وللتعرف على طبيعة عملهم وملامسة همومهم والمصاعب التي يواجهونها اقتربنا منهم علّنا نساهم في تسليط الضوء عليهم قدر الإمكان....
بداية التقينا السيد جمال حداد رئيس فرع التدريب لفوج إطفاء دمشق الذي أوضح أن مهمة رجال الإطفاء هي مكافحة الحرائق والحد من انتشارها فضلا عن عمليات الإنقاذ.
لياقة بدنية عالية....
ويتابع السيد حداد بأن رجل الإطفاء يجب أن يتمتع بلياقة بدنية عالية تؤهله للعمل الصعب الذي يقوم به وتتوفر به أثناء التقدم للاختبار، مؤهلات علمية (ثانوية عامة) ومؤهلات بدنية عالية.
أما شروط التعيين فهي النجاح باختبارات تتضمن الجري لمسافة 200م بزمن معين لايزيد عن 27 ثانية وصعود جبل لمسافة خمسة أمتار كذلك صعود سلم أي ارتفاع خمسة طوابق وحمل أوزان بوزن لايقل عن 60كغ وأخيرا السباحة والغطس ومن لايجيد هذه الشروط يعتبر راسبا.. إضافة إلى الاختبارات الثقافية العامة.
بعد النجاح يتم إخضاع الناجحين لدورة في مركز فوج الإطفاء عن علوم ومبادىء عمل الإطفاء من قبل مدربين لديهم الخبرة العالية مدتها ثلاثة أشهر وتتضمن تدريبا نظريا وعمليا وتدريبا مسلكيا وأنظمة خدمة إضافة إلى السباحة في مسابح خاصة بفوج الإطفاء وساحات وبرج تدريب وصالات رياضية مختلفة.
يتم فيها تأهيل العناصر على أعمال إطفاء الحرائق بمختلف أنواعها والإنقاذ المائي الطرقي والاسعاف الأولي وغيره. ومن ثم يتم فرزهم إلى مراكز الإطفاء المتواجدة لممارسة عملهم. وأضاف أن رجل الإطفاء بعد الفرز تجرى له دورة غطس في الكلية البحرية.
لدينا أحدث الآليات
وعن نوع الآليات المستخدمة أوضح السيد حداد أن فوج الإطفاء حديثا استخدم أحدث الآليات المتعددة المهام وصغيرة الأحجام والمتوسطة والكبيرة لتنفيذ المهام الموكلة له بالسرعة المناسبة ومن هذه الأجهزة... أجهزة الكشف عن المحاصرين تحت الأنقاض السمعية و البصرية- أجهزة الغطس والتخاطب تحت الماء- الكاميرات الحرارية التي تعمل ضمن الدخان والظلام للكشف عن الحرارة والأشخاص المتواجدين ضمن الحادث- أجهزة السلامة للعناصر في حال حدوث أي طارىء لرجل الإطفاء تعطي الإنذار بالخطر- إضافة إلى أجهزة التخاطب اللاسلكي ضمن المجموعة الواحدة وقوارب الانقاذ المزودة بمحركات وفرشات الإنقاذ ومصابيح الإنارة وبدلات الاقتراب والاقتحام .
السلامة المهنية متوفرة
وبيّن السيد حداد أن شروط السلامة المهنية متوفرة بالنسبة لرجال الإطفاء وتتمثل في المعدات الحديثة المستخدمة كاللباس الواقي من الحريق(سترة الإطفاء الواقية من الحرارة) وخوذات وقفازات إضافة إلى نطاق وجزمات واقية من الحريق.
ليس سوبر مان
عن هموم ومتاعب هذه المهنة حدثنا محمد القادري - مساعد سرية مناوبة بقوله: لكل عمل مصاعب ومتاعب ولكنها تتلاشى بالصبر والتحلي بالأخلاق والتقيد بالنظام، وعملنا كأي موظف عادي ولكننا نزيده بأننا نكسب إضافة للأجرة، الأجر عند رب العالمين لأننا ننقذ حياة الناس ونحافظ على أموالهم وممتلكاتهم ومن دون تلازم هذين الهدفين سيفشل رجل الاطفاء في أي مهمة يقوم بها.
ورجل الاطفاء ليس سوبر مان بل هو رجل عادي ولكن لديه هدفاً إنسانياً يسعى لتحقيقه، فهناك شعور عارم بالنشوة عندما نستطيع انقاذ حياة شخص وهذا كان سببا لاختيار هذا العمل، فقد تربيت في منطقة يجري فيها نهر وكنت أهرع لانقاذ أي شخص يسقط فيه.
