فما العمل لإنقاذها من ذلك خصوصا وأن التحديات المفروضة على صناعتنا من تحرير التجارة العربية والدولية وإلغاء نظام الحصص من قبل منظمة التجارة العالمية على دول أوروبا وأمريكا لصالح الصين ودول آسيا
والسؤال : من يتحمل المسؤولية في ضعف التسويق الخارجي هل هي شركات الغزل والنسيج أم المؤسسة العامة للصناعات النسيجية أم ظروف أخرى خارجة عن إرادة الجميع ?
للإجابة على هذا السؤال الهام وغيره نتوقف مع رجل الأعمال المغترب السوري عمر بسام عرب الذي سبق لنا في الثورة أن تحدثنا عن نشاطاته في ترويج الغزول السورية في ألمانيا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام ..
* بداية .. هل تحدثنا عن سبب زيارتك وهل لها علاقة بتسويق الغزول السورية في أوروبا ?
** نقوم بزيارتنا هذه تضامنا مع وطننا في مواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية و ضمن وفد المغتربين السوريين في ألمانيا الذي يضم إعلاميين وسياسيين ورجال أعمال , وقمنا بزيارة عدة جهات رسمية وشعبية أهمها رئاسة مجلس الشعب ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات المعنية وعبرنا خلالها عن تضامننا كجالية في المغترب مع وطننا الأم وإطمئناننا إلى قوة شعبنا وقيادتنا السياسية لمواجهة هذه الهجمة الشرسة التي تحاك ضد الوطن نظرا لمواقفه القومية المشرفة تجاه مخططات تقسيم المنطقة والهيمنة عليها,
كما عبرنا لمن قابلناهم عن دور المغتربين الهام والحاسم في تعزيز صمود سورية وشرح مواقفها العادلة في بلاد المغترب , ونتائج هذه الزيارة ستكون هامة لشرح موقف سورية للرأي العام الألماني ولتعبئة المغتربين في أوروبا ليقوموا بدورهم المنتظر لاسيما على الصعيد الإعلامي .
* هل تطرقتم خلال لقائكم مع المسؤولين للقضايا الاقتصادية ولقطاع الغزل والنسيج في هذه الظروف الصعبة ?
** نعم تطرقنا للمواضيع الاقتصادية وشرحنا للمسؤولين والجهات الوصائية ما لاحظناه من وجود بوادر المقاطعة الواضحة والغير المعلنة على البضائع السورية من خلال عدم تنفيذ الحوالات وا لاعتمادات بالدولار الأمريكي للشركات الأوروبية عن طريق نيويورك ويجب علينا استباق الأحداث والتفكير السريع بإرسال كميات كافية من الغزول القطنية السورية كمخزون إستراتيجي توضع بكمية كبيرة في الموانئ الأوروبية لتأمين حاجة الشركات التي تتعامل مع سورية بشكل متواصل وعدم فقدان السوق الأوروبية الذي تم بناؤه خلال عشر سنوات , وهذا ما نسعى إليه في شركاتنا وسوف نقوم بتقديم اقتراح لحل هذا الموضوع بالسرعة الممكنة وفي الاتجاه الآخر لابد من تحسين النوعية وتحسين أداء الشركات ليبقى الغزل السوري مطلوبا في الأسواق الأوروبية دون انقطاع وأن يرافق ذلك حضور المعارض الأوروبية الكبرى مثل معرض فرانكفورت الذي يقام في الشهر الأول سنويا وغير ذلك من وسائل الترويج .
* ما هي نوعية الملبوسات لشركتكم وهل لها ماركة معروفة ?
** حبي للأقطان جعلني أختار مجموعات الأزياء من القطن الطبيعي وكان قسم التصميم يهتم بشكل خاص بالأزياء الشبابية والرياضية ولكن لم نعمل ضمن ماركة خاصة بنا وإنما لصالح ماركات عالمية توزع على كافة المجمعات التجارية الكبرى مثل :karstadt C& A METRO KAUFHOF وغيرها إضافة لمجمعات )كارفور( في فرنسا و(ميغروس ) في سويسرا
وهذه الأزياء ظلت تصنع لصالح شركتنا وفق النمط الغربي في كل من تركيا والهند وباكستان وتايلاند والصين , وحصلنا على جائزة المصدرين الكبار عام 1984 من تركيا حيث بلغت الشركة في هذا العام أوجها في ألمانيا وحققت نجاحات كبيرة وأصبحت حجوم مبيعاتها بمئات الملايين من الماركات الألمانية .
* لماذا لم تبدؤوا مباشرة بماركات خاصة بكم ?
كوني مغتربا ورغم أنني كنت متخصصا وذا خبرة جيدة وواثقا من نفسي إلا أنني كنت في البداية أخشى من ظروف الغربة من جهة والخوف من استهدافي كعربي سوري لذلك فضلت العمل في البداية بترخيص ماركات معروفة وعملت شركاتي عدة سنوات لتلك الماركات ولقيت النجاح المطلوب وبذات الوقت أصبح لنا خبرة واسعة في الأسواق الألمانية والأوروبية
* بعد مرور عشر سنوات من كونكم وكلاء للغزول السورية بأوروبا حدثنا عن شركاتكم واختصاصاتها ?
