ويشكل هذا الانسحاب خطوة مهمة تمهد لاندحار الاحتلال، وتعيد السيادة الكاملة للشعب العراقي على أرضه، وهو يأتي بالدرجة الاولى كنتيجة حتمية لمالقيه المحتل من مقاومة شعبية كبدته الخسائرالجسيمة، ويحق للعراقيين أن يعتبروه انجازاً على طريق التحرير، ولكنه في المقابل يرتب مسؤوليات وتحديات كبيرة، وعلى الحكومة العراقية وقادة الكتل السياسية أن يرتقوا إلى مستوى هذه التحديات.
ولاشك أن الوضع الأمني سيكون التحدي الابرز، فالمستفيدون من بقاء الاحتلال، ومن لايريدون للعراق استعادة حريته، والذين يعملون وفق أجندة أميركية - صهيونية سيعمدون لزعزعة الاستقرار وخلق الفوضى، والتفجيرات الارهابية المتواصلة وماتخلفه من ضحايا خير دليل، كذلك فإن الوحدة الوطنية والتي تعتبر الطريق الوحيد في طرد المحتل مهددة بموجات العنف المتصاعدة، وهذا يفرض على الجميع العمل وفق رؤية وطنية لمواجهة الأخطار.
خطوة الانسحاب تلك والتي تتزامن مع احتفالات العراقيين بإحياء ذكرى أول ثورة شعبية في تاريخ العراق الحديث في الثلاثين من حزيران عام 1920 ضد الاحتلال البريطاني، يجب أن تجعلهم ينظرون بعيون الأمل والتفاؤل نحو المستقبل، بعد أن عانوا الكثير من الويلات والمآسي خلال ست سنوات من الاحتلال.
وعلى العراقيين ازاء ذلك الالتفاف حول مشروع وطني جامع تشترك فيه جميع المكونات السياسية، وتشكيل جبهة موحدة تعالج أمور البلاد وتعمل على استكمال التحرير،حيث إن المزاعم الاميركية بشأن الانسحاب الكامل يغلفها الكثير من الشكوك، وستجد الادارة الاميركية دائماً الذرائع الواهية لاطالة أمد الاحتلال، وبالنهاية فإن المحتلين لن يخرجهم سوى العراقيين أنفسهم.