وليس موضوع سورية فقط فهو كرئيس اشتراكي بعكس فرانسوا ميتيران الذي حظي بتأييد واسع من الشيوعيين لايتمتع فرانسوا هولاند اليوم بتأييد هذه الأغلبية التي أوصلته إلى سدة الحكم حيث انقسمت الأحزاب اليسارية التي رشحته لرئاسة فرنسا على نفسها إثر اشتداد الخصومة فيما بينها وحددت شروطاً للسير وراء سياساته حتى أنه لم يعد يستمر في دعم هولاند سوى أنصار البيئة مع دخوله نفق المشاحنات مع حلفاء الأمس كما جرى مع سلفه ميتيران وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في فرنسا التي ستجري عام 2014 وقد بدأت تثير تلك المواجهات السياسية امتعاض هولاند الذي يتخوف من تراجع شعبية حزبه على غرار أسهمه التي يتوقع لها أن تنخفض العام القادم خلال الانتخابات المذكورة، وهي مصيرية بكل مافي الكلمة من معنى وكان هولاند قد أطلق تحذيرات مبطنة للأغلبية الحاكمة في باريس من خلال حثه قادتها على توحيد الصفوف ورصها في مواجهة تحديات 2014 ومفاجآته إثر خسارة الحزب الاشتراكي بشكل صارخ في الانتخابات التشريعية الجزئية في نوف لوت كما طلب شاغل الأليزيه من تلك الأغلبية إعادة تنظيم برامجها الانتخابية بعد أن ظهرت الشروخ على سطح الأحداث السياسية الفرنسية..
هذا في الوقت الذي لايخفي فيه أنصار حماية البيئة شكوكهم وحذرهم من توجهات قادة الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه هولاند وسيطرة هؤلاء القادة على مفاصل الحكم في فرنسا وقد حدد أنصار حماية البيئة عدداً من الخطوط الصفراء على غرار الضرائب المتعلقة بالبيئة وذلك للضغط على الاشتراكيين وتغيير سياسة رئيس حكومة باريس ايرلوت في الوقت الذي يقتحم حزب الجبهة الوطنية الساحة السياسية بقوة وعزم برئاسة مارين لوبن ليشكل ثاني حزب من حيث الشعبية بعد الحزب الحاكم وهذا ماأضعف اليمين الفرنسي وفي مقدمته حزب ساركوزي -شيراك مع تهديد الجبهة للاشتراكيين في معاقلهم وقد اعترف هولاند مؤخراً بالخطر المحدق بحزبه في خطاباته ومؤتمراته الصحفية بعد اندحار الاشتراكيين في بعض المناطق ولئن نجح فرانسوا ميتيران إبان حكمه في ضرب اليمين الفرنسي عن طريق تقديم الدعم لليمين المتطرف بقيادة جان ماري لوبن آنذاك إلا أن تلك المناورة تبدو شديدة الخطورة في أيدي هولاند اليوم مع إلحاح زعماء اليسار الفرنسي على ضرورة توحيد مواقف أحزابهم.
ومايخيف هذا اليسار هي الانتخبات الأوروبية القادمة من برلمانية وغيرها وكان الاشتراكيون قد سجلوا في العام 2009 نتائج مخجلة مع تقدم أنصار حماية البيئة على حساب خسارتهم لذلك بدأ هولاند يغازل أنصار الخضر لكسب ودهم قبل أواخر هذا العام وقد وجد المراقبون في تلك الخطوة اعترافاً صريحاً للرئيس الفرنسي يضعف مواقف الاشتراكيين الدفاعية وعجز هولاند عن توحيد اليسار خلف قيادته رغم بقاء الخضر داخل حكومة باريس ومناهضتهم لها على أكثر من صعيد.
لقد زاد ارتفاع وتيرة الضرائب خلال العام الحالي مع زيادة الضرائب الإضافية التزاماً مع مطالب بعض السينارتورات مثل سان جان فانسان بلاسييه صاحب زيادة الضرائب البيئية لحماية البيئة والحفاظ عليها من مخاطر العوادم وصيد الأسماك.
وينتقد بلاسييه هولاند علناً متهماً سياساته بالفاشلة مادفع هولاند لطلب مقابلته لكسب أصوات مؤيدي هذا المعارض بينما يواجه السكرتير الأول للحزب الاشتراكي هارلم ديزير مقاطعة قادة هذا الحزب التقليديين أمثال سيغولين رويال زوجة هولاند السابقة وزميلتها مارتين اوبريه كما يجد هؤلاء القادة ديزير ضعيفاً لاوزن له على الصعيد الشعبي. ويرى عدد من المعلقين أن جهود الاشتراكيين يجب أن لاتتوقف في الانتخابات البلدية عام 2014 أيضاً أن تنصب على الانتخابات الأوروبية العام القادم وأن تبذل كل الإمكانيات عند الانتخابات الإقليمية في المقاطعات لعام 2015 حيث سيحتاج هولاند لأغلبية رئاسية لبقاء حزبه في المقدمة والحزب الشيوعي حليف الاشتراكيين تبدو مصلحته واضحة في الحفاظ على هذه التشاركية من خلال وقوفه إلى جانب هولاند كذلك الأمر بالنسبة لأنصار حماية البيئة أي حزب الخضر الذي سيعمد للمزاودة على الاشتراكيين والضغط على سياسات باريس للحفاظ على مكتسباته فهل ينجح؟
بقلم: و يليم بلوم