في بحيرة زرزر غاب التخطيط
ويتابع بقول..وقد كنت من العناصر المشاركة في انقاذ الطالبات في بحيرة زرزر وما حصل هناك أنه وجدت المعدات، ولكن غاب النظام والتخطيط وصاحب الخبرة الذي يتدخل بخبرته بالوقت المناسب كذلك لم يتوفر عنصر الحماية الخاصة والأمان حتى يتسنى لنا الدخول للمكان.
حياتنا ليست ملكنا
عمل عناصر الاطفاء تحكمه طبيعة عمل مختلفة من حيث الدوام والمهام المطلوبة عن ذلك يقول النقيب وليد الشامي- قائد السرية الثانية: نظام العمل 24 ساعة متواصلة فنستلم المناوبة العاشرة صباحا ونسلمها للسرية المناوبة بنفس التوقيت من اليوم التالي والاستراحة لمدة 48 ساعة، لذلك فنحن بحالة سهر مستمر لتغطية الحوادث في أي وقت نتلقى فيه إشارة بمهام عمل مختلفة ومتفاوتة الصعوبة والنوعية ومن حيث امكانية السيطرة وأصعب المهام عندما يكون الحريق ضمن دمشق القديمة، بسبب ضيق الشوارع وطبيعة البناء القابلة للانهيار في أي وقت وكذلك تكمن الصعوبة في السيطرة على الحرائق في الأبنية الطابقية الشاهقة حيث يكون عدد القاطنين كبيرا، ويستوجب زمنا طويلا للاخلاء فنلجأ لاستخدام سلالم لانقاذ المحاصرين من الشرفات، وهذا أولوية في عملنا ثم يليه معالجة الحريق واخماده أما عن أخطر أنواع الحرائق فهي النفطية والغازية والمعامل كمعامل الدهان لاحتوائها على مواد كيماوية تصدر مواد سامة تؤثر على عناصر الفوج.
نواجه حوادث مؤلمة
ولدى سؤاله عن تأثير عمله على نفسيته قال: نواجه حوادث مؤلمة فنشاهد جثثا محترقة أو مختنقة نتيجة الدخان والغازات وهذا يؤدي إلى حالة توتر وأرق ليلي، فنحن في النهاية بشر ولنا مشاعر ماينعكس على حياتنا العائلية ولكن مادمنا نقوم بواجبنا نتأقلم مع هذه المصاعب والصدمات ونظرا لكوننا معرضين للاستدعاء في أي لحظة حتى ضمن الاستراحة نجد صعوبة بالتنسيق بين حياتنا العملية والخاصة، فحتى لو كنا في البيت نبقى في حالة استنفار نفسي وهذا ليس منة على الناس ولكن نحن كفوج اطفاء غايتنا انقاذ المواطنين وليس الظهور وادعاء البطولات .
أما ناصر برجاس- آمر زمرة انقاذ فيرى أن هذه المهنة تتطلب جهودا كبيرة وتفانيا في العمل ،وشابا يحب المغامرة والاقدام يقول: تعرضت لحالة نفسية شديدة نتيجة وفاة زميلي عبدو الحسين في حريق دمشق القديمة وقد انتشلت جثته بيدي فكان منظرا مؤلما أشعرني بالحزن والأسى فمهمتنا خطيرة جدا وكلما يقرع جرس النداء لأي مهمة نودع بعضنا قبل الصعود للسيارة ولدى خروجي من منزلي ترافقني دعوات زوجتي وأولادي بأن أعود إليهم سالما معافى.
فقدنا أغلى الأصدقاء
هي مهمة إنسانية بحتة ذات طابع عاطفي تنبع من الذات للتضحية وانقاذ الأرواح فرجل الاطفاء يهب حياته ونفسه من أجل الغير هذا ما قاله خالد حمود- آمر زمرة اطفاء وتابع بقوله: ما يؤلمنا أننا فقدنا أغلى الأعزاء والأصدقاء في عدة مواقع ومن الناحية المادية هناك تقصير بحقنا من حيث طبيعة العمل فلدي خدمة 22عاما ومع ذلك أتقاضى راتبا مقطوعا قدره 13 ألفاومع الحوافز يصل إلى 16 ألفا وهذا قليل قياسا لخطورة العمل فحياتنا معرضة للخطر كل يوم إضافة إلى ساعات العمل الاضافية التي تتجاوز 50-60 ساعة وهذا زيادة عن باقي عمال الدولة، ورغم ذلك لانتقاضى تعويضا اضافيا أو طبيعة عمل أو حتى بدل طعام أو وجبة غذائية وبدل مواصلات .
