صموئيل بيكيت، وآدموف، ويونسكو، وآرابال، الذين تأثروا بألبير كامو وروايات تيار الوعي.
انبثقت هذه المدرسة كرد فعل على العقلانية التي أوقعت الإنسان في كثير من الحروب، وحولته إلى أرقام وعلبته في إطار مادي، وسرقت حريته، واستعبدته عندما نظرت إلى الإنسان من منظور المنطق واليقين والإنتاج الرأسمالي، وليس باعتباره روحاً وعاطفة. بحيث حولت العقلانية(المنطق) الإنسان إلى كائن مادي يعاني الفراغ الروحي ويفقد الاستقرار النفسي. كل هذا ساهم في ظهور مسرح اللامعقول والذي ثار على المسرح الأرسطي(أرسطو) كما ثار على الواقع الأوروبي عامة والحياة عامة. ويصور هذا المسرح التجريدي الحياة على أنها عبث ولامبالاة ودون معنى ولا هدف، وأصبحت الحياة عند كتاب هذا المسرح.. المتشائم والأسود، غير مفهومة وغريبة، وأصبح الجنون والاغتراب الذاتي والمكاني من سمات هذا المسرح.
يهدف هذا المسرح إلى الثورة على الأوضاع الفاسدة المتردية التي تجعل من الإنسان كائناً يائساً متشائماً يجتر أحزانه وهمومه، وينعي مصيره ووجوده العبثي، هذه المدرسة(مسرح اللامعقول) تعزف على البؤس واليأس والضياع والغربة والوحدة والعزلة بجو من التشاؤم النفسي والاجتماعي.
تتحول الشخصيات في مسرح اللامعقول إلى أشباح وكائنات ممتسخة ويكمن التجديد في هذا المسرح في استعمال الصمت ونقط الفراغ والتقليل من الشخصيات والهذيان والتأرجح بين التواصل اللفظي وغير اللفظي، والإكثار من المناجاة والموثولوج. ومثال حي ودقيق على هذا النوع من المسرح للكاتب يونسكو.
من خلال مسرحيته(أميديه) التي صورت الزوجين(اميديه ومادلين) وهما منعزلان في شقتهما لسنوات مع جثة في إحدى غرف البيت، تنمو الجثة حتى تملأ عليهما المكان، لقد حاول(يونسكو) في هذا النص أن يصور مأساة الرجل والمرأة اللذين لا يعرفان كيف يحبان بعضهما، ولايستطيعان أن يتبادلا حبهما، بسبب وجود الجثة التي تنمو (التي ترمز لاتساع البغضاء بينهما) إذ يصور يونسكو مأساة الإنسانية التي يبحث نصفاها وقد انفصل كل منهما عن الآخر ليشكلا كائناً واحدا دون جدوى.
(أميديه ومادلين) في رأي يونسكو هما آدم وحواء، أما الجثة فهي الخطيئة اعتمد كتاب هذا المسرح(اللامعقول) أسلوب التهكم، وقد برزت السخرية في هذا المسرح بوصفها سلاحاً قوياً في توجيه الازدراء إلى الرياء والنفاق في المجتمع، كذلك حاول كتاب هذا المسرح.. التعبير من خلال الحلم عن أفكارهم، لأنهم يعتقدون أن النزول إلى أعماق النفس يفسح المجال لعالم الحلم أن يجد طريقه مفتوحاً حيث يستقون منه الصور والذكريات المخزونة، التي تبتعد عن كل ما يتصل بالمنطق أو يخضع للعقل، وهم مؤمنون بأن عالم اللاوعي(خواطر وأفكار) هو تعبير صادق عن الحقيقة.
أبرز كتاب هذا الأدب( صموئيل بيكيت) (يوجين يونسكو)
وقد حاول بيكيت أن يطرح من خلال نصوصه المسرحية، أزمة الإنسان ووحدته ويأسه في المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا التشاؤم عند بيكيت جاء نتيجة إحساسه بعبثية الحياة وخلوها من أي منطق.
وذلك لأن أحداث الحياة « لها نفس الشكل المكرر والزمان- أحداث متتابعة لا معنى لها تندمج بلا وعي حتى يصعب تمييزها». في مسرحيتي بيكت (في انتظار غودو)و( نهاية اللعبة) نلاحظ فيهما ما تتسم به الحياة من تكرار ورتابة وانتظار، وزمن خامل ليس له تأثير، فالشخصيات الرئيسية (ستراجون)و(فلاديمير) في مسرحية( في انتظار غودو) و(هام) و(كلوف) في (نهاية اللعبة) يحاولون العيش لأن عليهم أن يعيشوا على الرغم من رفضهم الحياة ورغبتهم بالموت، لكنهم غير قادرين أن يقتلوا أنفسهم فيظلون يعيشون ضجراً وسأماً.