وكان محقا عندما دعا سورية إلى وقف تصدير ما سماه الإرهاب والالتفات إلى استيراد الديمقراطية من المتجر الأميركي!
نعم وبكل وضوح ودون أدنى حد من الحياء يعرضون علينا بل يجبروننا على استيراد بضاعتهم الفاسدة ويريدون لشعوبنا أن تقبل بها وهي سم قاتل ولا أدري هل توجد ابتكارات في العالم أحدث من ذلك!
( استورد سمك واقتل نفسك فيه قبل أن نصل إليك ونقتلك بديمقراطيتنا وحريتنا)
إنه الاعجاز الأميركي في الابتكار والاختراع وله يجب أن ترصد أحدث الجوائز العالمية في التاريخ البشري.
ويوما بعد آخر تطالعنا الأخبار والدراسات والكتب والمشاهد السينمائية والتلفزيونية بالجديد من دروس الحرية والعدالة وفنون التعذيب في السجون والتلذذ في قتل الأبرياء والأطفال والشيوخ, ومشاهد هدم البيوت فوق رؤوس أصحابها إلى التفنن في التفجير وصناعة الارهاب وتخريب المؤسسات وهدم المساجد على رؤوس المصلين وغيرها الكثير.. الكثير.
ومنذ يومين وصلت إلينا دفعة جديدة من الصادرات الأميركية (المعدة خصيصا) للعرب وهذه المرة موجهة للإعلام العربي, فهو بات على قدر من التكنولوجيا والحرفية لمنافسة وسائل التضليل الشامل التي اعتمدوها منذ غزوهم للعراق وما قبل,وهو قادر بل ساهم إلى حد كبير في فضح ممارساتهم سواء أيام غزوهم لأفغانستان أو العراق أو ما يخططون له من غزوات جديدة.
هذا الاعلام المتمثل ( بقناة الجزيرة) أصبح هاجسا عندهم, ما اضطر وزير دفاعهم رونالد رامسفيلد للتهجم على قناة الجزيرة واصفا إياها بالمساهمة في إثارة المشاعر ضد الأميركيين وتقديم معلومات مضللة عن حقائق ما يفعل الجنود والقادة والساسة الأميركيين في العراق!
وطالبوا الحكومة العراقية بمنع هذه القناة من البث والنشاط في الداخل العراقي بعد أن وجهوا لها ضربات مؤلمة, سواء قصف مكتبها في بغداد أو قتل محررها طارق أيوب, وبعد أن مارسوا هذه المهنة القذرة مع مكتبها في أفغانستان وأوصلوا أحد مديري مكاتبها إلى السجن بتهمة التعاون مع أسامة بن لادن ( تيسير علوني).
واليوم كشفوا لنا عن خطة سرية عرضها بوش بنفسه لقصف مقر قناة الجزيرة في قطر ومكاتب أخرى ,أبلغ بها حليفه طوني بلير إلا أن الأخير حذر من هذا العمل, أولا لما سيجلب من نقمة وغضب عالمي, وثانيا وههو الأهم لأن مكتب الجزيرة أو مركزها في قطر يقع في حي تجاري كبير معظم ساكنيه من الجالية البريطانية!
وهذا ما لا يقدر طوني بلير وإدارته على تحمل نتائجه.
الوجبة الجديدة من المستوردات الأميركية التي كشفت عنها صحيفة الديلي ميرور البريطانية يمكن تصنيفها تحت اسم ( الشجاعة الفريدة).
وهذه ليست مزحة أو قصة خيالية إنها اعترافات بريطانية لمسؤول كبير سرب الوثيقة, ويخضع حاليا للاستجواب هو والذي تسلمها ونشرها في صحيفة الديلي ميرور بتهمة نشر أسرار الدولة.
وأكدها النائب البريطاني السابق طوني بن قائلا: إنها صحيحة مئة بالمئة, كما لم تنف أي مصادر بريطانية ذلك وهي اليوم تثير جدلا وغليانا شعبيا ورسميا في شوارع ومحافل العالم أجمع.
أما الطبق الآخر من الوجبة المسماة ( الشجاعة الفريدة) فكان الذي حصل أمس أثناء احتفال أقامته القوات الأميركية والحكومة العراقية في تكريت لتسلم وتسليم قصور رئاسية هناك, وعلى المنصة الرئيسية يجلس ممثلون عراقيون للحكومة والسفير الأميركي في العراق وقيادات عسكرية أميركية.
وأثناء إلقاء كلمة لأحد الضباط الأميركان وهو مدجج بالسلاح والدروع العراقية وخوذة الرأس يسمع صوت انفجار ( قذيفة تسقط في ساحة القصر) فما كان منه إلا أن ترك المايك وجلس على ركبتيه تحت طاولة المنصة وانسحب زاحفا إلى الخلف وهرب من مخرج جانبي ليقوم بعده أكثر من 20 جنديا وضابطا مدججين بالسلاح والدروع العراقية أيضا ويهربون من الجانب الاحتياطي للمنصة رغم تحليق طائرات الأباتشي فوقهم على علو منخفض جدا ورغم وجود قيادتهم السياسية ممثلة بالسفير زلماي ودون أن يكترث أحد لآخر, وهكذا ليلحق بهم باقي المسؤولين العراقيين وتنتهي مراسم الاحتفال في القصر المحرر!
حقا كان مشهدا عجيبا من الشجاعة الأميركية المتفردة ولن يكون الأخير, فالأيام القادمة ستكشف لنا المئات من المشاهد سواء المرعبة أو المضحكة الغريبة أو المتناقضة لكنها جميعها سلع أميركية, يراد أن تغزو بلادنا وتحل مكان قيمنا وتراثنا..
نعم يحصل ذلك وسوف يتواصل وكأن عالمنا المعاصر يريد إثبات حقيقة الأساطير التاريخية في الماضي.. أو ليست هذه من الحكايا التي ستقول عنها الأجيال اللاحقة إنها أساطير..!!