الإعلام مقصر بحقنا
طرح أحد عناصر الفوج تساؤلا مفاده : يخصص التلفزيون العربي السوري برنامجا عن الشرطة والشبيبة والطلائع، فلماذا لايتم تخصيص برنامج لفوج الاطفاء ليتم من خلاله تسليط الضوء على طبيعة عملنا وأهميته والعمليات التي نقوم بها ؟ حتى بالنسبة لرقم هاتف الاطفاء عندما يوضع في شريط الهواتف في أسفل الشاشة يجد المتابع صعوبة في مشاهدته وربما سيحتاج لنظارة طبية ليراه بوضوح والمطلوب وضع اعلانات توعوية هادفة عن مخاطر الغاز والكهرباء لتفاديها، وهمسة عتب نوجهها لسادكوب التي حذفت رقم الاطفاء من اعلانها رغم ضرورته القصوى.
نطمح لمزيد من التعويضات
وأخيرا كان لنا وقفة مع السيد العميد يحيى الفتال قائد فوج إطفاء دمشق الذي قال: إن مهنة الإطفاء مهنة نبيلة وبنفس الوقت شاقة وقاتلة ومهما منحنا عناصر الإطفاء من حقوق نبقى مقصرين بحقهم...وقد طالبنا بإعفائهم من ضريبة الدخل في عام 2004 وقد نال القبول بتصويت من أعضاء مجلس الشعب...
وحصلوا على تعويض مجموعه مقداره 8٪ ونحن نطمح لمزيد من التعويضات لقاء مخاطر العمل التي يواجهونها، كذلك يوجد تأمين على حياة الإطفائي... فإذا حصل له حادث أو وفاة يحصل على مبلغ قدره (400،000) ليرة سورية أو إذا أصيب بأحد أمراض المهنة فيأخذ مبلغ تقدره لجنة مختصة وكل ذلك تم بجهود من السيد المحافظ ووزير الإدارة المحلية ونحن نطمح بمزيد من المكتسبات.
ولدى سؤاله عن الإجراءات الوقائية المتخذة لتلافي الحرائق في منشآت الدولة قال العميدفتال: إنه يوجد لجنة حماية ذاتية كبيرة وإجراءات وقائية منها أدراج خارجية جانبية في كل مؤسسة مخصصة للمواطنين من أجل المغادرة بحال حصول حريق وذلك ضمن خطة إخلاء، ويوجد لجنة أخرى في المحافظة تذهب للمطابع وللمؤسسات الغذائية من أجل إعطاء التوصيات الوقائية.
نداء نوجههه لتسهيل عمل الإطفائيين...
ويتابع العميد الفتال قوله: الزمن محسوب علينا وعنصر الإطفاء ذاهب لمعركة هي التصدي للنار وانقاذ الأرواح، وانطلاق عناصر فوج الإطفاء السريع ضروري لذلك والتعاون مع المواطنين ضروري عندما يسمعون نداء الإطفائي بإخلاء الطريق أمامهم لأن العرقلة تنعكس عليهم وعلى عملهم.. وأشكر شرطة المرور الذين يتعاونون معنا في فتح الطريق أمام سيارات الإطفاء.
انتهينا من البلاغات الكاذبة
وبالنسبة للبلاغات الكاذبة عن حريق أوضح فتال أنه لديهم /53/ بلاغا كان كاذبا في عام 2008 بمعدل شهري 4،4 وأغلب المتصلين من المراهقين أو ممن يعاني من فراغ، وقد انتهينا من هذه المداعبات المزعجة بعد أن أصبح لدينا كاشف على 113 وستحذو بقية المحافظات حذونا.
مطالب مشروعة
كان اقتراح كل من التقيناهم تشكيل لجنة خارجية للنظر في هموم الإطفائيين على حقيقتها.
تأمين سكن جماعي لهم
إعادة النظر بطبيعة عملهم وبدل الطعام
تثبيت الضباط الذين على رأس عملهم بمراسيم جمهورية فهم يعملون بعقود سنوية.
وبحال استشهد أحد منهم فإن عائلته لاتحصل على أي تعويض.