتهم برمتها، إذا ما اعتقدوا أن ذلك سيشطب آلامهم أو يخفف معاناتهم.
الدليل أن إيزابيل دينوار الفرنسية قبلت بمثل هذه العملية التجميلية الجريئة والخطرة واستأنفت حياتها الطبيعية والعملية، وارتسمت على فمها البسمة المشرقة والساطعة..