** قمنا بإنشاء شركة في ألمانيا متخصصة بتسويق الغزول والمنسوجات السورية إلى دول أوروبا وأطلقنا عليها اسم ) سيريانا تكس تايل ) وتكمن أهمية هذه الشركة بأنها جزء من مجموعة شركات ألمانية لمغترب سوري يحمل الجنسية ألمانية وهي جسر هام ضمن الشراكة المتوسطية - السورية حيث تطمح سورية إلى الإسراع بتطبيق هذه الشراكة في وقت لا تتجاوب بعض الدول الأوروبية نظرا للظروف السياسية
وبذلك تنضم هذه الشركة الجديدة التي تقع في المنطقة الصناعية قرب مدينة آخن إلى مجموعة شركاتنا والتي تشمل خمس شركات في عدة مناطق بألمانيا بينها شركة تمويل خاصة مسجلة لدى الحكومة الألمانية , إضافة إلى عدة شركات تسويق تابعة للمجموعة في ألمانيا نفسها وفي إيطاليا والبرتغال وأسبانيا .
* وهل تجربتك في التعاون الاقتصادي مع الوطن يمكن تعميمها على باقي المغتربين السوريين ?
** بالطبع هذا هو المطلوب خصوصا وأنتم تعرفون أن الجالية السورية في أوروبا لها فعالياتها السياسية والاقتصادية وتمتلك إمكانيات كبيرة وأعتقد إن الاستفادة من خبرة المغتربين وشركاتهم ورؤوس أموالهم أمر في غاية الأهمية لاسيما للجالية السورية في ألمانيا حيث يمكن تطوير المنتجات السورية وتسويقها إلى قلب أوروبا , وذلك على غرار التجربة التركية التي انطلقت صناعتها وسياحتها عن طريق الأتراك المقيمين في ألمانيا
* نعود لنتحدث عن الغزول والنسيج السوري .. على ضوء تجاربكم ما سبب ضعف التسويق الخارجي لها ?
** برأيي ان السبب الأساسي يعود لضعف الإدارة وأسباب داخلية للشركات والوزارات والجهات الوصائية , ولقد كانت أول زيارة لي إلى سورية عام 1989 بعد غياب دام عشرين عاما والتقيت آنذاك وزير الصناعة ومدير الصناعات النسيجية وقمت بجولة على معظم شركات الغزل والنسيج والألبسة الجاهزة لاسيما في دمشق وحلب وحماة
وبعد إطلاعي على واقع العمل في هذه الشركات وخطوط الإنتاج ومقابلة المديرين العامين ومديري الإنتاج , شعرت بحجم الكارثة التي سوف تحل على هذه الشركات إذا لم يتم تلافي التقصير في مواكبة التطورات العالمية في هذا القطاع الهام جدا للاقتصاد السوري حيث كنت أصنع الألبسة الجاهزة في دول الشرق الأقصى وتركيا واستورد منها الغزول القطنية والنسيج القطني
وقارنت نوعية منتجات الغزول القطنية وكيفية التعامل معها بدءا من قطاف القطن وتشويهه بالشعيرات الغريبة أثناء التوضيب حيث تترك أثرا من الخيوط الصنعية / بولي بروبلين / ومناديل عاملات جني القطن حيث يكفي منديلا واحدا أو شريطاً من الخيوط الصنعية ليشوه عشرة آلاف كيلو غرام من الغزل التي ثمنها أكثر من 25 ألف دولار وهذا يحتاج إلى التوعية والإرشاد الصحيح ويوفر جهود كبيرة لتنقية المواد الغريبة
ولهذا أرى أهمية معالجة تدني مستويات الجودة في الكثير من الشركات السورية الذي جعل نوعية منتجات الغزول متوسطة بدلا من أن تكون جيدة وممتازة ما يعيق التصدير ويؤدي إلى تدني الأسعار.
* وهل تدني النوعية هو السبب الوحيد ?
** لا .. هناك أسباب أخرى لضعف الاستجرار من قبل شركات تصنيع الألبسة الأوروبية نظرا لنقل معاملها إلى خارج القارة الأوروبية ما يتطلب من سورية التركيز على المرحلة الثانية وهي مرحلة تصنيع النسيج عوضا عن تصدير المواد القطنية خاما وهذا يؤدي إلى قيمة مضافة ويحل بذات الوقت مشكلة مخازين الخيوط القطنية والغزول
ويضاف إلى ما سبق تدني الأداء الإداري في الشركات وعدم المقدرة على فهم الأسواق والتفاعل معها بشكل سريع إضافة إلى الروتين والبيروقراطية مما جعل شركات التسويق تعزف عن التعامل معها .
كذلك هناك سبب آخر وهو عدم الانسجام في التسويق الخارجي بين الشركات والوكلاء ودخول المصالح الشخصية على حسب المصلحة العامة .
* البعض يتهم الشركات والبعض الآخر مؤسسات العامة للصناعات النسيجية فماذا تقولون ?
** كنت في السابق من مؤيدي مبدأ ) ألإدارة بالأهداف ) في الشركات والتقليل من دور المؤسسة التي كانت مهيمنة على الشركات ومعيقة لنشاطها التجاري في أغلب الأحيان من كثرة المراسلات وتبادل الكتب , إلا أنني وبعد التجربة أصبحت أؤمن بأنه يجب أن تلعب المؤسسة دورها كشكل مجموعة شركات لأن الشركات بمفردها لا تستطيع تسويق منتجاتها ولا ضبط النوعية بالإضافة إلى التفرد بالقرارات
وتصبح المؤسسة كشركة أم من ضمنها شركات متعددة على مبدأ ) holloling ) وهو يعتمد على مجموعة شركات بقيادة شركة واحدة فيها قسم للتسويق وقسم مالي وقسم مراقبة وقسم فني , وتدار هذه الشركة الأم حسب المعايير الأوروبية بالإدارة على مبدأ تحقيق الربح مع إعطائها فرصة لإعادة الهيكلة تباعا علما بأن طرق إعادة الهيكلة المسمى بالتجديد على الطريقة المتعارف عليها في سورية لم تنجح وسببت في خسارات أكبر من الربح المتوقع