أحبّت صغيرةً صنع مساكن غريبة وأشباه البشر من العصي وبكرات الخيطان، وتتابع اليوم هوسها بنهاية العالم بكتاب ثالث بعد «أوريكس وكريك» في 2003 و «سنة الطوفان» في 2009. تحكي مارغريت أتوود بقاء القلة من البشر بعد تفشي وباء من صنعهم في «ماد آدم» الصادرة عن بلومزبري. تخترع الكاتبة الكندية مخلوقات غريبة تتقاطع فيها الأجناس، وتضيف إلى حصيلة الأدب منها منذ «سيّد الخواتم» لتولكين. هناك ذئاب-كلاب، أفاع-جرذان وخنازير أعطيت في المختبر نتفاً من دماغ بشري لتكثّف قدرتها على الدمار. لا تكتفي أتوود بهذا القدر من الرعب، بل تزيده بالسجناء السابقين الذين أُميتوا عاطفياً وبُرمجوا لكي يقاتلوا حتى الموت على طريقة المصارعين الرومان. يتمركز هؤلاء خارج مخيم الناجين، ويمثّلون أقصى درجات العنف البشري. وتقابلهم الكاتبة بـ «الكريكر» الذين هُندسوا بيولوجياً ليشكّلوا جنساً مؤنسناً بديلاً خالياً من العدوانية والمنافسة لا يلبث أن يكتسب صفات غير متوقعة وسط المناخ العدائي حولهم. يُضطرّ البشر إلى التحالف مع الخنازير للبقاء، وتظهر صيغ جديدة من الوجود
تصرّ أتوود على أن الرواية لا تنتمي إلى الخيال العلمي، وتتمسّك بالأمل عبر علاقة تريدها مربية النحل الشافية حباً في حين لا يروم الشاب منها إلا الجنس. انتسبت توبي إلى حركة «بستانيو الله» الهيبية المنحلّة التي تحالفت مع سحرة الكومبيوتر والإرهابيين البيولوجيين السابقين المعروفين بـ»الماد آدميين» وعشقت تائباً منهم. تساعد «الكريكر» على فهم أصلهم والأحداث بلغتهم الطفولية، الساذجة، وتعلّم أحد أطفالهم (بلاكبيرد) القراءة بعد أن شاهدها تكتب يومياتها، وشعر بالفضول إزاء الخربشة على الورق. يصبح مؤرّخ جماعته، ويكتب بلغة شعرية غريبة، وبحبر صنع من قشر الجوز والخل والملح ليؤكّد أهمية الأدب.
تصغي توبي إلى حبيبها يتباهى ببطولاته الماضية في اختراق المواقع الإلكترونية، ويبحث هذا في «التشاتروم» عن صديقه المحبوب الضائع آدم، النابغة في علم الكومبيوتر وأحد مؤسسي «بستانيو الله». ينطلق مع توبي، بلاكبيرد وسنومان، بطل «أوريكس وكريك» إلى الغابات بحماية الخنازير المروّضة لمعاقبة السجينين- المصارعين الأخيرين، ويعثر على صديقه مصاباً بجروح بليغة.
***
قناة تلفزيونية ألمانية
توصل الفن للعالم
إنها قناة تلفزيونية تعرض الفن فقط، بلا موسيقا، وبلا أي تعليق. القناة المتواجدة في برلين تلعب نفس الدور الذي يمكن لمتحف فني أن يلعبه. كما لهذه القناة برنامج موجه للعالمين العربي والإسلامي، إذ يحترم خصوصية المنطقة العربية.
سيكون بإمكان المُشاهد تناول الفطور وهو يشاهد تمثال نفرتيتي، أو الحديث في الفن وهو يحتسي مشروباً مع أصدقائه، كما يمكنه مشاهدة أعمال الفنان الأمريكي أندي وارهول وهو يعد طعامه، فكل ما يحتاجه كومبيوتر أو تلفزيون متصل بالانترنت، لكي يصل الفن إليه -وهذه هي فكرة قناة «إيكونو تي في»- التي تقول عنها مؤسستها إليزابيث ماركفيتش أن مشاهدتها أفضل من زيارة متحف فني، مشيرة إلى أنه «في المتحف لا يجد الزائر عادة الوقت الكافي لمشاهدة كل الأعمال الفنية بهدوء، وخاصة الفيديوهات الفنية التي تطول مدة عرضها». وتتابع صاحبة القناة: «ربما لا توجد دائماً أماكن للجلوس، وهناك بعض الناس الذين يحجبون الرؤية، أما في البيت فالأمر أفضل بكثير»
لا تتطلب مشاهدة هذه القناة التلفزيونية معرفة بتاريخ الفن، وإنما تكفي متابعة مشهد بسيط لكي يتابع المرء الفيلم القصير بحماس.»انظروا إلى نفرتيتي» تقول ماركفيتش، وتتابع:» اتجاه الكاميرا يتحرك من تحت الرقبة إلى فوق باتجاه الوجه. الفيلم يظهر تمثال نفرتيتي بشكل لم يظهر به من قبل. تظهر نفرتيتي بشكلها الإنساني حتى يشعر المرء أنها حقيقية فعلاُ»
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن لقناة تعرض الأعمال الفنية أن تحقق الربح المادي خاصة وأنها تعرض اللوحات دون تعليق والمواد الفنية بدون صوت؟!
ومن أهم مصادر تمويل القناة هي الإعلانات التي تعرضها عن متاحف وعن أنشطة مؤسسات ثقافية كبيرة. وذلك إلى جانب الإعلانات التي تعرض بشكل صامت وهادئ، وإذا أراد متحف ما في أي مكان في العالم الإعلان عن تظاهرة فنية ينوي تنظيمها، فإنه يختار قناة «إيكونو» لذلك الغرض، لكونها معروفة ومحبوبة لدى عشاق الفن والمتاحف، كما تقول المسؤولة عن القناة. كما يمكن للمشاهد مقابل حوالي اثنين يورو أن يحمّل أحد الفيديوهات ليعرضها على تلفزيونه الرقمي، فهي بالفعل معدة بشكل فني راقٍ.